إسرائيل تطارد "الأشباح".. وذعر في مستوطنات الشمال

22.01.2015 10:58 AM

رام الله - وطناستكمل "حزب الله" وجمهوره، الأربعاء، تشييع شهداء الغارة الإسرائيلية على موكب الحزب في القنيطرة، واختتمت قيادته مراسم تقبّل التعازي والتبريكات في الضاحية الجنوبية لبيروت، فيما كان لافتًا للانتباه أن رئيس وزراء لبنان الأسبق فؤاد السنيورة "تجاوز نفسه" وقدم التعازي أيضًا عبر اتصال هاتفي أجراه مع المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل.

وفي طهران، شيّع الإيرانيون الجنرال محمد علي الله دادي، على وقع تهديدات قائد الحرس الثوري بعاصفة مدمّرة ستهبّ على اسرائيل.

أما وقد انتهت ترتيبات التشييع، فإن قلق اسرائيل من الردّ الآتي يسلك منحى تصاعديًا، ومتخذًا في بعض الأحيان شكل "نوبات عصبية" كما حصل، الأربعاء، في بعض المستوطنات الشمالية التي عاشت لحظات من الرعب والتوتر، وسط استنفار عسكري في مواجهة "الأشباح"، بعد تسريب أنباء عن تسلل أشخاص عبر الحدود اللبنانية، سرعان ما تبين عدم صحتها.

وفيما ألغى عدد من المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين زيارات الى الخارج، بسبب الوضع المستجد، قال رئيس بلدية مستوطنات "كريات شمونة" إنه "من الصعب جدا للسكان الاستمرار في هذا التوتر والخوف".

وبدا واضحًا أن "محاولة مصدر إسرائيلي، الثلاثاء، الترويج لفكرة أن الجنرال الإيراني لم يكن مستهدفًا بالغارة الجوية، وأنه قتل عن طريق الخطأ، وُلدت ميتة ولم تجد أي صدى لها، لا لدى حزب الله وطهران، ولا لدى الأوساط الإعلامية الإسرائيلية التي تعاطت مع توضيح هذا المصدر بشيء من السخرية".

وتعبيرًا عن ارتفاع منسوب المخاوف من تدهور واسع، علمت صحيفة "السفير" اللبنانية،  أن السفير الأميركي في لبنان ديفيد هيل،  طلب موعدًا من رئيس الوزراء تمام سلام لإبلاغه قلق بلاده ومتابعتها عن كثب ما يجري من تطورات على طول الحدود بين سوريا ولبنان وأراضي 48.

وشدّد هيل على أهمية التزام جميع الأطراف المعنية بالقرار "1701"، وقال إن "بلاده تجري اتصالات مع بعض العواصم المعنية من أجل الحث على ضبط النفس وإبقاء الموقف قيد السيطرة. ولاحظ أن نبرة الكلام الإسرائيلي عن خطأ في تقدير طبيعة الموكب هو خطوة إلى الوراء"، نافيًا أن تكون واشنطن على علم بالغارة مسبقًا.

في هذه الأثناء، عُلم أن الجهات المعنية في "حزب الله" ناقشت ليلة الأربعاء، إمكانية تنظيم احتفال مركزي في مجمع "سيد الشهداء" في الضاحية، الأحد المقبل، لإحياء ذكرى أسبوع شهداء القنيطرة، على أن يلقي خلاله نصرالله "الكلمة المنتظرة".

تخبّط اسرائيلي

ومع استمرار صمت "حزب الله" حتى اليوم، ترك الإسرائيليون لمخيّلتهم أن تعمل بطاقتها القصوى، وذهب بعضهم إلى "التبصير"، راسمًا العديد من السيناريوهات الافتراضية حول طبيعة الرد.

وأكّد المعلّق الأمني في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية رونين بيرغمان، أن "إسرائيل تخشى منذ زمن طويل تسرّب صواريخ بر- بحر روسية الصنع من طراز (ياخونت) من سوريا إلى حزب الله".

وتقدّر أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أن توفّر هذه الصواريخ لدى "حزب الله" من شأنه أن يعرّض للخطر بشكل جوهري منصّات الغاز والنفط الإسرائيلية في البحر المتوسط.

ونقل بيرغمان عن مصادر استخبارية غربية تحذيرها من احتمال أن يرد الإيرانيون و"حزب الله" على الغارة الإسرائيلية باستهداف منصات استخراج الغاز الإسرائيلية في الحقول البحرية.

وإلى جانب الانشغال بتقدير الأشكال المحتملة للرد، ارتفعت في داخل كيان الاحتلال أصوات المنتقدين لغارة القنيطرة. وازدادت حدة الانتقادات على وجه الخصوص بعد الارتباك الذي طبع الأداء الرسمي لحكومة نتنياهو من ناحية، وبعد تزايد الشبهات بأن دوافع انتخابية، وليست عملياتية، وقفت خلف القرار بشنّ الغارة.

في غضون ذلك، أكّد وزير الحرب الإسرائيلي موشيه يعالون، أن "التوترات مع حزب الله لن تؤدي إلى حرب في نهاية المطاف"، مشيرًا في لقاء مع موقع "إسرائيل نيوز 24" الإسرائيلي، إلى أن الحزب "لا يزال قادرًا على تفجير عبوات في مزارع شبعا وإطلاق الصواريخ".

وردًا على سؤال حول التهديدات التي أطلقها الحزب انتقامًا لشهدائه، قال يعالون إن "أصابع الاتهام دائما توجّه إلى إسرائيل في أي نشاط  بالمنطقة، وعلينا بالتالي أن نكون على استعداد دائم للردّ".

أما بالنسبة لشهداء القنيطرة، فاكتفى يعالون بالقول "لا تعليق.. فهؤلاء أشخاص ينتمون إلى محور الشر".

وقال نائب وزير الخارجية الإسرائيلي تساحي هنغبي في مقابلة مع القناة العبرية الأولى، إن "حزب الله يعرف جيدا المعادلة التي أرستها إسرائيل بعد حرب لبنان الثانية التي تنص على أن أي مساس بالمدنيين يعني إعادة لبنان عشرات السنين إلى الوراء"، متوعدًا بضربة قاسية للبنى التحتية اللبنانية في حال حصول "أي استهداف لإسرائيل سواء أكان من الحكومة اللبنانية أو من جزء منها".

لكن، وفي مقابل سعي المسؤولين الإسرائيليين إلى التخفيف من وطأة الاحتمالات المقبلة، اعتبرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أن "إسرائيل جلبت لنفسها موجة من العمليات المقبلة، كانت في غنى عنها".

وجاء في مقالها الافتتاحي: عند اختبار نتيجة الفعل الإسرائيلي في القنيطرة، لا بدّ من القول إن هناك خللاً ما، وربما خللين صاحبا وسبقا القرار بتوجيه الضربة، خلل  استخباري، وخلل في اتخاذ القرار.

وتطرقت الصحيفة إلى كلام المصدر الأمني الإسرائيلي رفيع المستوى لوكالة "رويترز"، الذي أكد فيه أن "تل أبيب لم تكن تقصد اغتيال الجنرال الإيراني، فرأت أن نصف الاعتذار الذي صدر عن مسؤول أمني إسرائيلي لم يخفف الخلل الأول، بل فاقمه".

وكتب معلق الشؤون العسكرية في الصحيفة اليكس فيشمان، أن "تعامل إسرائيل مع عملية القنيطرة تحول من ارتباك إلى ذعر".

وقال "إذا لم تكن إسرائيل تعلم بوجود الجنرال الايراني في الموكب المستهدف في القنيطرة، فإن المسألة تتعلق كما يبدو بخلل استخباري، وفي حال اعترفت بالخطأ، فينبغي أن يكون هناك من سيحاسب ويدفع الثمن".

وختم فيشمان بأن "رائحة غير جيدة ونتنة تفوح من طريقة اتخاذ القرار، ومن مستوى الاستخبارات، ومن إدارة الأمور بعد العملية".

وطرح المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، مجموعة أسئلة على لجنة الخارجية والأمن في "الكنيست"، من بينها "هل مغنية كان الهدف لهذا الاغتيال أم أن منفذي العملية خططوا مسبقا للتعرض لحياة الجنرال الايراني الذي سافر معه في القافلة؟ هل الاستخبارات العسكرية عرفت أن الجنرال الإيراني كان هناك؟ وهل الربح المتوقع من اغتيال مغنية الشاب، يفوق الضرر المحتمل في حالة تدهور الوضع؟".

وتساءل عن مدى استعداد الجبهة الداخلية الإسرائيلية لمواجهة نشوب الحرب التي يهدد فيها "حزب الله" بإطلاق عشرات آلاف الصواريخ والقذائف على المراكز السكانية.

وفي صحيفة "معاريف الأسبوع" الإسرائيلية، كتب بن كسبيت، أن "الفضيحة بلغت الذروة حينما أبلغ مصدر مسؤول وكالة رويترز أن إسرائيل لم تعرف بوجود الجنرال الايراني رفيع المستوى في القافلة التي تم تفجيرها، وأن هذا الجنرال لم يكن هدفًا".

وأضاف كسبيت: هذا التسريب لـ "رويترز" حطم كل الأرقام القياسية للضحك. فقد أعلنت اسرائيل أنها لم تستهدف قتل الجنرال الايراني في ذلك التفجير الذي لم تنفذه. هناك في القدس من خشي من تهديدات الانتقام الايرانية وسارع الى الهمس بأننا لم نقصد ذلك، لكنه بالطريقة التي استخدمها بعدم الوضوح جعل من نفسه أضحوكة.

 

(المصدر: صحيفة السفير اللبنانية)

 

تصميم وتطوير