عباس وحماس ومحاضر الاجتماعات المسربة

06.09.2014 06:51 PM

وطن - كتب ابراهيم ابوعتيله: بعد أن تم تسريب محضر الاجتماع الأول من إجتماعات الدوحة الذي عقد بتاريخ 21/8 /2014 الذي ضم قيادتي السلطة الوطنية الفلسطينية برئاسة محمود عباس وحركة حماس برئاسة خالد مشعل ، وبرعاية شخصية من أمير دولة قطر، ذلك الاجتماع الذي تميز بالحالة غير المتوازنة للمجتمعين والعصبية غير المبررة التي خيمت على أجواءه مع غياب الحوار المنطقي الذي يستهدف الخروج من الأزمة ، فكان اجتماعاً مليئاً بالاتهامات من قبل الرئيس عباس يقابله ردوداً غير مقنعة من طرف فريق مشعل ، حيث ذكر عباس في ذلك الاجتماع ولأكثر من مرة موضوع محاولة الانقلاب عليه من قبل حماس ودحلان وقبوله بأن يكون طربوشاً لفريق المفاوضات الفلسطيني في القاهرة من أجل الوصول لاتفاق وقف اطلاق النار مع العدو الصهيوني ، وتعود التسريبات من جديد لمحضر اجتماع آخر عقد بتاريخ 22/8/2014 ضم ذات المجتمعين وبنفس الرعاية ، ( يمكن الرجوع للمحضر على صفحات وكالة وطن http://www.wattan.tv/ar/news/104572.html ) ، ويعود السؤال .. لماذا هذا التسريب ، هل هو تسريب بريء ، هل هي رسالة للشعب الفلسطيني عما يدور في الكواليس ، أم نشر لغسيل على حبال ليراها الجميع بمن فيهم الصهاينة ليسنى لهم معرفة ماذا يدور وكيف يفكر قادة هذا الشعب الفلسطيني .

أسئلة كثيرة تدور في خلدي عن كيفية تسريب محاضر الاجتماعات ، ولماذا تم تسريبها ، ولكن المهم يتجاوز كل ذلك ، فقد تضمن الاجتماع قضايا مختلفة كالمصالحة ووقف اطلاق النار مع الصهاينة وأوضاع غزة ، وبالرغم من أهمية تلك المواضيع إلا أن الأهم من كل ذلك يتلخص بما ينوي الرئيس عباس القيام به من أجل التوصل لحل نهائي لقضية فلسطين ، حيث أشار كبير المفاوضين في المحضر المسرب بأن الحل يتركز في قيام السلطة بالتوجه لأمريكا لأخذ سقف زمني لإقامة الدولة الفلسطينية ، مما يعني الدخول في مفاوضات قد تستمر سنتين بإلتزام أمريكي ودولي ، وفي حال رفض أمريكا ذلك فسيتم الدعوة بأن تتحمل اسرائيل مسؤوليتها كسلطة احتلال وفقاً للقرارات الدولية وان تصبح فلسطين 67 دولة تحت الاحتلال على أن يصاحب ذلك قيام السلطة بوقف التنسيق الأمني ودعوة سلطة الاحتلال لتحمل مسؤولياتها ...

فيما أكد عباس بأنه سيقول لأمريكا كلمتين ، فإما الموافقة على دولة على حدود 1967 وعاصمتها القدس وترسيم الحدود خلال فترة زمنية محددة أو لا ، فإن لم توافق فسينتهي كل اشكال التنسيق والتعاون مع اسرائيل وبهذه الحالة ستحتفظ فلسطين بعضويتها في مؤسسات الأمم المتحدة وتبقى منظمة التحرير ممثلة لكل أبناء الشعب الفلسطيني ، والغريب في الأمر أن كبير المفاوضين قد اشار في حديثه بأن وزير الخارجية الأمريكي قد قال له بشأن الخطة Ok… Go ahead ، الأمر الذي يفهم من خلاله بأن هناك موافقة أمريكية ضمنية على خطة عباس بما في ذلك الدولة ... وبالرغم من أن خالد مشعل قد طلب مهلة للعودة إلى إخوانه ليعود للمجتمعين بالرأي ، إلا أنه قد قال بصريح العبارة ( إحنا متفقين على وثيقة الاتفاق الوطني عام 2006 ، واننا مجمعون على مشروع مشترك بقيام دولة على حدود 1967 ولكن اي تحرك يجب ان يكون محدد المعالم ، واطلاعنا على تفاصيله وطبيعته وعلى كل جديد لنحدد موقفنا منه ، وحماس لن تكون جزء من المشكلة بل جزء من الحل ) .

إذن حماس موافقة من حيث المبدأ على دولة فلسطينية بحدود 1967 ، كما وافقت من حيث المضمون والفعل على اتفاقية أوسلو عندما خاضت الانتخابات التشريعية وشكلت الحكومة على قاعدة تلك الاتفاقية ثم عادت لتهاجم تلك الاتفاقية وهي هنا وبالرغم من موافقتها على دولة بحدود 1967 إلا أنها مازالت تتغنى بفلسطين التاريخية ،،، فأين هي الحقيقة ،،، وهل هناك خطابين لحماس ،،، خطاب الواقع وخطاب الكلمة ،،، خطاب تمارسه فعلياً وخطاب يتم تسويقه لأبناء الشعب الطامحين بالعودة ،،، ربما اقول ذلك بعد أن استمعت منذ يومين لأحد صقور حماس وهو محمود الزهار حين قال بأنهم في حماس منسجمين ومتفقين مع حركة الجهاد الاسلامي على عودة فلسطين كل فلسطين بحدودها التاريخية فيما ذكر أيضاً بأن فصائل المقاومة اليسارية التي شاركت بالحرب ضد اسرائيل توافق على دولة بحدود 1967 ، فلم تشير حماس إلى هذه الإشارة ضد قوى اليسار وهم قد كانوا جنباً إلى جنب في المعركة ... ولما يصمت صوت المدافع بعد ...

أعود إلى السلطة بخطتها وخارطة طريقها التي وردت على لسان الرئيس محمود عباس وكبير مفاوضيه وأشير إلى أن الأنباء الواردة من واشنطن تفيد بأن الولايات المتحدة قد أبدت رفضها لمبادرة الرئيس عباس التي حملها كبير المفاوضين لأمريكا للتشاور معها بخصوص تحريك عملية السلام وفق جدول زمني لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس ( وكالة وطن نقلاً عن صحيفة القدس http://www.wattan.tv/ar/news/104559.html ) حيث أبدت واشنطن معارضتها لما وصفته بالخطوات إحادية الجانب لكنها طلبت المزيد من الوقت للتشاور ... ولعل من حقي ان اتساءل واقول على ماذا ارتكز كبير المفاوضين حين قال وفقاً لمحضر الاجتماع المسرب إلى ان وزير الخارجية الأمريكي قد قال له Ok… Go ahead ، أم أن تسويق الأفكار وتلميع السيء منها أصبح عادة وفن لا يتقنه إلا الراسخون في المفاوضات ... لا أشك لحظة بأن أمريكا لن توافق على الخطة ، ولعل كبير المفاوضين يوافقني على ذلك ، فرهان أكثر من عشرين عاماً كان كافياً لإثبات استحالة تحقيق ما لا توافق عليه اسرائيل ، وإسرائيل لن توافق إلا على ما يخدمها ويحقق أطمعها في أرض فلسطين وأن ما توافق عليه أمريكا هو بالضرورة ما توافق عليه اسرائيل وليس غير ذلك ، وما مشروع أمريكا المقدم لمجلس الأمن لنزع سلاح المقاومة إلا إشارة بسيطة على ذلك .

فهل سيبدأ الرئيس محمود عباس بالخطوة التالية من الخطة ووقف التنسيق الأمني والتعاون مع إسرائيل وهل سيتم حل السلطة الوطنية الفلسطينية والعودة لمنظمة التحرير كإطار يضم ويمثل كل الفلسطينيين .. وهل سنرى وجوهاً غير من هم الآن في قيادة القطبين ، وهل سنشهد مواقف محددة وواضحة غير المواقف ذات  الوجهين ... الأيام حُبلى وهي الوحيدة التي ستخبرنا بذلك .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير