ماذا يريد ليبرمان؟

17.09.2014 10:08 PM

وطن - كتب:علي أبو مريحيل: أذكر في بداية مسيرتي الشعرية أني نشرت مجموعة من النصوص أو القطع القصيرة التي تندرج تحت ما يسمى بشعر التفعيلة، في ديوان صغير سمّيته "مذكرات عاشق" وكان ذلك في المرحلة الثانوية، وكان من ضمن هذه المقاطع مقطعاً تساءلت فيه عن كيفية إرضاء المحبوب، جاء فيه:"تطلب فاتني قلباً أكبرْ، تطلب مني حباً أكثرْ، وأنا لا أملك إلا قلباً يحتضن الدنيا، ولساناً يقطر سكرْ".

ما أعادني إلى هذا المقطع الشعري الذي مر عليه أكثر من عشرة أعوام، هو مؤتمر معهد سياسات مكافحة الإرهاب الذي عقد الأسبوع الماضي في مدينة هرتسيليا التابعة للواء تل أبيب (حسب التقسيم الإداري الإسرائيلي)، والذي ناقش المجتمعون فيه مجريات الحرب وانعكاساتها العسكرية والسياسية والاقتصادية على دولة إسرائيل.

حيث اقترح وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في هذا المؤتمر أن تتم تسوية إقليمية شاملة، ليس مع الفلسطينيين فحسب بل مع كافة الدول العربية، معتبراً أن محاولة التسوية مع الفلسطينيين لوحدهم مصيرها الفشل، وأن الخطر الأكبر الذي يواجه إسرائيل هو العالم العربي.

لا أعلم حقيقة كيف توصل ليبرمان إلى هذه النتيجة، لذلك حاولت أن أعرف عبر أية فضائية تابع وزير الخارجية الإسرائيلي ردود الأفعال العربية، هل تابع ذلك عبر احدى الفضائيات اللاتينية ظناً منه أنها فضائية عربية، وهي تنقل تباعاً سحب السفراء اللاتينيين من تل أبيب، وقطع العلاقات الاقتصادية ووقف التبادل التجاري، وإدراج إسرائيل على قائمة الدول الإرهابية.

من يدري، لربما استفاق ليبرمان على كابوس قبل ساعات من عقد المؤتمر: فها هي جامعة الدول العربية تعقد قمة عربية طارئة بحضور كافة الزعماء العرب، تناقش فيها سبل دعم المقاومة الفلسطينية، وكيفية مواجهة الخطر الإسرائيلي في المنطقة، وها هي مصر تلوّح بإسقاط إتفاقية السلام، بعد طرد السفير الإسرائيلي من القاهرة، وإعادة انتشار الجيش المصري على الحدود المتاخمة (لإسرائيل)، وإغلاق شرم الشيخ وطابا في وجه السياح اليهود، وفتح معبر رفح الحدودي دون قيد أو شرط أمام حركة الجرحى والمرضى الفلسطينيين، وها هي الأردن أيضاً تعلن أن لا جدوى من إتفاق السلام مع إسرائيل في ظل الإنتهاكات المستمرة بحق الشعب الفلسطيني، وها هم وزراء النفط العرب يتخذون قراراً بالإجماع  بحظر الصادرات النفطية إلى الولايات المتحدة الأمريكية للضغط على إسرائيل من أجل وقف شامل لأطلاق النار، قبل أن يتم اتخاذ إجراءات أكثر صرامة قد تصل إلى حد المقاطعة الشاملة.

فقط بهذا الكابوس الإفتراضي نستطيع أن نفهم مقترح ليبرمان الذي آن له أن يستفيق من غيبوبته ليضع قدميه في إناء ماء بارد، فلا الدم الفلسطيني ولا القضية الفلسطينية ولا حتى المقدسات تساوي جناح بعوضة في ميزان الأنظمة العربية، ولنا في التاريخ مواقف وعبر .. ففي ليلة الواحد العشرين من آب عام 1969 (الليلة التي تم فيها إحراق المسجد الأقصى) لم تستطع رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير أن تنام، ظناً منها أن العرب سينقضّون في صباح اليوم التالي على إسرائيل لمسحها عن الخارطة الجغرافية! ماذا كانت النتيجة؟ ضحكت جولدا مائير صباحاً وقالت:"الآن علمت أن باستطاعتنا أن نفعل ما نريد".

ملاحظة على الهامش:
بعد مقترح ليبرمان، هل ممكن أن نرى إسرائيل في القريب العاجل عضواً في جامعة الدول العربية؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير