تكامل الأداء بين السياسي و المقاتل في الدفاع عن غزة .. عاطف سعد

21.08.2014 01:10 PM

أظن أننا متفقون على أن الحرب العدوانية التي شنتها إسرائيل (8 تموز) على قطاع غزة هي عدوان غاشم يطال الشعب الفلسطيني كله. وأظن أن الجميع مدرك بأن الهدف السياسي، غير المعلن لهذه الحرب الآثمة، هو  تكريس الفصل السياسي بين غزة والضفة الغربية بمعنى الإبقاء على حالة الانقسام الداخلي بين حركتي فتح وحماس. وأظن أيضا أن جميعنا صار يعرف إن إسرائيل تُريد أن تحصد ثمرة تفوقها في موازين القوى العسكرية لإبقاء الكل الفلسطيني ضعيفا ل20 سنة قادمة.

قبل ذلك، وبعد ذلك لدينا حقيقة قاسية جدا تقول "نخوض هذه الحرب العدوانية القذرة وحدنا"! مع كل تقديرنا لإعجاب شعوب  العالم وتقديرها لشجاعة مقاتلينا وتأييدها السياسي لمطالبنا وتضامنها مع عذاباتنا التي تفوق الوصف.

بناء على ما تقدم، فإن التكامل والتناغم بين أشكال المقاومة للعدوان  هو أبسط  وأخطر ما يطلبه ويتوقعه الشعب الفلسطيني ( وأنا واحد من هذا الشعب) من القادة القائمين على إدارة وقيادة معركة الدفاع عن الشعب و بالأخص من فصائل المقاومة الباسلة  التي حظيت باحترام العدو قبل الصديق. يجب الإصغاء لما يقوله الشعب طالما أنه وحده من يسدد فاتورة الدم  المسفوك و من سيسدد فاتورة الدمار العظيم وطالما أن معركة الدفاع عن غزة تُخاض باسمه. 

إن أخطر ما يمكن أن يتعرض له الشعب هو تغليب لون فصيل  على لون فصيل آخر أو تغليب قيادة الميدان على قيادة السياسة أو المناورة في هامش لعبة الألوان.  يكفينا لون الدم ليوحدنا. هذه ليست مجرد عواطف أو أماني شخصية يُعبر عنها بكلمة أو تُقال بمناسبة والسلام. هذه دروس تعلمتها ثورات وشعوب قبلنا، من الفيتنام والجزائر (مثلا)  وهي ثورات صديقة لنا، وكانت شكلت مصادر إلهامنا النضالي التحرري لسنوات طويلة.

اندلعت حرب التحرير المسلحة في الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي في نوفمبر –تشرين ثاني 1954  ثورة الجزائر . وفي أيلول 1958 تشكلت حكومة مؤقتة ترأسها المناضل فرحات عباس. وبفضل التكامل والتناغم بين الكفاح المسلح التي كانت تقوده جبهة التحرير في الميدان والنضال السياسي والدبلوماسي والإعلامي التي كانت تخوضه الحكومة المؤقتة بلغت الجزائر الانتصار الحاسم على احتلال بغيض دام 132 عاما وكسبت استقلالها في تموز 1962.

في بلاد الفيتنام، كانت قاذفات  بي 52 الأمريكية العملاقة تحرق الأخضر والبابس وكانت في كل غارة تلقي ب32000 كغم من القنابل. وكان مقاتلو  جبهة التحرير، تحت قيادة الرئيس الفيتنامي هوشي منه والجنرال الأسطوري فون نجوين جياب، بطل الشعب الفيتنامي، يواصلوا نضالهم ما إن تبتعد من هذه القاذفات المخيفة من السماء ، وفي ذات الوقت كان نضالا دبلوماسيا ضاريا يحتدم في باريس، يخوضه فريق فيتنامي يقوده عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الفيتنامي لو دوك ثو مع فريق أمريكي يقوده مستشار شؤون الأمن القومي هنري كيسنجر. كان إيقاع التفاوض السياسي مرتبط بإيقاع العمليات الحربية الدائرة على الأرض.

كان التكامل والتناغم في الأداء يشكل قاسم مشتركا بين القيادتين السياسية والميدانية لكن قرارات الحسم كانت بيد القيادة السياسية الجماعية التي يرأسها هوشي منه. هذا الأداء الرائع، أرغم الولايات المتحدة على وقف القتال وسحب جيوشها (1973) وإعادة توحيد شطري فيتنام (1975).

ملحوظة: العبرة المتوخى الاستفادة منها، في هذا المقال من التجربتين الجزائرية والفيتنامية هي أهمية التناغم والتكامل في أداء القائمين على إدارة معارك الدفاع والتحرير وأن لهذه الإدارة يوجد مركز واحد مؤهل وقادر. فهل نصل لهذا المستوى في أدائنا؟ هذا ما نأمل بحدوثه!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير