هل يلبي التعليم البيئي في بلادنا الاحتياجات الفلسطينية؟- بقلم:د.عقل أبو قرع

21.10.2014 08:58 AM

 في دول عديدة، سواء اكانت حولنا او بعيدة عنا،  اصبحت البيئة ومشاكلها وقضاياها، وبالتالي امكانيات ايجاد الحلول لها، الشغل الشاغل للكثير من الخبراء ومن الباحثين ومن المؤسسات المختلفة في المجتمع، ولان موضوع مواكبة الجامعات لاحتياجات المجتمع ومن ضمنها متطلبات البيئة تعتبر عنصراً رئيسياً لضمان استمرارية عملها، وهو عنصر هام في عملية التواصل وفي لعب دور ريادي في المجتمع، فقد تم استحداث تخصص علم البيئة في معظم الجامعات والعاهد في دول العالم المختلفة، ومن ضمنها الكليات و المعاهد  والجامعات الفلسطينية.

وتعمل الدول والمجتمعات على مؤامة التعليم وبأنواعة مع احتياجات المجتمع والبلاد والمواطن، ولذا يوجد هناك التعليم الصحي، والتعليم التقني او المهني، والتعليم الزراعي والصناعي، وكذلك التعليم البيئي، الذي من المفترض ان يركز على البيئة المحلية للبلد والناس، ويعمل على تحديد الاولويات ومن ثم يهدف الى ايجاد الحلول او توفير الوسائل الكفيلة بمنع حدوث هذه المشاكل، وبالتالي يحافظ على البيئة والمصادر الطبيعية من ارض ومياة وهواء وغذاء وبشر؟

وحين تعمدت او تناست بعض الدول اعطاء الاولوية للبيئة وحمايتها، وخاصة خلال عملية النمو الاقتصادي المتواصل، مثل بلدان الصين والهند والبرازيل، بدأت تلمس الاثار الكارثية على البيئة، فاصبحت نفايات المصانع ودخانها والمخلفات العشوائية للبنايات جزء من نمط الحياة في هذه الدول، وادى ذلك الى تلوث الهواء والمياة والتربة والطعام، حتى بات لا يمكن السير في شوارع في بعض المدن بدون كمامات، او شرب المياة الا معبأة او بأستخدام فلتر، و اصبح من الواضح ملاحظة الاثار البيئية والصحية الوخيمة التي احدثهاويحدثها الاستخدام المكثف للمواد الكيميائية في الزراعة من مبيدات واسمدة وبلاستيك، وادى ذلك وحسب الكثير من الخبراء الى انتشار امراض السرطان والتشوهات الخلقية وما الى ذلك؟

وفي بلادنا، هناك خصوصية للبيئة الفلسطينية، حيث المصادر الطبيعية، من مياة ومن ارض ومن تربة صالحة للزراعة ومن وحيز، هي مصادر محدودة، والمساحة الجغرافية ضيقة، وكثافة البشر في تلك البقعة مرتفعة وربما من اعلى النسب في العالم وخاصة في قطاع غزة ومن المتوقع ان تزداد بأضطراد ، وحين يكون ازدياد نشاطات البشر وما ينتج عن ذلك من نفايات وبانواعها في تصاعد مستمر، وحين يكون كل ذلك متواجد في بيئتنا الفلسطينية، فأن العمل من اجل حماية البيئة هذه الايام وللاجيال القادمة يعتبر اولوية وطنية، سواء اكان على الصعيد الرسمي اي على صعيد عمل الحكومة وبالاخص سلطة البيئة وسلطة المياة وغيرهما مما لة علاقة بحماية البيئة من التلوث والاستنزاف، او من خلال منظمات المجتمع المدني، او الجامعات والمدارس والبلديات. 

وفي بلادنا، ما زلنا نرى النفايات في الشوارع، وما زلنا نستخدم المبيدات الكيميائية بشكل مكثف وفي احيان عديدة بشكل غير امن، وما زالت مياة المجاري وليست فقط المياة العادمة المكررة، تصب في بحر غزة وفي بعض الشوارع والازقة، واصبحت مياة غزة الجوفية مالحة، وربما ملوثة وما زالت التقارير تشير الى ان اكثر من 95% من المياة في غزة هي مياة ملوثة؟

وبالاضافة الى ذلك ما زالت المستوطنات الاسرائيلية تساهم بشكل او باخر في تلويث وتحطيم البيئة الفلسطينية، حيث ما زلنا نسمع عن مجاري المستوطنات والمياة العادمة سواء اكانت مكررة او غير مكررة، تصب في قرى سلفيت وبيت لحم والخليل ورام اللة، وما زال الاستيطان يعيق عمل مكبات النفايات كما حدث لمدينة البيرة، او حتى يحد من استعمال مكبات نفايات جديدة، كما يحدث في منطقتي الخليل وبيت لحم، وما زالت مصانع "جيشوري" الاسرائيلية الكيميائية في منطقة طولكرم تلوث البيئة، وما لذلك من تداعيات قصيرة وبعيدة المدى متواصلة على البيئة الفلسطينية وعلى صحة الناس.

وبناء على واقع البيئة الفلسطينية الخاص، وبالاستناد الى الاولويات البيئية الفلسطينية، فأنة من المفترض ان  تحتوى مساقات علم البيئة بأقسامها المختلفة في جامعاتنا، على امور ومواضيع تنبع بالأساس من احتياجات المجتمع،  وتعتمد على الربط العملي بين الجامعات ومشاكل المجتمع وبالتالي استكشاف الوسائل لايجاد حلول مستدامة وعملية لها، وبالاخص من خلال الابحاث والدراسات التي يقوم بها طلبة الدراسات العليا في دوائر ومعاهد البيئة المختلفة في بلادنا.

وبالاضافة الى ذلك، فأن من الأهداف الأساسية لعلم البيئة هو العمل على تحديد ماهية الوسائل التي تجعلنا نتجنب الإخلال بالنظام البيئي،  بخصوصيتة في بلادنا، اي العمل على الوقاية من المشاكل قبل حدوثها،  وإذا حدث الخلل، فإن مهمة البيئي المتخصص هي اقتراح الكيفية للتعامل مع ذلك بأفضل طريقة ممكنة، ويأخذ بعين الاعتبار الظروف والامكانيات المتوفرة، وهذا ما يجب او ما هو متوقع ان يتم في جامعاتنا ومعاهدنا، التي تقوم سنويا بتخريج العشرات وربما المئات من الطلبة، سواء في مجالات الهندسة البيئية او علوم البيئة المختلفة، ومعظم هؤلاء الخريجون يحصلون على شهادات الدراسات العليا؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير