العيد القادم لأطفال غزة - بقلم: شريف موسى

30.07.2014 03:50 AM

إلى أطفال غزة:

في العيد القادم لن يوقظ هدير الطائرات أمهاتكم من موتهن، ولن تخضّ قذائفهم قبورهن، فيستيظن فزعات. في العيد القادم ستنام أمهاتكن إلى الأبد، وقد اطمئنين أنكم لن تدفنوا إلى جوارهن صغاراً، وأنكم ما زلتم أحياء فوق الأرض. أو ربما كان أحد الأطفال الآن في قبره لا يستطيع النوم من هدير طائراتهم، وقذائفهم تهز مهده المدفون، فيصرخ: "أمي أمي، أنا خائف" فتأتي أمه جواره بعد القذيفة التي تلت صرخته".

في العيد القادم لن تقفوا خلف النوافذ، تنظرون صوب الأرجوحة، وكأنها فخ من فخاخ الموت. أو ربما تفعلون، لأن خوفكم من الأراجيح لم يزل، ولن يزول.

في العيد القادم ستركضون خلف أصدقائكم في الشارع، ستلعبون "الغميضة" "والزقيطة". ستحيا المنازل من رميمها، وستحيا الأرصفة. ولكن بعضكم لن يستطيع الركض في الزقيطة. فيقول: دعونا نلعب الغميضة. لكن صديقه سيرفض. فهو لن يكون  إلا الطفل الذي يعد إلى المئة في الغميضة، لأن شظايا حقدهم مزقت عيناه، فتقول له: لا بأس، لن تضطر إلى أن تدير وجهك إلى الحائط وأنت تعد إلى المئة.

في العيد القادم ستقودون درجاتكم الهوائية في شوارع الحي، ستذهبون للشاطئ. تسبحون في البحر، وتذهبون في رحلة بحرية، فكل بحر غزة لكم. إن كانت لك قدمان تستطيع فعل كل هذا، فقط لو كان لك قدمان.
في العيد القادم، ستبقون حتى ينتصف الليل خارج المنزل، تلعبون دون خوف بأن الشموس تهوي فوق رؤسكم ليلاً، كلما رأيتم قنبلة مضيئة. ولكن أخشى أن تخيفكم مصابيح الإنارة الصفراء بالخوف.

في العيد القادم ستجلسون جنباً إلى جنب على الرصيف، تأكلون شعر البنات، والزبداني، والبوشار. سيضطر أحدكم يا أطفالي أن يمسك عود الزبداني لأخ بترت يداه.
في العيد القادم ستصطفون واخوتكم، أمام أعمامكم، تقبلونهم وتبتسمون لهم، وتأخذون عيديتاتكم. هذا لمن بقي أعمامه على قيد الحياة، أو إخوته.

في العيد القادم سيشتري لكم آبائكم ملابس جديدة، وزوج أحذية فيه ضوء أزرق. هذا سيحدث لمن بقي والده حياً، ولمن بقي له قدمان. ومن بقي له قدم واحد لا بأس، يستطيع إرتداء فردة واحدة من الحذاء.
الحرب وإن انتهت في غزة، ستعيش وتكبر مع أطفالها، لن تنتهي.
طوبى لأطفال غزة، وأمهات غزة، وأباء غزة، ومسعفي غزة، ومقاومي غزة، طوبى لهم جميعاً، طوبى لم استشهد فيها، ومن بقي حياً.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير