كاتب في "هآرتس" يصف طلبة بيرزيت بــ"الإرهابيين"

02.10.2014 02:29 PM

مقال من صحيفة "هآرتس" (30/9/2014) - ترجمة خاصة لـ وطن:

قضية طرد الصحافية الإسرائيلية عميرة هاس من حرم جامعة بيرزيت وهي  التي تسكن رام الله منذ وقت طويل، دون أن يتعرّض لها أحد، بل على العكس، حيث لها صداقات وتتفاخر بهم في كل مناسبة وجدت منفذ لتفريغ حقد بعض الكتاب الإسرائيليين على الجامعة وطلبتها.

حادثة طرد الصحافية هاس من بيرزيت، جاءت على خلفية عملها في صحيفة "هآرتس" الإسرئيلية كما قال طلبة بيرزيت لـ وطن، فيما وصفت هاس ما حدث معها بحادثة غير شخصية، إلّا ان  الكاتب الإسرائيلي في هآرتس  ماثيو كالمان أصر أن يصف طلبة بيرزيت بالإرهابيين في مقاله التالي:

أنا لست إسرائيلي، لذا على الرغم من أنني أكتب مقالات عن جامعة بيرزيت قرب رام الله لأكثر من 15 عاما، لم أكن أعرف أن الجامعة تفرض حظرا على الإسرائيليين إلا عندما طلب من زميلتي عميرة هاس مغادرة الحرم الجامعي الأسبوع الماضي.
حسنا، ليس كل الإسرائيليين، كما تقول عميرة. فقط "يهودي إسرائيلي".

ربما هذا الحظر يعتبر أمرًا منطقيًا لمعظم الفلسطينيين، لكنه وصمة عار ويجب إلغاؤه.

مؤسسة روزا لوكسمبورغ، التي نظمت المؤتمر الذي طردت منه عميرة، نددت طردها معتبرة إياه "تمييز"، وأعربت عن تضامنها معها.

وفي بيان لها، قالت الجامعة إنه "لا اعتراض على وجود المراسلة هاس" ولكن تبريرها "كمؤسسة وطنية أن تميز بين أصدقاء الشعب الفلسطيني وأعدائه".

يوم الثلاثاء، أصدرت الجامعة بيانا أكثر صرامة، معبرة عن ندمها من "الحادث المؤسف" مستثنية عميرة وموضحة أنها ترحب "بأنصار النضال والمعارضين للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، بغض النظر عن الجنسية أو الدين أو العرق أو العقيدة. لكن هاس، التي تندد باستمرار بالاحتلال الإسرائيلي، وتدعم الحقوق الفلسطينية، وتساعد في فضح السياسات التمييزية للاحتلال وانتهاكاتها الصارخة لهذه الحقوق، هي دائما موضع ترحيب في الحرم الجامعي لدينا".

ليس جميع اليهود إسرائليين لذا هم ليسوا الجيدين.

الحظر ليس فقط غير أخلاقي وعنصري، إنه عارض من أعراض الفشل الساحق لنظام التعليم العالي الفلسطيني في أداء دوره كمحرك  لمستقبل الفلسطينيين بسبب هاجس خانق مع الماضي الفلسطيني.

لقد كتبتُ عشرات المرات عن بيرزيت عن وقائع التعليم العالي ووسائل الإعلام الأخرى. لقد كتبتُ عن الاعتقالات العشوائية والاحتجاز الإداري للطلاب والمحاضرين، وغالبا في منتصف ليلة، من قبل الجيش الإسرائيلي.

لقد ذكرت كيف أن عدد من هؤلاء الطلاب والمحاضرين قد تم احتجازهم لشهور عدة، بل لسنوات، دون محاكمة عادلة، وأحيانا دون أن يتم إخباركم حتى عن الجرائم التي يشتبهوا فيها.

على سبيل المثال، في عام 2009، كان هنالك 83 طالبا من بيرزيت موجودين في السجون الإسرائيلية، من بينهم 39 من المدانين بتهم مختلفة تتعلق بالإرهاب، 32 ينتظرون المحاكمة، وتسعة في "الاعتقال الإداري"، وثلاثة كانوا يخضعون للاستجواب بعد اعتقالهم.

إن حساب بيرزيت في الاعتقالات يصل لأكثر من 500 من الطلبة الفلسطينين الذين تم اعتقالهم من قبل إسرائيل منذ بداية الانتفاضة الثانية في عام 2000، بما لا يقل عن ثلاثة من رؤساء مجلس الطلبة، الذين اعتقلوا واحتجزوا لشهور على الأقل.

من الواضح أن بعض هؤلاء الطلاب كانوا مشاركين أيضا في نشاط إرهابي خطير، ولكن يبدو أن الغالبية كانت بريئة من أي جريمة حقيقية.

ليست بيرزيت وحدها من تشعر بالثقل من تدخل الاحتلال الإسرائيلي يوميا مع دراساتها وطلابها. إن كل جامعة فلسطينية في الضفة الغربية لها قصص من الغارات الليلية للجيش الإسرائيلي، وغاز مسيل للدموع في الحرم الجامعي والهجمات والاعتقالات العشوائية والترهيب.

لذلك أنا ادرك تماما الضغوط التي تميز الحياة الجامعية في جامعة بيرزيت من جامعة بيركلي أو كلية بروكلين.

ولكن الكثير من المتاعب هناك ليس لها علاقة تذكر مع إسرائيل أو الاحتلال. لقد كتبت أيضا عن الترهيب السياسي والعنف من قبل بعض طلبة جامعة بيرزيت لخصومهم السياسيين.

التقيت الطالب الإسلامي الذي قاد المتظاهرين رماة الحجارة الذي أصاب رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان لدى زيارته للجامعة وطارده خارج الحرم الجامعي في شباط 2000. كان على القنصل البريطاني العام السير فنسنت فين التغلب على مثل هذا الأمر المماثل في عام 2013.

في عام 2007، تم تعليق الدراسة بالجامعة وتم إخلاء الطلاب من الحرم الجامعي من بعد أن تم الاعتداء على الطالب أحمد جرار، مؤيد طلابي لحركة فتح، في مهجعه من قبل أربعة رجال من الجبهة الشعبية الماركسية على ما يبدو.

لقد نقل جرار إلى المستشفى جراء إصابات خطيرة عانى منها على ما يبدو من آثار التعذيب.

المهاجمون استخدموا الفحم لحرق وجه جرار ومسامير في قدميه. وصل مسلحون من حركة فتح بعد فترة وجيزة مهددين بقتل أنصار الجبهة الشعبية.

في وقت سابق من هذا العام، كتبت عن قصة رحلة طالبة فلسطينية إلى أوشفيتز نظمها الأستاذ في جامعة القدس الذي استقال بسبب تداعيات هذه القصة. وكان من المقرر أن يذهب في تلك الرحلة اثنين من طلبة جامعة بيرزيت، ولقد انسحبوا في اللحظة الأخيرة بعد ضغوط شديدة من الجامعة.

هذا الهوس في السياسة، على الرغم من كون ذلك مفهوما يشكل ضررا كبيرا على الطلاب الذين يعتمدون على بيرزيت والجامعات الفلسطينية الأخرى لمساعدتهم على خلق مستقبل أفضل لأنفسهم - وللشعب الفلسطيني.

بيرزيت، ويا للسخرية، تأسست فعليا من قبل الإسرائيليين. إن النظام الأردني الدكتاتوري لن يقوم أبدا بخلق جامعة مستقلة في الضفة الغربية. وسرعان ما أصبحت القوة الفكرية للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.

لكنها فشلت في أن تنضج لتشكل دورا جديدا ما بعد الثورة وتصبح المحرك للدولة الفلسطينية الناشئة.

مثال واحد صغير يوضح المشكلة. على الرغم من الجهود الهائلة من قبل الشركات العالمية ورجال الأعمال العرب وعدد قليل من المستثمرين الإسرائيليين واليهود، فقد  فشل الفلسطينيين  في إنتاج قطاع حيوي للتكنولوجيا المتقدمة. بينما آلاف الإسرائيليين أو ما شابه العشرين قاموا بتطوير أحدث التكنولوجيا العالمية مع قليل من الاتصال اللاسلكي "واي فاي" وكمبيوتر محمول، بينما نظرائهم الفلسطينيين لديهم القليل من الثمين ليظهروه.

يجادل المدافعون أنه بسبب رفض إسرائيل السماح لشبكة الجيل الثالث 3G من الوصول للفلسطينين، ولكن هذا ليس صحيحا. بالطبع، عدم وجود الجيل الثالث 3G هو عار آخر، والذي ينبغي أن يتم إصلاحه، لكنه يؤثر على المستهلكين المحليين، وليس المطورين.

إن مطوري التكنولوجيا يستخدمون واي فاي، وليس الجيل الثالث 3G، وهدفه هو السوق الدولية، وليست تلك المحلية.

والسبب الرئيس لهذا التخلف من التكنولوجيا الفائقة الفلسطينية هو ضعف التعليم على العرض من قبل الجامعات مثل بيرزيت.

واحدة من عدد قليل من الشركات الناجحة في التكنولوجيا المبتدئة في رام الله، تأسست من قبل فلسطيني من القدس الشرقية درس في مدرسة إسرائيلية ناطقة باللغة العبرية، ثم في جامعة إسرائيلية. إن عمله يتوسع بسرعة، لكنه لم يتمكن من العثور على ما يكفي من الخريجين المهرة الفلسطيني لتوظيفهم.

إنها شكوى أسمعها مرارا وتكرارا عندما أكتب تقاريرا عن الخريجين الفلسطينيين. يتم تحقيق درجات عالية في الامتحانات من قبل ترديد أفكار المحاضرين، وليس من خلال تحدي تلك الأفكار.

إن الجامعات ببساطة لا تدرس طلابها مهارات التفكير الناقد المستقل المطلوبة في عالم اليوم. إن نظامهم التعليمي غارق في الماضي.

إذا قامت بيرزيت والجامعات الفلسطينية الأخرى بأخذ وقت أقل وجهد فكري على تقييد طلابها، والمزيد من الوقت على تعليمهم كيفية التفكير بشكل نقدي ومستقل، فإن المستقبل الفلسطيني يبدو أكثر إشراقا بكثير.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير