التوجة الى مجلس الامن وحل الدولتين؟

25.11.2014 08:13 AM

وطن- بقلم: عقل أبو قرع

من المتوقع ان تتوجة القيادة الفلسطينية خلال الاسابيع القليلة القادمة، الى مجلس الامن الدولي، وبطلب محدد وهو  انهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية، خلال فترة زمنية محددة، اي عمليا الطلب باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة الحقيقية على هذه الاراضي،  ورغم عدم التوقع اوعدم التفاؤل، سواء بالتوجة الفعلي الى مجلس الامن، او، وان حدث فعليا هذا التوجة، بالحصول على قرار من مجلس الامن، وذلك بسبب استخدام حق النقض" الفيتو"، الامريكي او غيرة من الاسياي، الا ان قرار التوجة الى مجلس الامن الدولي، سواء اتم هذا الشهر او بعد اشهر، يعني محاولة كسر الاحتكار الامريكي لعملية السلام، ويعني ان مقومات وجود البديل الحقيقي للاحتلال هي متوفرة او موجودة على الارض، اي يعني ان عوامل قيام الدولة الفلسطينية، وعلى الاراضي التي تشملها القرارات الدولية، هي عوامل ناضجة؟    

وقبل حوالي عشرة ايام، صادفت الذكرى السادسة والعشرون لاعلان "وثيقة الاستقلال الفلسطينية"، في الجزائر، وبالتحديد في عام 1988، وفي تلك الفترة، كانت البلاد،  وبالتحديد الضفة الغربية وقطاع غزة، تحت الاحتلال الاسرائيلي الكامل، اي لم يكن هناك سلطة وطنية فلسطينية، ولم تكن هناك دوائر ومؤسسات اواجهزة تدير حياة الناس الخدماتية، ولم يكن الحديث عن اقامة دولة في تلك الفترة يبدو واقعيا او منطقيا او حتى لم يكن يخطر على بال الكثيرين، ولم تكن الظروف مهيئة لامكانية قيام تلك الدولة، سواء على الصعيد الداخلي ،او الصعيد الخارجي او حتى على الصعيد النفسي، اي لم يتصور الكثيرين ان هناك امكانية لاقامة مثل هكذا دولة، وبالطبع في تلك الفترة  لم توجد مفاوضات، سواء اكانت مباشرة او غير مباشرة، وسواء اكانت في مدريد او في اوسلو او في غيرهما؟

وبعد مرور 26 عاما، على اعلان وثيقة الاستقلال،  لم تقم الدولة الفلسطينية المستقلة بعد، وهذا بحد ذاتة لا يعتبر نجاحا، ولكن وبعيدا عن الناحية السلبية، وبعيدا عن النقد السلبي الذاتي او النقد الداخلي، والذي يمارسة الكثيرون، وبعيدا عن التغييرات والاجراءات والوقائع المستجدة على الارض ، والتي هدفت وتهدف الى خلق واقع او ظروف، تعمل من اجل الابتعاد عن اقامة مثل هكذا دولة،  فأنة ومن الناحية الاخرى، هناك مؤشرات ايجابية، سواء على الارض، او من خلال المفاهيم والسياسات، وسواء اكانت في الداخل الفلسطيني، او على الصعيد الخارجي الدولي، وهذه المؤشرات او العوامل او المهيئات المطلوبة لاقامة الدولة، لم تكن موجودة او متوفرة او حتى لم يكن الاساس لها متوفر، قبل حوالي 26 عاما، حين تم الاعلان عن وثيقة الاستقلال؟

ومعروف انة حسب مفاهيم السياسة والقانون،  ومن اجل  اقامة  دولة اسوة بالدول القائمة الاخرى، فأنة يتطلب وجود عدة مقومات او عوامل، منها وجود الناس او الشعب، اي السكان،  ووجود الارض وما تحوية من موارد ومن ثروات ومن مصادر لاعالة الدولة، ووجود الانظمة والمؤسسات والهيئات المختلفة لادارة شؤون الناس والاقتصاد والسياسة والعدل والمال وغيرهما، اي الاجهزة التنفيذية والتشريعية والمالية والقانونية وما الى ذلك، وكذلك وجود السيادة على كل ذلك، اي السيادة على الناس وعلى الارض وعلى الموارد، كما هو متعارف عليه حسب ميثاق الهيئات الدولية، وحسب ما هو قائم او موجود في الدولة الحالية، سواء اكانت هذه الدول صغيرة او كبيرة، او سواء كانت دول قوية او ضعيفة، وكذلك وجود الاطار الدولي الذي يعترف ويحضن ويدعم هذه الدولة، ويوفر لها الحماية القانونية والاخلاقية والسياسية والاقتصادية؟ 

ولا شك اننا عملنا ومن خلال مستويات او مسارات متفاوتة، وخلال العشرين او الخمسة عشر او العشر سنوات الماضية، ببناء المؤسسات، والدوائر، والاجهزة، والتي اصبحت حياة الناس تعتمد عليها، وقمنا بأجراء الانتخابات، سواء المحلية او التشريعية او الرئاسية، وبنجاح وبسلاسة وبأعتراف العالم، ويوجد عندنا مؤسسات قضائية، يلجأ اليها الناس، من اجل التوصل الى حلول لمشاكلهم، سواء اكانت قضايا بسيطة او معقدة، هذا رغم البطئ والانتقاد المتواصل من هنا وهناك، ويوجد عندنا اجهزة، حافظت وتحافظ على الامان والسلامة والاستقرار والشعور بانة لا يوجد تسيب او فلتان، ويوجد عندنا مؤسسات خدماتية اخرى، وبنوك ومؤسسات مالية، وقطاع خاص يستثمر وينافس، وقطاع خدمات ينمو بأستمرار، هذا كلة، رغم الظروف والتعقيدات والقيود والحواجز، ولا نبالغ، اذا قلنا ان الكثير من المؤسسات التي نملك، تضاهي، بل تتفوق على امثالها، في العديد من الدول، سواء من الدول المحيطة بنا، اوفي الدول البعيدة عنا؟

ونحن نملك، كذلك شعبا متعلما ويمتاز بالكفاءة والوعي، سواء اكان في الداخل او في الخارج، ونملك مؤسسات اكاديمية من جامعات ومعاهد وكليات تصل الى حوالي 50 مؤسسة، وتقوم سنويا بتخريج عشرات الالوف من الناس، ورغم ضالة الفرص والامكانيات، ورغم القيود والمضايقات والتعقيدات، الا ان هناك كفاءات، وباعتراف الجهات الدولية، هي قادرة على بناء وادارة الدولة، بشكل عصري وحضاري وديمقراطي، ولقادرة على بناء اقتصاد ينافس، ولقادرة كذلك على المساهمة في التقدم الحضاري في العالم، من خلال الابداع والابتكار والتواصل والابحاث؟

وهذا الشعب اوهؤلاء الناس، يملكون الارض، اي انهم ليسوا مهاجرين او قادمين جدد وصلوا الى البلاد من خلال طائرة او سفينة او غير ذلك، ولكنهم ولدوا في هذه الارض، هذا رغم تشتيت او تفتيت هذه الارض، ورغم تقطيع اوصالها، تلك الاوصال، التي من المفترض ان تشكل الدولة، سواء اكان هذا التقطيع، بفعل الاستيطان او بسبب المصادرة او بفعل الجدار والفصل، ولكن طبيعة هذه الارض تبقى واحدة، ونسيج الناس  الاجتماعي والثقافي والحضاري، اي الناس الذين يحيون عليها، هو نسيج متجانس ولا جدال علية؟
ويوجد لدينا كذلك الاعتراف الدولي المتزايد بهذه الدولة القادمة او المطلوبة من مجلس الامن الدولي، وبحدودها الواضحة المعالم، وحتى بعاصمتها، سواء اكان هذا الاعتراف من قبل الجمعية العامة للامم المتحدة، او كما يحدث هذه الايام، من قبل الدول التي لم تعترف بها بعد، وبالاخص الدول الاوروبية، وحت من قبل الدول التي لم تعترف بهذة الدولة، وبالاخص الولايات المتحدة الامريكية، يوجد الاقرار الضمني بحتمية قيام هذه الدولة، ويوجد كذلك ومن خلال هذا الاعتراف الدولي، الدعم المالي والاقتصادي والسياسي، والدعم من خلال المؤسسات الدولية، والاهم الاعتراف ان وجود هذه الدولة، هو عنصر حيوي من اجل الحفاظ على استقرار المنطقة والعالم؟

والتوجة الفسطيني الى مجلس الامن الدولي، يعني الطلب بتحقيق السيادة على هذه الارض، السيادة التي لم تتحقق بعد، والتي هي من اهم مقومات قيام الدولة، على الاقل في الشكل العملي، لان عدم ممارسة السيادة وبغطاء دولي، يعني  المزيد من مواصلة تقطيع اوصال وبعثرة وتشتييت والتلاعب في حدود هذه الدولة، من خلال الاستيطان والمصادرة والعزل، ويعني مواصلة الحصار والخنق الاقتصادي، ويعني تواصل الاحباط والارتباك والتخبط.

ورغم هشاشة الاستقرار وعدم ضوح التخطيط للمستقبل، ورغم القلق وعدم التفاؤل بقرار من مجلس الامن، يغير من الواقع على الارض، على الاقل في المدى القصير، وبالاخص في ظل التغيرات السريعة وترتيب الاولويات، التي تحدث في المنطقة العربية وفي العالم، الا ان هناك مؤشرات ايجابية على الارض، وفي المفاهيم، وفي المحيط الخارجي، وفي الدعم الدولي، وفي توفير الغطاء القانوني، لاقامة الدولة المستقلة ذات السيادة، ، وبالنظر الى مجريات التاريخ والاحداث والمنطق، فأن لم نشاهد قيام هذه الدولة في العام القادم، فأن ذاك العام او السنوات التي تلية، سوف تقربنا اكثر واكثر الى امكانية، او الى حقيقة، او الى واقع قيام الدولة المستقلة ذات السيادة حسب التعريفات الدولية؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير