احتيل على صديقي! بقلم: رامي مهداوي

20.09.2014 09:15 AM

من فترة لفترة أطرح قضايا.. هموم.. ومشاكل المواطن بشكل أفراد أو جماعات، وحتى أكون صريح لأبعد الحدود فإن هذه القضية هي لأحد الأصدقاء الذي عاتبني بعدم مساندته في مواجهة حالة النصب التي تعرض لها، وما حفزني أكثر لكتابة هذا المقال هو أن ذات المشكلة واجهها صديق آخر مشترك لنا مع ذات الشركة، ما سأعرضه في هذا المقال عبارة عن قصة حقيقية تروى على لسان صاحبها، ولا أعرف اذا كان هناك قصص أخرى تتشابه، والهدف من طرح هذه الرواية هنا هو خلق وعي مجتمعي حول هذه القضية.

يقول صديقي: بدأت القصة منذ عامين حيث تم توجيهي من قبل أحد الأصدقاء للاستثمار بشراء عقار من قبل احد الشركات الكبرى العاملة في هذا المجال والذي اعتقدت في حينه بأنها تتمتع بسمعة وخبرة طيبة في هذا المجال. بعد ان توجهت للشركة برفقة عدد من الأصدقاء والذين كانوا أيضا مهتمين بالشراء، قام مندوب الشركة بعرض الخرائط والتصاميم وقام أيضا بشرح مواصفات العقار، وقادنا بجولة افتراضية جميلة في الحي الجديد المزمع البدء ببنائه.

بعد انتهاء الجولة والشرح والتعريف قررت الشراء وطلب مني مندوب الشركة بتعبئة طلب الشراء بعد ان تم الاتفاق على السعر النهائي للعقار حيث اقنعني المندوب بان السعر المعروض مقابل المتر المربع هو مناسب جدا. وأيضا طلب مني مندوب الشركة ان اقوم بدفع مبلغ مقدما وتقسيم باقي المبلغ على دفعات لحين الانتهاء من البناء بعدها يتم التنازل عن المحل بموجب سند تسجيل لدى دائرة الأراضي.بعد مرور حوالي العامين قام احد الأصدقاء والذي قام أيضا بشراء محل تجاري ملاصق لمحلي، ابلغني بأن هناك خللاً ما وانه من الأفضل لي ان أقوم بمعاينة المحل بنفسي للتأكد من المواصفات.

توجهت للمحل وبالفعل اكتشفت بان مواصفات المحل تختلف تماما عن ما عرض علينا من حيث المساحة حيث ان المساحة المتفق عليها بالعقد كانت 36 مترا والواقع انها كانت حوالي 23 مترا إضافة الى انه كان من المفترض ان يكون ارتفاع مدخل المحل مساويا تماما لسطح الأرض والواقع انه منخفض حوالي المتر عن السطح.

وعليه توجهت انا وعدد من الأشخاص المتضررين للشركة وطلبنا لقاء مع إدارة الشركة للاستفسار ومحاولة فهم ما يجري. بعد مماطلة نجحنا بداية بالاجتماع مع المهندس المسؤول حيث ادعى بأنه لا يوجد أي خلل في المواصفات وان الاختلافات التي شرحناها هي طبيعية وما من خلل بها. رفضنا منطق الحديث بشكل قاطع، طلبنا مقابلة مدير الشركة، الأمر الذي تم بعد عدة أسابيع حيث أبلغنا مدير الشركة بنفس الرد الذي ابلغنا إياه المهندس المسؤول. كان الرد من قبلنا بأنه اذا أصرت الشركة على هذا الموقف فإننا سنتوجه للقضاء والإعلام لفضح ما جرى وتحصيل الحقوق.

في البداية كان مدير الشركة غير مكترث بصديقي وأخبره بأن الشركة مصرة وبشدة على عدم تغيير أي من بنود عقد الشراء او عمل أي تخفيض بسعر العقار مقابل الضرر الذي حصل. تواصلت الاجتماعات مع مدير الشركة وطاقمه ومستشارهم القانوني والذين اوصلوا رسالة واضحة مفادها بأننا لن نستطيع مجابهة شركة بهذا الحجم ومن الاجدر لنا القبول بالعرض الوحيد الذي تقدموا به وهو خصم ما قيمته 5% من سعر المحل النهائي، قامت المجموعة برفض هذا العرض بشكل قاطع لأنه برأينا يمثل محاولة للالتفاف على الحقوق.

قام صديقي بطلب اجتماع خاص مع مدير الشركة للبت بموضوع المحل بشكل نهائي بعد المماطلة والتسويف لعدة اشهر والتهرب من إعطاء حلول او إجابات واضحة، في اخر اجتماع، قام مدير الشركة بالاعتراف بأنه لديهم مشكلة وهم يعلمون ذلك تماما ولكن الحل لن يكون على حسابهم. انا بدوري عقبت على هذا الحديث بأنه الحل لن يكون على حسابي أيضا. فقررنا بان نفكر بحلول خلاقة من اجل معالجة المشكلة، احد الحلول التي طرحت بان نقوم ببيع المحل لطرف ثالث بسعر العقار الحالي والذي يبلغ ضعف السعر عند الشراء، إلا ان الشركة أصرت على مقاسمتنا الربح من غير وجه حق، انتهت الجلسة بدون التوصل لأي حل واتفقنا على مواصلة الحوار وان نعاود الاتصال بعد يومين.

لم يتصل بي احد لمدة أربعة أيام، فقمت انا بالاتصال بمحامي الشركة، وأسمعته رأيي بشكل واضح وهو اذا لم يرجعوا لي بعرض محدد ومرض بناء على الحوار الذي جرى فانا بحل من أي التزام وسأقوم بتفعيل الموضوع بالإعلام. وبالصدفة العجيبة تم سرقة الحساب الخاص بي على الفيسبوك.

بعد ثلاثة شهور، اتصال هاتفي جاء لصديقي من تحقيق شرطة رام الله وابلغوه بأنه يوجد شكوى بحقه من قبل الشركة وعلي الحضور فوراً، ابلغه المحقق بأن التهمة الموجه له هي القدح والذم والتشهير، وقام بتحويل الملف للنيابة العامة. امام النيابة تم التحقيق معه وتم تحويل الملف للقضاء للبت بالقضية، امام القاضي تم تلاوة التهم الموجه لي وهي تهمتي القدح والتشهير إضافة الى تهمة أخرى وهي التعرض والتهديد. حكم القاضي بالبراءة من التهمة الثانية وتنازلت الشركة عن التهمة الأولى بحجة التصالح.
هذه القصة ليست فيلما هنديا أو من إنتاج "هوليوود"، بل قصة حقيقية ليست من نسج الخيال ولا يقصد بها التشهير ولا القدح بالمواطن الغلبان أو الشركة العظيمة_ زاد الله من أرباحكم.. وزاد الله من زبائنكم_ هذه الحادثة تشير وبشكل خطير لغياب الرقابة على هذه الشركات من قبل جهات الاختصاص، أتمنى من وسائل الإعلام الوقوف الى جانب المواطن امام بطش هذه الشركات وليس إلى جانب الإعلانات.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير