ما بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة

22.09.2014 11:30 PM

وطن - كتب:د.أشرف طلبه الفرا: في ذروة انسداد أفق التسوية بالرعاية الأمريكية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، واستحالة قيام الدولة الفلسطينية في ظل الأطماع الإسرائيلية للتوسع الإقليمي علي حساب الأراضي الفلسطينية ومحاولة كسب الوقت وتمييع المواقف لترسيخ الاحتلال، وجر المنطقة إلى مربع العنف الذي تريد، وما تمارسه إسرائيل من إرهاب الدولة المنظم ضد الفلسطينيين العزل في الضفة وقطاع غزة، ودون مراعاة لكافة القوانين والقرارات الدولية.

جاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ضمن برنامج مدبر ومسبق يستهدف إبقاء الانقسام الداخلي وتطويع الشعب الفلسطيني ومقاومته ضمن أجندة واضحة تمهيدًا لفرض الحل الإسرائيلي الذي يقضي على أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية، ولخلط الأوراق على الساحة الفلسطينية لتحقيق عدة أهداف أهمها حل حكومة التوافق الوطني الفلسطيني وإحراجها أمام الشعب الفلسطيني، وكذلك تصدير الأزمات الداخلية التي تعاني منها حكومة نتنياهو في ظل إخفاقها في القضاء على الهبة الشعبية في الضفة والداخل الفلسطيني، والمقاومة الفلسطينية الصامدة في قطاع غزة.

هذا يجعل الفلسطينيين أمام مجموعة من البدائل المتاحة للرد على هذه السياسة العدوانية لإسرائيل بإجراءات فاعلة منها:
التوجه نحو حل السلطة الفلسطينية حيث تَحل مؤسسات الدولة الفلسطينية محل مؤسسات السلطة الفلسطينية، وتمارس مؤسسات الدولة صلاحيتها القانونية والدستورية، وأن يصار إلى وضع دستور للدولة الفلسطينية مقر ومعترف فيه من قبل الشعب الفلسطيني، وأن تجري انتخابات رئاسية وتشريعيه لمؤسسات الدولة  الفلسطينية استنادا لدستور الدولة الفلسطينية لتحل الدولة محل السلطة الفلسطينية ولوضع  حكومة إسرائيل أمام الأمر الواقع وليتحمل المجتمع الدولي لمسؤوليته في حماية الدولة الفلسطينية المقر والمعترف بها وبحدودها كدوله تحت الاحتلال الإسرائيلي وضرورة تامين الحماية للشعب الفلسطيني.

بالإضافة إلى اللجوء لمنظمات الأمم المتحدة للمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة الأطماع الإسرائيلية، وحمايته من العدوان الإسرائيلي المتواصل عليه بشكل مستمر، وذلك بالتوجه  للمحاكم الدولية لمحاكمة الاحتلال على ما يقوم به من جرائم حرب. ورفع الشرعية عنه، وعزل إسرائيل لانتهاكها قرارات ومواثيق الشرعية الدولية. وهذه الخطوة ستتطلب الدعوة العاجلة للأطراف السامية الموقعة على اتفاقيات جنيف للاجتماع، بهدف تطبيق اتفاقيات جنيف على الأرض الفلسطينية كأرض محتلة.

والمطالبة والدعوة لمؤتمر دولي في ظل تعثر المفاوضات لتحديد أسس عملية السلام: الأرض مقابل السلام، إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، تقرر معالم الحل وفقاً لقرارات الأمم المتحدة وبقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي.

ولابد أن يسبق هذا ضرورة العمل الجاد نحو تحقيق مصالحة كاملة تحدث اختراق حقيقي على الأرض، والسير قدماً باتجاه تطبيق كافة بنودها والعمل الفوري على حل كافة القضايا التي قد تعترض مسيرة المصالحة، وفي المقدمة منها حل أزمة رواتب موظفي غزة، ووضع الملف الأمني على طاولة الحوار الوطني، والشروع في تشكيل اللجنة الأمنيّة العليا لتقوم بالمهمات المحددة في اتفاق المصالحة، لجهة إعادة بناء وتفعيل وتوحيد الأجهزة الأمنيّة وجعلها أجهزة أمنيّة تخضع للمصلحة الوطنيّة العليا بعيدًا عن الحزبيّة، لأن استمرار الأجهزة الأمنيّة بوضعها الحالي وصفة للفشل المؤكد، وينطوي على مخاطر جمة، من ضمنها أن الانتخابات لا يمكن أن تكون حرة ونزيهة ما دامت من تقوم بتأمينها أجهزة تخضع للفصيل، ما يعني أيضًا إمكانيّة الانقلاب على نتائج الانتخابات إذا جاءت كما لا يرغب هذا الطرف أو ذاك من أصحاب القوة على الأرض.

والتحرك على كافة المستويات من أجل التخفيف من معاناة أبناء شعبنا وخاصة بعد الدمار الهائل الذي خلفه الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة، وهو ما يستدعي العمل الفوري نحو إعادة اعمار قطاع غزة من جديد ودون تأخير، مع  ضرورة التحرك الفلسطيني اتجاه العرب لتقديم أكبر دعم سياسي ودبلوماسي ومادي للشعب الفلسطيني والسلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير وفقاً لقرارات القمة العربية، لتجاوز النكسة والدمار التي تعرض لها قطاع غزة، على اعتبار هذا الدعم  واجب أخلاقي وديني تجاه شعب يقاوم الاحتلال الإسرائيلي بالنيابة عن الدول العربية.

وكذلك تبني سياسة وطنية فلسطينية جديدة، ترتقي إلى مستوى الأحداث الخطيرة التي تشهدها المناطق الفلسطينية المحتلة، في القدس، والضفة والقطاع، والى مستوى التصدي الفاعل للأعمال الإجرامية والعدوانية والإرهاب الإسرائيلي، مع  توحيد الخطاب السياسي الفلسطيني، بما يحمل الاحتلال والاستيطان وحدهما مسؤولية العنف الذي تشهده المناطق الفلسطينية المحتلة. وهذا يتطلب ضرورة الدعوة إلى عقد اجتماع لكافة القوى الفلسطينية المنضوية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية أو خارجها، للتوافق على استراتيجية موحدة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي بهدف تحقيق الاستقلال ودحر الاحتلال. وهذا يقضي إعادة بناء منظمة التحرير وتفعيلها كمشروع تحرر وطني، وإعادة البناء والتفعيل تعني استيعاب جميع القوى السياسية والاجتماعية من جانب، وإعادة صوغ البرنامج السياسي للمنظمة من جانب آخر، بحيث يحدد هذا البرنامج الأهداف المرحلية منها والاستراتيجية، والوسائل المتاحة وشبكة التحالفات.

كما يجب أن تكون المقاومة في إطار إستراتيجية وطنية وليست مقاومة حزبية ومرحلية ومرتبطة بجدول أعمال هذا الطرف أو ذاك، وأن تكون المقاومة والسلام وجهان لعملة واحدة، بمعنى السير معا بحيث يدعم كل نهج النهج الآخر ويتم توظيف أحدهما لخدمة الآخر بما تقتضيه المصلحة الوطنية وحسب مجريات الأحداث ومتطلبات التحرك السياسي، وأعتقد هذا قد تحقق بعض الشئ من خلال توقيع الرئيس محمود عباس على تشكيلة الوفد الفلسطيني المشترك من مختلف الفصائل الفلسطينية، وخاصة حركتي فتح وحماس لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وبجانب هذا لابد من توفير أدوات الصمود وتهيئة المواطن الفلسطيني لمواجهة الإجراءات الاحتلالية سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية على اعتبار أن المواطن الفلسطيني هو أساس هذه المعركة ووقودها.

وأخيراً نقول إن دقة وحساسية الظروف التي تمر فيها القضية الفلسطينية يتطلب من العقلاء داخل القيادة الفلسطينية التفكير في كيفية إيجاد المخارج والترفع لمستوى المسؤولية الوطنية وتوحيد الجسم الفلسطيني بكافة قواه المجتمعية ومؤسساته لضمان تحقيق الوحدة الوطنية المنشودة ووحدة القرار الفلسطيني، ومن ثم تحرير أرضنا المحتلة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير