رسالة إلى السيد الرئيس فهل من مجيب؟

30.09.2014 09:56 PM

وطن - كتب:رياض سيف*:(هذه رسالة الى السيد الرئيس ابو مازن اسطرها من قلب مكلوم على ما يجري لفنانينا فى فلسطين اكتبها بحرقة واسي لما وصلت اليه احوال الفن والابداع من تهميش واذلال ومن عنت وعناء ..لعل فى انصافهم ما يحقق لهم بعض الحقوق ..فهم ضمير فلسطين ومراّتها وهم الصامدون على الارض يحفرون الصخر بأظافرهم  ويحققون بتضحياتهم ما يجعلهم حقا ابناء هذا الوطن الحقيقيون).

بالامس اتصل بي احد الفنانين الفلسطينين القابضين على الجمر ممثلا لمجموعة من الفنانين الذين قدموا وما زالو يقدمون ابداعاتهم ضمن ظروف مادية صعبه، يدفعون من جيبوبهم من اجل ان يقولوا كلمتهم عبر عمل دراميا واغنية مصورة او ابداع يدفعهم الى ذلك جينات ملكت عليهم عقولهم واحلامهم، املا بيوم يأتى يلقون فيه من يساندهم ويدعم مسيرتهم لتحقيق دورهم الوطني، ولكن هيهات ان ان يتحقق مايفكرون به في ظل متحكمين متحجرين، ومسئولين كل همهم الكرسي وما عداه فليذهب الى الجحيم.

محور المكالمة كانت حول الوضع الصعب الذي يعيشونه بعد سنوات طويلة من العطاء والعناء ومن ثم التهميش والاضطهاد. وسرد لي محدثي ما يعانيه ورفاقه من الفنانين كيف تعامل المؤسسه الرسمية اعمالهم الدرامية والابداعيه بالرفض او بالمن عليهم ببعض القروش التي لا تغطي كلفة حلقة واحده من حلقات مسلسل فى ثلاثين حلقه تلفزيونيه.

بينما يدفع لمسلسلات عربيه عشرات اضعاف ما يتقاضونه من نفس المؤسسه رغم ان تلك المسلسلات لا تمت اطلاقا لاهتمام المشاهد الفلسطيني ولا علاقة للمشاهد المحلي بما تطرحه من مواضيع - مما يجعل السؤال هنا كبيرا ويضع الف علامة استفهام-.

ومن المفارقة الغريبه ان اقرأ قبل ايام لاحد المخرجين المعروفين فى فلسطين تعليقا على صفحته بالفيس بوك يقول فيه ((هاي البلد ما بنفع فيها اشي ..... بلد مسكونة بالخوف والشك والريبة الكل خايف من كل اشي ... الموظف خايف على الراتب وبيتامر على زملاؤه على شان يضمن بقاؤة ... والمسؤول خايف يعمل اي شي حرصا على الكرسي .. والمواطن العادي خايف من بكرة ومش واثق بحدا .... واظن انو بنقاوم بمنطق الخوف مش الشجاعة ولا كان زمان صرنا احسن من هيك ..تصبحون على وطن ايها الاموات ... وللشهداء شرف المحاولة. وأظن أني على وشك اتخاذ قرار نهائي بالهجرة من فلسطين ، والتنازل عن الجنسية وما لي من أملاك لأي حد بدفع حقها ، زهقت من العيش تحت ظل المافيا)).

وبنفس التذمر والاحباط اقرأ الكثير من تعليقات الفنانين فى فلسطين بما هو اكثر ايلاما واحباطا , حيث وصل بهم الحال الى اسوأ ما يتصوره العقل . حتى ان احد الفنانين الفلسطينين ممن شاركوا فى اعمال عربية كبيرة ونالوا الاعجاب والتقدير فى الخارج . هو مطارد داخل فلسطين بقضية نفقة لابنته  ولا يستطيع ان يكفل لنفسه لقمة العيش اليوميه .ويخشى الخروج للعمل فى اعمال درامية عربيه مخافة ان يتم القبض عليه واعادته الى السجن . كل هذا يجري امام اعين المؤسسة الوطنيه ولا يهتز لها جفنا لأ ن مسئوليها معنيين بمزاياهم ولايهمهم خراب مالطا ..او دمار الفن الفلسطيني .

وهنا لا يطلب الفنان الفلسطيني منة او حسنه .. بل يطلب حقا ومساواة حتى ولو بنصف ما يتم معاملة الاعمال العربية التى لاتزيد اهمية عن ابداعاتهم ..

وان كان في نية المؤسسة الوطنية ان تكون وطنية حقا فالامر سهل وبسيط ولعل التجربة الاخيرة للتلفزيون الاردني كانت تجربة رائدة ومثمرة ..فمقابل شراء اعمال عربية يتم بثها على اكثر من قناة عربية وتشاهد على تلك القنوات بنسب اكبر من مشاهدتها على التلفزيون الاردني , فقد عمدت ادارة التلفزيون الى استبدال اثمان  هذه المسلسلات بأنتاج ودعم مسلسلات اردنيه وطنيه , وساهمت فى انتاج تسعة عشر عملا دراميا ما بين مسلسل ضخم ومتوسط وقليل الكلفة، مما اتاح للفنان الاردني العودة وبقوة الى الساحة اضافة الى كونها داعم رئيسي وقوي لانتاج اعمال قادمة , وكانت المشاهده اعلى من المتوقع كما كانت النتائج انتصارا للفن والفنان الاردني بقرار حكيم من قبل مدير عام مؤسسة الاذاعة والتلفزيون الذي ادرك المسئولية وكان جديرا بكل الاحترام والتقدير يضاف الى ذلك القرار الوطني والحكيم للادارة بشراء الاعمال المحليه بأسعار مميزة تغطى معظم التكلفه للاستمرار فى عجلة الانتاج الفني لدى الشركات المحليه المنتجه ..فهل يتعلم مسئولينا من هذه الخطوة ؟. ام ان حساباتهم الشخصية تتنافي مع هذا التوجه !
هذا ما نريد الاجابة عليه , فأهمال مطالب فنانينا ليس شجاعة بل هو موضع اتهام لمن يتغاضى عن حقوق هذه الفئة التى ما تزال تقبض على الجمر وتمنع من حقوقها المشروعة .

ولعل هذه المطالب ليست ترفا كما يتصوره البعض ممن اعماهم الجهل والمنصب بل هي ضرورة وطنيه فى مرحلة نحن احوج ما نكون فيها للاعلام والدراما لكي تنقل المعاناة الفلسطينيه الى العالم ..وتطرح من خلال قضاياها عدالة الحق الفلسطينى بما يؤثر مباشرة على الرأي العام ويجعل فلسطين حاضرة فى قلوب المشاهدين وضمائرهم اينما كانوا فى زمن الفضاء المفتوح ..

لا أريد ان ازيد فقد قلنا الكثير الكثير ..لكن يبدو ان من نخاطبهم ينطبق عليهم المثل الفلسطينى الذي يقول ( اذن من طين واذن من عجين )..مللنا الكلام الكثير ..وقرفنا من تكرار ما نلوكه  ولا أجد ما اقوله لفانينا فى فلسطين , ان لم يكن لكم الخير فى موطنكم فلن تجدوه فى موطن اخر ..

ولا أجد من كلمات اعزي بها فناننا الفلسطينى سوى ان يثور لكرامته ويفضح جلاديه .. ويصرخ بصوت عال امام من يقف فى طريقه ..فالصبر ما عاد يجدي , فقد مل الصبر من صبركم .. وستظلون رغم ما تعانونه ضمير فلسطين وعمادها .. ..
*كاتب وسيناريست

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير