هل تقضي الانتخابات الإسرائيلية على خيار حل الدولتين؟ - بقلم:د.عقل أبو قرع

19.12.2014 08:50 AM

من المعروف ان خيار حل الدولتين، وبغض النظر عن التعريف، او عن حدود الدولتين، او عن مضمونهما، او عن الشروط  او عن الظروف والمحددات، اللاتي من الممكن ان تحدد قيامهما، قد شكل الاساس، ومنذ سنوات طويلة، لعملية السلام، التي ما زالت قائمة او جارية، بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، وحسب الفهم الدولي، والذي يتسع وبأستمرار، وحتى يمكن القول انة ينمو، وبشكل غير متوقع، حسب هذا الفهم، فأن حدود الدولة الفلسطينية، التي من المفترض ان تكون نتاج حل الدولتين، هي حدود معروفة، او واضحة، وهذه الحدود، هي تلك الحدود التي رسمتها الامم المتحدة، من خلال اعتراف الجمعية العامة ب فلسطين دولة غير عضو، وهي نفس الحدود التي تعترف بها الدول او البرلمانات الاوروبية واحدة تلو الاخرى؟

وفي نفس الوقت التي تتوالى بة اعترافات العالم، او بالادق ممثلي شعوب العالم، من خلال البرلمانات، وهذا هو الاهم، بحدود هذه الدولة، فانة وفي الطرف الاخر، او بالادق ومن خلال الاغلبية في الطرف الاخر، يزداد الانكار او الهروب من التسليم بمثل هكذا اعتراف وبالتالي من امكانية قيام هذه الدولة، وليس هذا فقط، ولكن وفي نفس الوقت، يسعى الطرف الاخر، الى فرض او الى تغيير الواقع على الارض، بشكل يمحي او يشوة او يزيل، حدود هذه الدولة، وهذا يشمل القدس، ومنطقة الاغوار، والجدار، والاستيطان، والكتل الاستيطانية، سواء اكانت في شمال الضفة او في جنوبها، والاهم هو الاسراع في تقسيم وتفتيت اي تواصل محتمل بين مناطق هذه الدولة، بشكل يسلبها السيادة، والموارد الاقتصادية والطبيعية، والتواصل الجغرافي، سواء اكان ذلك بين الضفة وغزة، او بين الخليل وجنين مثلا، او بين القدس من جهة وبيت لحم او رام اللة من الجهة الاخرى؟

ومعروف ان الدولة الفلسطينية المقبولة دوليا، ومن خلال حل الدولتين، تقع ضمن حدود عام 1967 ، والتي تشكل حوالى 22% من مساحة ارض فلسطين التاريخية، وحسب السياسة، فأن التواصل والسيادة والتحكم الواجب لاقامة دولة اسوة بغيرها من الدول، والذي لم يكن موجودا بالاصل بين الضفة وغزة، اصبح الان غير موجود بين مدينة او قرية او منطقةاخرى، وان مقومات وجود او ثبات او ديمومة مثل هذه دولة تتداعى بشكل منهجي وعملي، من خلال الاستغلال المتواصل لمواردها ولمصادرها الطبيعية من مياة وارض وثروات، ومن خلال الاصرار على التحكم في الاجواء وفي الحدود وفي التنقل ومن خلال التقسيمات المختلفة والتي اصبحت جزء من الواقع، والاهم انة وعلى ما يبدو سوف يستمر ذلك، مع التوقع بما سوف تفرزة الانتخابات الاسرائيلية بعد عدة اشهر؟ 
وتزداد حملة او خطة تفتييت الدولة، شدة وتأكيدا، مع الاعلان عن البدء بحملة الانتخابات الاسرائيلية، وبالاخص في خضم تشكل او اعادة تشكل الاحزاب والكتل، وبالتحديد الاحزاب اليمينية والدينية والقومية، التي قادت الحكومة خلال السنوات الماضية، والتي من المتوقع ان تقودها وربما بشكل اكثر حدة وايدولوجية، بعد عدة اشهر وخلال السنوات القادمة، وما يمكن ان يترتب على ذلك من مواصلة فرض الواقع على الارض، او بمعنى اخر مواصلة الاستيطان والمصادرة وبالتالي تكريس واقع، لا يمكن من خلالة الحديث عن او تصور قيام دولة، اي بمعنى اخر القضاء وربما بشكل نهائي على ما كان وما زال يعرف بخيار " حل الدولتين"؟

وماذا سيفعل العالم، الذي يتسابق ومن خلال الاعترافات المتوالية ب فلسطين، ماذا سيفعل حين يرى ان ما تم وما سوف يتم افرازة على الارض سوف يتناقض مع ما كان يسعى الية، وماذا سيفعل العرب، او بالادق ماذا سوف تفعل الدول العربية المتبقية والتي لم يصل التفتت اليها بعد، والتي ما زالت ومن خلال جامعة الدول العربية، تنادي او تؤكد على مبادرة" السلام العربية"، والتي في مضمونها تنص او تنبع من خيار حل الدولتين، وماذا سوف تعمل الامم المتحدة ومؤسساتها الكثيرة، هل سيسلم الجميع بالواقع ويسيرون من خلال اولويات المصالح والاهتمامات، ويقبلون بالتعامل مع واقع، اصبح فية بعبع او بعابع اخرى في المنطقة، هي بالنسبة لهم، اهم من مبادئ واخلاقيات وقوانين خيار حل الدولتين؟

وماذا سيفعل الاكثر من اربعة ملايين فلسطيني في الضفة وغزة والقدس، او ماذا سوف يفعل الفلسطينيون في ارض " فلسطين التاريخية"، والذين يرون او يعيشون وسوف يستمرون بعيش واقع، لا يرون من خلالة بوادر او خيوط لدولة، اسوة ببقية دول العالم، القريبة والبعيدة، هل سوف ينجرفون مع واقع تشكل الدولة الواحدة، ويرضون بحقوق اقل، وبالاخص ان قانون الدولة اليهودية، او الامة اليهودية، والذي وفي حال ادت الانتخابات الاسرائيلية الى ما هو متوقع، سوف يتم تمريرة او اقرارة وبسهولة، وربما بتعديل بسيط هنا او هناك، او بأضافة كلمة تطمينية او دعائية او اعلامية، هنا او هناك، ام انهم سوف يتقوقعون في البقع او المناطق الحالية، ويستمرون على ذلك، على امل ان  تتغير موازين القوى والاولويات والتحالفات، وعلى امل انهاء النقسام، وربما على الامل حتى ظهور اجيالا جديدة؟

واذا صدقت التوقعات الحالية لنتائج الانتخابات الاسرائيلية القادمة، وبأن الحكومة القادمة سوف تكون اكثر يمينية او قومية او دينية، من حكومة او تكتلات الوضع الحالي، واذا صحت الاستفتاءات بأن غالبية الاسرائيليين ومن خلال انتخابهم لاحزاب ولكتل لا تؤمن بشئ اسمة " حل الدولتين"، وعلى العكس، حيث ان بعضها، سواء من منطلق ايدولوجية اسرائيل الكبرى او من منطلق التخويف والامن والارهاب وعدم الواقعية، يعلن عن ذلك علانية، فأن هذا يعني ان المجتمع الاسرائيلي، والذي سوف يمنح الاغلبية لهذه الاحزاب، هو مجتمع يسير بعيدا عن اي مفهوم لحل الدولتين، وبأن الانتخابات الاسرائيلية القادمة، وبأفرازاتها المتوقعة سوف تقضي على خيار حل الدولتين، او في احسن الاحوال سوف، تقصي خيار " حل الدولتين" ولفترة زمنية طويلة؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير