الهجرة إلى المجهول!! بقلم: يحيى اليعقوبي

14.09.2014 02:07 PM

وطنربما تجبر ظروفنا الاقتصادية الصعبة مئات الشباب الفلسطينيين على التفكير بالهجرة من قطاع غزة، حتى دون التفكير بما هو متوقع في تلك الدول التي سيهاجرون إليها، وعن طبيعة المخاطر المحدقة بهم  في طريق رحلتهم منذ بدايتها وحتى خط النهاية إن وصلوا إليه.

فالهجرة هي أمر خطير وفيها مخاطر كثيرة أثناء المسير في عرض البحر، فضلا عن كيفية استقبالهم من قبل الدول المستضيفة خاصة (دول الاتحاد الأوروبي) في ظل تزايد الإقبال عليها من كافة قارات العالم، الأمر الذي دفعها لاتخاذ إجراءات مشددة تمنع استقبالهم وبالتالي ترحيلهم إلى دول أخرى نامية، وخاصة دولة إيطاليا.

ولذلك فإن الشباب الفلسطينيين لا يعلمون أن القوارب التي ستحاول العبور بهم من مدينة الإسكندرية إلى إيطاليا على سبيل المثال تتسع في الحقيقة إلى 50 راكبا فقط، لكن وهدف جني الأموال والمكاسب دون الحفاظ على حياة الناس يلجأ القائمون على هذه الرحلة (رحلة الموت) إلى تحميل 500 راكب بينهم نساء وأطفال.

فهذا الأمر من الطبيعي أن يؤدي إلى انقلابهم في البحر أكثر من مرة بفعل اختلال توازن الركاب، خاصة وأن تلك القوارب هي صغيرة وغير مجهزة لعملية الترحيل، فالبحر متلاطم الأمواج، وتلك القوارب غير مجهزة بكاسر لمواجهة الأمواج القوية.

فكم من قصة سمعنا عن غرق المئات وموتهم في عرض  البحر، فالتفكير بالمصير! ووسائل الأمان غائب، علما أن الآمان بتلك القوارب مفقود وتلك الهجرات تصنف على أنها غير شرعية، وليست على متن سفن كبيرة.

إذن هي رحلة خطيرة إلى سعي نحو أهداف متعددة كالعمل وتطوير الذات، فرحلة إلى طريق مجهول ربما ينتهي به المطاف إلى غرق في عرض البحر دون النجاة فبدلا من العودة إلى أهله وفق الطموحات التي رسمها له متاجرو البشر يعود محمولا على الأكفان ليوارى الثرى ومثواه الأخير ويترك آلام ودموع الفراق تنزف من عائلته.

ولعل التفكير في إيجاد فرصة عمل مستقلة في قطاع غزة المحاصر حيث الأهل والأحباب والأصدقاء والأصحاب أغنى وأسعد من أن تعيش مشردا لا تعرف أين أنت وإلى أين آخر مراحلك في ذلك الطريق الغامض.

"فمالي لا أصبر وقد وعدني الله على الصبر ثلاث خصال، كل خصلة منها خير من الدنيا وما عليها " كان ذلك من أقوال بعض السلف،  والهجرة والصبر هنا يجتمعان، لماذا ننسى أن الصابرين في معية الله، فهو معهم بهدايته ونصره وفتحه فقال  "إن الله مع الصابرين".

إلى كل شاب يفكر بالهجرة أنت الآن في وطن يحاول أغنى رجال العالم ممن يحبون البذل والعطاء القدوم إليه ولا يستطيع ذلك، فاستغل نسفك هنا مرابطا حتى ولو كنت على فراشك، فسنة الله في الكون هي نصره للحق وأهله في لحظات علو الباطل، لذلك عليك البحث عن عمل أو الصبر على الابتلاء لتنال الأجر والثواب.

فالحصول على شهادة جامعية بأحد التخصصات الجامعية لا يعني أنك يجب أن تتوظف حالا وفق هذا التخصص، إنما هي مرحلة علمية تفتح لك آفاق المستقبل لتغرد في طريق العمل والبحث والجد والاجتهاد والاستعداد بالدورات، فأي عمل وفكرة تباشر بها وإن صغرت تكبر مع الأيام، فكم من قصص سمعنا عن رجال أعمال بدأوا بمشاريع شخصية حتى أصبحت كبيرة.

ومن يسأل عن سبب نجاح بعض الرحلات في الوصول إلى تلك البلدان، أقوال أن هناك مهمات لسفن الصليب الأحمر الدولي تكون في عرض البحر، فهم ممن صادف تلك السفن وقامت هي بتحميلهم ونقلهم بنجاح، أو بعضها صادف سفنا كبيرة نقلتهم لخوفهم على حياة من على تلك القوارب الصغيرة.

ومما لا يعرف عن ذلك المصير المجهول الذي سيحدث للمهاجرين غير الشرعيين، فهو إما الغرق علما أن سلطات خفر السواحل الإيطاليا أنقذت وفق إحصائيات رسمية قرابة 16 ألف مهاجر شرعي خلال العام 2013م، أو المصير الثاني هو الوقوع في قبضة أجهزة الأمن الإيطالية وبالتالي الترحيل إلى السجون المخصص لهم، وهنا يلجأ المهاجرون غالبا لتمزيق أوراقهم الرسمية في هذه الحالية لكي لا تتعرف عليهم أجهزة الأمن مما يضطر تلك الأجهزة لاحتجازهم لمدة ستة أشهر، وبعد التعرف عليهم يتم ترحيلهم.

وأما الاحتمال الذي يتوقعه كثيرون بالعمل والحياة الرفاهية  في إيطاليا فإن الهجرة غير الشرعية لا تحقق هذا الهدف، لأن الحكومة الإيطاليا تمنع أصحاب الأعمال من تشغيلهم، وتفرض عليهم غرامات كبيرة إن ثبت الأمر.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير