حاخامات العرب والمسلمين

31.10.2014 11:38 AM

وطن - كتب: حمدي فراج:  أمطار كثيرة مبكرة هطلت على القدس ، كأنها تبارك هبتها الشعبية ، التي تتوجت بالنار التي أحرقت مشعليها من زعماء المتطرفين والعنصريين والاصوليين في أزقتها وحاراتها ونواحيها ومسارحها وكنائسها ومساجدها ، وعلى الرأس منها المسجد الاقصى المبارك ، الذي اقدمت الحكومة على خطوة غاية في الحقد والكراهية تمثلت في اغلاقه ، سبقتها خطوة اخرى للبلدية ان قام رئيسها بـ "زيارته" ، اشبه بزيارة شارون مع عشرة الاف مسلح قبل اربع عشرة سنة ، أدت الى ان تشكل شرارة الانتفاضة الثانية .

ما الفرق بين ما يقوم به الدواعش ، الذين يملأون الدنيا العربية صراخا وقتلا وتخريبا وتدميرا بإسم الدين الاسلامي ، وبين ما يقوم به غليك و بركات ونتنياهو في القدس المحتلة باسم الدين اليهودي ؟ جميعهم يصدرون الفتاوى ، وينبشون الماضي بحثا عن أثر يعزز لهم مكانة فيه قرب الصحابة والمرسلين ،  جميعهم ينشرون ازياءهم الدينية من قبعات وطرابيش ودشاديش ولحى طويلة ، حتى وصل الامر بهم ان يطالبوا الاعتراف بيهودية دولتهم كشرط للتقدم في المفاوضات .

   ان المآثر التي يجترحها الشعب الفلسطيني في القدس ، وقبل شهرين في غزة ، ضد اسرائيل الاحتلال والعدوان والعنصرية ، جدير بها ، بالقدر التي هي جديرة به ، والمتمثلة في مقاومة شعبية ابداعية تلقائية ، لا يتسع المجال لذكرها هنا في هذا المقام ، ولكن خطف الطفل ابو خضير من قبل المستوطنين واحراقه حيا ، وانتصار ابن عمه (الامريكي) له ، وما صاحب من تعذيبه حتى مشارف الموت ، وهذه المرة على يد جنود جيش الدفاع ، دفعت جماهير القدس ان تذهب نحو تنفيض شوكها بيدها ، وحك جلدها بظفرها ، سبق الى ذلك تشكيل ارضية صلبة من مآثر لا تريد القيادة الاقرار بها والبناء عليها ، ومن ضمنها مأثرة سامر العيساوي الذي اضرب عن الطعام تسعة اشهر ، في تحد مفتوح بين السجين والسجان لم يشهد لها تاريخ الحبس والسجون مثيلا ، ومع ذلك لم يدخل موسوعة غينتس كما دخلها صحن الحمص والمسخن والكنافة .

  ينام حجازي في قبر متواضع ، يبلله مطر مبكر كثيف ، في حين يعيش الزعماء العرب في قصور منيفة ، تخرج عنها رائحة عفنة قذرة من مخلفات الجهل والظلام والاموال الوسخة القادمة من قيء الارض النفطي ، الذاهبة الى كل مكان في هذا الكوكب ، باستثناء القدس ودعم صمودها ومقاومتها وهباتها .

  وعلى وقع حجازي ، يهب الشعب الفلسطيني عند هذا الهدي ، فخرا وانتماء وتحديا ، وعند القصر العربي ، خزيا وعارا وصغارا .

   عندما قتل الحاخام مائير كهانا قبل نحو ربع قرن ، قال بيرس : مات بالنار التي اشعلها . ولن يقتصر ذلك بكل تأكيد على حاخامات اليهود ، بل لا بد ان تمتد الى حاخامات العرب والمسلمين .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير