ثلاثة عصافير بحجر داعش

22.09.2014 10:35 AM

وطن للأنبا - كتب: حمدي فراج: يستغرب الكثيرون حتى من بسطاء الناس الذين ليس لهم في السياسة والتحليل ناقة ولا جمل ، كيف ان امريكا - الدولة الاقوى في العالم – لا تستطيع التغلب على تنظيم صغير وحديث النشأة بدون قاعدة جماهيرية او شعب ينتمي اليه ، اسمه داعش ، فتستعدي عليه حلفا ضخما يضم نحو اربعين دولة ، من ضمنها عشر دول عربية سنية ، ووصفها بالسنية هنا وردت على لسان الرئيس الامريكي لكي يجد مبرر عدم ضم ايران الشيعية وسوريا العلوية الى الحلف العتيد ، وهو نفسه المبرر الذي به سيجهز على الدولتين معا .

وليست هذه رغبة امريكية بحتة ، ففيها ما يكفي لإرضاء نهم عربي قديم جديد ذا صبغة طائفية مقيتة ومريضة ، تتقاطع تلقائيا مع الصهيونية العالمية المتمثلة في دولة اسرائيل ، والتي كاد يبح صوتها اعتراضا على بعض التقارب الشكلي بين سيدة العالم امريكا وبين حسن روحاني رئيس ايران الجديد .

في العقدين الماضيين ، كان الهدف الامريكي الاسرائيلي العربي ، هو العراق برئاسة صدام حسين ، حيث جندت امريكا لمهاجمته ثلاثين دولة ، صحيح ان الحجج والذرائع التي ساقتها كانت واهية ، بل كاذبة ، ومن بينها انه يدعم القاعدة بزعامة اسامة بن لادن ، وكان معروفا للجميع منذا الذي أنشأها ومولها وسلحها ، والذريعة الاخرى كانت امتلاك العراق للاسلحة النووية او غير التقليدية ، لكن مع ذلك ، فالعراق كانت دولة مقياسا بداعش ، وكانت قد بدأت تدخل عهد التصنيع ، وكان لها جيشا رسميا وشعبيا يعد بالملايين ، ووصفها مسؤولون بأنها قاربت ان تصبح رابع او خامس الدول القوية في المنطقة والعالم .

داعش لا يتجاوز تعدادها في أكثر حالات التقصي المخابراتي الامريكي تفاؤلا ثلاثين ألفا ، فلماذا يجند لها اوباما حلفا من اربعين دولة ، أكثر مما جند لاحتلال العراق وتقسيمه تقسيما طائفيا مقيتا وكريها ، فينفجر ذلك سنيا على شيعي على كردي على مسيحي على عشائري ، وترتكب مجازر تطهير عرقي تطول دور العبادة وبالذات الكنائس والمقامات العريقة وقبور العظماء والصالحين .

إن ما احدثته امريكا وحلفها الثلاثيني في العراق ، من دمار وتخريب وارهاب واحتراب طائفي ، يكاد يرقى الى المأساة التاريخانية ، التي تحاكي حملة هولاكو التترية قبل نحو الف سنة .

في الحملة التي يتم اعدادها ضد داعش من اربعين دولة بعضها دول عظمى ، وبعضها دول نفطية ثرية لها دور تمويلي لتسديد فاتورة العدوان ، سيتضح ان داعش ليست الا الهدف المعلن ، لكن الهدف الحقيقي دمشق وطهران وحزب الله ، او ما يطلقون عليه لقب "المخلب" .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير