تركيا‮.. ‬قلبها على‮ ‬غزة ويدها مع "تل أبيب‮" وعينها على دمشق

28.02.2015 10:30 PM

رام الله - وطنبالعودة إلى مكونات السياسة الداخلية والخارجية لتركيا،‮ ‬يتضح جليا عدة تناقضات،‮ ‬على الأقل منذ وصول اوردوغان إلى الحكم،‮ ‬فمن جهة تسعى تركيا الحديثة إلى إحياء الإمبراطورية العثمانية ولكن من خلال إضعاف الدول العربية الكبرى كمصر وسوريا،‮ ‬لدرجة أن الأولوية بنسبة لاوردغان إسقاط نظام بشار الأسد عوض مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية في‮ ‬العراق والشام‮ "‬داعش‮"‬،‮ ‬ولكن في‮ ‬المقابل تمكن اوردغان من تحويل تركيا إلى قوى اقتصادية بامتياز تنافس اقتصاديات الدول الكبرى،‮ ‬وأصبحت تركيا اوردغان نموذجا سياسيا واقتصاديا‮ ‬يقتدي‮ ‬به‮.‬

بين أن تكون ذيلا لأوروبا أو رأسا للدول العربية والإسلامية

أردوغان لسان سليط ضد الصهاينة وقلب‮ ‬يحتضن سفارة إسرائيل في‮ ‬عاصمة العثمانيين

في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬التهب الجدل في‮ ‬تركيا،‮ ‬في‮ ‬الخِيار بين أن تكون البلاد‮ ‬غربية،‮ ‬ذيل في‮ ‬أوربا،‮ ‬وبين أن تكون شرقية،‮ ‬رأس للدول العربية أو الإسلامية،‮ ‬يلتهب الجدل في‮ ‬العديد من البلاد العربية والإسلامية،‮ ‬بين من‮ ‬يراها نموذجا عصريا لدولة إسلامية بإمكانها أن تواكب الدول المتطورة،‮ ‬من دون الخروج من الثوب الإسلامي‮ ‬وبين من‮ ‬يراها سلاح لتوقيف المدّ‮ ‬الإيراني‮ ‬لا أكثر ولا أقل،‮ ‬وبين من‮ ‬يعتبر رجب أردوغان،‮ ‬خالد بن الوليد الجديد،‮ ‬وبين من‮ ‬يراه لاعب سياسي‮ ‬ماهر،‮ ‬يلعب بالبيضة والحجرة معا،‮ ‬وبين هذا وذاك تنطلق تركيا وتجد لنفسها مكانا،‮ ‬فهي‮ ‬صديقة روسيا وأمريكا وإسرائيل وصديقة قطر وحركة حماس وإيران،‮ ‬ولا تكاد تجد من‮ ‬يعاديها باستثناء مصر عبد الفتاح السيسي،‮ ‬وبعض الأرمن والأكراد على أراضيها،‮ ‬ولكنها من الناحية الاقتصادية هي‮ ‬فعلا نموذجا،‮ ‬يصعب مواكبته‮.‬

ومنذ أن ارتضى الزعيم التركي‮ ‬مصطفى كمال آتاتورك لبلاده طريقا آخر‮ ‬غير الدولة العثمانية،‮ ‬منذ عشرينات القرن الماضي،‮ ‬ظلت العلمانية الخيار الوحيد للأتراك،‮ ‬من أجل الاقتراب من الأوروبيين،‮ ‬ولكنهم بقوا في‮ ‬أسفل القارة العجوز في‮ ‬كل المجالات،‮ ‬وأصبح الأتراك من أكثر الشعوب هجرة إلى الخارج،‮ ‬حتى بلغ‮ ‬تعدادهم في‮ ‬ألمانيا قرابة الأربعة ملايين تركي،‮ ‬واعتصرهم الفقر،‮ ‬فظهرت محاولات التغيير في‮ ‬الخمسينات،‮ ‬واحتضن الأتراك بعض التجارب الحزبية الإسلامية التركية التي‮ ‬لم تخرج من مظلة آتاتورك،‮ ‬إلى أن تسلّم حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب أردوغان زمام الحكم في‮ ‬عام‮ ‬2003،‮ ‬وبالرغم من أن الرجل رفقة صديق عمره عبد الله‮ ‬غل،‮ ‬تعهّد بأن‮ ‬يحافظ على علمانية تركيا،‮ ‬وأن لا‮ ‬يغيّر الدستور التركي،‮ ‬الذي‮ ‬يقرّ‮ ‬بحرية الديانة ولا‮ ‬يعترف بأن الإسلام هو دين الدولة التي‮ ‬يعتنق‮ ‬98‮ ‬في‮ ‬المئة من سكانها الإسلام،‮ ‬إلا أن بعض الشعوب العربية تذكرت ما تعرض له الرجل في‮ ‬بداية حياته السياسية،‮ ‬من تضييق ليس بسبب ولائه للزعيم الإسلامي‮ ‬نجم الدين أربكان،،‮ ‬وإنما ترديدها في‮ ‬أحد اللقاءات نشيدا إسلاميا تركيا‮ ‬يقول‮: "‬مساجدنا ثكناتنا‮ __ ‬قبابنا خوذاتنا

ولكن القطرة التي‮ ‬صبّت كل الفيض في‮ ‬كأس رجب أردوغان،‮ ‬هي‮ ‬موقفه البطولي‮ ‬في‮ ‬مختلف الحروب التي‮ ‬شنتها اسرائيل على‮ ‬غزة،‮ ‬ثم تحوّل الرجل إلى بطل إسلامي‮ ‬بعد حادثة دافوس في‮ ‬بداية عام‮ ‬2009،‮ ‬عندما انسحب من اللقاء ورفض أن‮ ‬يجلس إلى جانب شمعون بيريز،‮ ‬وتنقل عشرات الآلاف من الأتراك ومن العرب أيضا إلى مطار اسطنبول لاستقبال الرجل،‮ ‬ثم جاءت الحرب الأخيرة على‮ ‬غزة وما بعدها،‮ ‬لتحوّله إلى رمز،‮ ‬عندما حاول كسر الحصار على‮ ‬غزة بأسطول الحرية،‮ ‬ووقف إلى جانب الرئيس المصري‮ ‬محمد مرسي،‮ ‬فكان الرئيس الأكثر دعما للإخوان المسلمين المصريين في‮ ‬العالم،‮ ‬ولا‮ ‬يجد الإخوان حاليا من بلد‮ ‬يفتح لهم أرضه وإعلامه‮ ‬غير تركيا أردوغان،‮ ‬ويتمنى بعض المسلمين انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي،‮ ‬حتى تمثل الأمة في‮ ‬الإتحاد القوي،‮ ‬ولكن تركيا،‮ ‬مازالت عاجزة عن إباحة ارتداء الحجاب مثل كل بلاد الإسلام وحتى أمريكا وبريطانيا في‮ ‬المؤسسات التعليمية،‮ ‬وعاجزة عن قطع العلاقات الديبلوماسية والعسكرية القوية جدا مع إسرائيل،‮ ‬كما في‮ ‬حياة أردوغان الكثير من نقاط الظل فموقفه المعادي‮ ‬للقذافي‮ ‬والمؤيد للقضاء عليه،‮ ‬لم‮ ‬يُنسِ‮ ‬العالم بأنه قبل في‮ ‬29‮ ‬نوفمبر‮ ‬2010‭ ‬احتفالية على شرفه من معمر القذافي‮ ‬تحصّل فيها على جائزة القذافي‮ ‬لحقوق الإنسان،‮ ‬ولكن الذين‮ ‬يصرّون على أن الرجل رمز وتركيا نموذجا‮ ‬يرون بأن البلاد قد كسرت الكثير من الطابوهات القديمة في‮ ‬طريق العودة إلى طيف الدولة العثمانية‮.‬

تركيا كما رأيناها في‮ ‬عهد أردوغان: المساجد مليئة بالمصلين‮..‬والمراقص وبيوت الرذيلة أيضا

من إسطنبول إلى أنقرة إلى إزمير إلى انطاليا،‮ ‬كلها مدن تحكي‮ ‬شوارعها تركيا الحاضر،‮ ‬بلاد تتطوّر بسرعة،‮ ‬فتقترب من الغرب شكلا وللأسف مضمونا،‮ ‬وتبتعد عن الشرق شكلا وأيضا مضمونا،‮ ‬والذي‮ ‬يقول بأن الأتراك مازالوا‮ ‬يحافظون على إسلامهم لا‮ ‬يمكنه أن‮ ‬ينكر بأن الأتراك أيضا‮ ‬غرقوا في‮ ‬الرذيلة،‮ ‬والذي‮ ‬يعدّ‮ ‬آلاف المراقص والخمارات وبيوت الدعارة،‮ ‬لا‮ ‬يمكنه أن‮ ‬ينكر وجود شباب وأطفال ونساء متمسكون بالإسلام،‮ ‬ويعيشون لأجل رايته،‮ ‬هناك من رجال الدين في‮ ‬العالم الإسلامي‮ ‬من‮ ‬يقول بأن الإنسان لا‮ ‬يمكنه أن‮ ‬يجمع النقيضين،‮ ‬كما تفعل تركيا في‮ ‬عهد الطيب رجب أردوغان،‮ ‬الذي‮ ‬لم‮ ‬يتمكّن من سنّ‮ ‬قانون‮ ‬يمنع المثليين رجالا ونساء من استعراض،‮ ‬فُحشهم أمام الناس في‮ ‬ساحة تقسيم في‮ ‬اسطنبول،‮ ‬وبين الحديث عن الإسلام دينا،‮ ‬فإما علمانية على طريقة كمال آتاتورك الذي‮ ‬يكنّ‮ ‬له الأتراك حبا منقطع النظير،‮ ‬وإما إسلاما على طريقة المملكة العربية السعودية أو بقية بلاد العرب‭.‬

فبقدر ما‮ ‬يسيطر الحجاب على الزيّ‮ ‬النسائي‮ ‬في‮ ‬تركيا خاصة في‮ ‬المدن الصغيرة والقرى،‮ ‬بقدر ما‮ ‬يشعر زائر تركيا بالأسى عندما‮ ‬يشاهد التلميذات والعاملاتت وهن‮ ‬ينزعن الخمارات قرب الثانويات والجامعات ومختلف المؤسسات،‮ ‬وفي‮ ‬صلاة الجمعة على قدر شساعة كل مساجد تركيا فإن الفوز بمكان في‮ ‬المساجد صعب للغاية،‮ ‬والجميل في‮ ‬تركيا أردوغان هو التواجد القوي‮ ‬للأطفال وللشابات والشباب،‮ ‬على عكس ما كان‮ ‬يحدث في‮ ‬أواخر الألفية السابقة،‮ ‬إذ لم‮ ‬يكن‮ ‬يؤمّ‮ ‬المساجد إلى كبار السن والعرب المتواجدين في‮ ‬تركيا،‮ ‬وتبقى فاتورة الدخول في‮ ‬الاتحاد الأوروبي‮ ‬غالية جدا وهي‮ ‬التضحية ببعض المبادئ الإسلامية،‮ ‬فلا‮ ‬يتوقف الأمر في‮ ‬السماح للمبشرين النصارنيين بأداء عملهم من دون أي‮ ‬مشكل،‮ ‬بل‮ ‬يتعدى إلى السماح للمثليين بممارسة شذوذهم أمام الأنظار،‮ ‬وتسمح الدولة أيضا بتصوير أفلام إباحية،‮ ‬أبطالها ممثلين وممثلات من تركيا،‮ ‬تصدّر أفلامها إلى الخارج من أعراض الأتراك،‮ ‬ورغم ما بذلته حكومة أردوغان لإصلاح ما أفسده قرابة قرن من الضياع خاصة في‮ ‬منطقة أنطاليا التي‮ ‬تواجدت فيها في‮ ‬السنوات الماضية شواطئ بحر،‮ ‬خاصة بشواذ المعمورة،‮ ‬وأخرى تفتح أبوابها للعراة الطبيعيين،‮ ‬إلا أنه فشل على طول الخط بعد المظاهرات العنيفة من أصحاب هاته الشواطئ،‮ ‬وأيضا من الذين‮ ‬يقتاتون من الشذوذ‭.‬

وفي‮ ‬رمضان‮ ‬يسيطر العلمانيون على المشهد،‮ ‬حيث تفتح المقاهي‮ ‬والمطاعم أبوابها لزبائن‮ ‬غالبيتهم من الأتراك،‮ ‬وتبدو تركيا بعيدة عن تحقيق تلك الأجواء الرمضانية التي‮ ‬يعيشها المسلمون في‮ ‬باكستان واندونيسيا والسودان والمغرب ومصر والجزائر وغيرها من بلاد المسلمين،‮ ‬ولكن أرقاما مهمة تحققت في‮ ‬هذا الشأن،‮ ‬لأن الحجاب تقدم وعدد المساجد تضاعف إلى قرابة مئة ألف مسجد،‮ ‬وحتى نصيب تركيا من الحج ومن مناسك العمرة ازداد بشكل كبير،‮ ‬وعاد الآذان ليصنع إسلامية تركيا‭.‬

خلال تنقلنا برّا من اسطنبول إلى أنقرة،‮ ‬على مسافة أكثر من‮ ‬400‮ ‬كلم،‮ ‬كان المشهد‮ ‬يبصم على أن تركيا بلاد إسلام،‮ ‬فأعلى بناية في‮ ‬كل بلدة أو قرية هي‮ ‬المآذن الجميلة،‮ ‬وأجمل ما في‮ ‬كل مدينة وأكثرها نظاما هي‮ ‬المساجد،‮ ‬ففي‮ ‬لبنان وفي‮ ‬مصر وسوريا تجد الكنائس أكثر جمالا من المساجد وأكثر تنظيما،‮ ‬بينما في‮ ‬تركيا أجمل ما في‮ ‬البلاد هي‮ ‬المساجد،‮ ‬والذين‮ ‬يقولون بأن الأتراك‮ ‬يريدون التخلص من إرث كمال آتاتورك،‮ ‬أيضا مخطئون،‮ ‬فالأتراك‮ ‬يعتبرونه أبو البلاد الأول،‮ ‬فيرتدون أقمصة عليها صور آتاتورك ويعلقون في‮ ‬بيوتهم وفي‮ ‬أماكن عملهم صور الزعيم التركي،‮ ‬الذي‮ ‬مازال قبره ومتحفه في‮ ‬أنقرة الأكثر زيارة إذ لم تتوقف طوابير الزيارة،‮ ‬بالرغم من أن الرجل مات منذ‮ ‬87‮ ‬سنة‮.‬

‭"‬تركيا نموذج سيئ للإسلام وهي‮ ‬سبب دمار سوريا‮"‬

يجزم مدير المركز العربي‮ ‬للدراسات السياسية والاجتماعية في‮ ‬جنيف رياض الصيداوي،‮ ‬أن تركيا نموذج إسلامي‮ ‬سيئ،‮ ‬يساهم في‮ ‬تدمير الدول الإسلامية التى كانت في‮ ‬طريق النجاح وكانت فعلا ستكون مثالا لدولة إسلامية ناجحة مثل سوريا والعراق‮.‬

هل هناك نموذج إسلامي‮ ‬حقيقيي‮ ‬تركي‮ ‬يجب الاقتداء به من طرف الحكومات العربية؟

اعتقد ان النموذج التركي‮ ‬هو نموذج خاص بها،ولا علاقة للإسلام بالتخلف أو بالتطور،‮  ‬أما الأمر الذي‮ ‬جعل دولة مثل تركيا تشهد ذلك التطور والتقدم،‮ ‬ليس لأن حكومتها إسلامية وطبقت الإسلام،‮ ‬بل السبب الرئيسي‮ ‬في‮ ‬ذلك انها عضو نشيط في‮ ‬الحلف الأطلسي،‮ ‬زيادة على العلاقة القوية التي‮ ‬تربطها بأمريكا،‮ ‬إذ أن واشنطن جعلتها في‮ ‬نفس المقام مع إسرائيل‮.‬

تركيا قبل أن تصبح دولة إسلامية حاولت بشتى الطرق الانضمام إلى الاتحاد الأوربي،‮ ‬لكن فشلها في‮ ‬ذلك بعد الرفض المطلق التي‮ ‬واجهته من طرفهم،‮ ‬جعلها تتجه شرقا نحو العالم الإسلامي،‮ ‬فوجدت كل الدعم من طرف الأوربيين،‮ ‬وخاصة ألمانيا‮  ‬في‮ ‬الجناب الاقتصادي‮.‬

الكثير من الملاحظين‮ ‬يقولون أن مظاهر الإسلام‮ ‬غائبة تماما في‮ ‬تركيا عدا المساجد التي‮ ‬جعلتها تركيا مزارات سياحية مامدى صحة ذلك؟

تركيا تدعي‮ ‬نشر الإسلام وإلغاء الكثير من القوانين العلمانية مثل‮  ‬سن قوانين تتيح لباس الخمار في‮ ‬المؤسسات الحكومية،‮ ‬لكن في‮ ‬الخفاء هي‮ ‬تعمل وفق أجندة الحلف الأطلسي‮ ‬فتركيا ليس لديها أي‮ ‬مشروع إسلامي‮ ‬عالمي‮ ‬بل هي‮ ‬تريد أن‮ ‬يكون لديها إسلام قومي‮ ‬تركي‮ ‬فاللغة التركية كانت تكتب بحروف عربية لكنهم قاموا باستبدال الحروف العربية بحروف تركية فلو كانت فعلا تدعي‮ ‬أنها دولة إسلامية لما قامت بذلك فالدول مثل إيران وباكستان حافظتا الحرف العربي‮ ‬في‮ ‬كتابة لغتهما

لكن تركيا تحاول نشر النموذج التركي‮ ‬الإسلامي‮ ‬في‮ ‬الدول العربية والإسلامية؟

تركيا وواشنطن حولتا التحالف مع الحركات المعتدلة مثل الإخوان في‮ ‬مصر وبالتالي‮ ‬نفهم أن هاته السياسات ليست سياسة تركيا وحدها بل هي‮ ‬إملاءات من أمريكا لكن بعد فشل الإخوان،‮ ‬تحالفت تركيا مع داعش لكي‮ ‬تقضي‮ ‬على الدول التي‮ ‬كانت ستتنافس معها في‮ ‬المنطقة مثل العراق وسوريا سواء اقتصاديا أو سياسيا،‮ ‬حيث ساعدت داعش في‮ ‬قصف سوق حلب،‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬ينافس أسواق اسطنبول والأمر الآخر الذي‮ ‬يجب أن‮ ‬يعرفه كل من‮ ‬يشجع النظام التركي‮ ‬هو من أين‮ ‬يدخل آلاف المقاتلين إلى داعش أليس من الحدود التركية،‮ ‬فتركيا ساهمت في‮ ‬تدمير كل من‮ ‬ينافسها في‮ ‬المنطقة،‮ ‬ولم‮ ‬يبقى لها إلا إيران‮.‬

‭"‬لا‮ ‬يوجد مشروع لأسلمة المجتمع ولكن لرفاهه‮ ...‬وعداء العرب لنا سببه الوقوف إلى جانب الشعوب‮"‬

يقدم الكاتب الباحث السياسي‮ ‬المقرب من حزب العدالة والتنمية،‮ ‬محمد زاهد‮ ‬غول،‮ ‬نظرته لنجاح النموذج الإسلامي‮ ‬التركي‮ ‬بقيادة رجب طيب اردوغان،‮ ‬مقارنة بفشل تجارب مثيلاتها في‮ ‬الدول العربية،‮ ‬ويقدم اسباب عداء بعض العواصم العربية لأنقرة‮.‬


لماذا نجحت التجربة الإسلامية التركية مقابل فشل نظيراتها في‮ ‬الدول العربية؟

العدالة والتنمية تأسس على تجارب سابقة،‮ ‬وكانت له أشبه ما‮ ‬يكون بحكومة الظل،‮ ‬ودخول اردوغان السياسة لم‮ ‬يكن صدفة،‮ ‬فهو وكادره اعدوا العدة لولوج السلطة،‮ ‬فقد كانت لهم الجاهزية للقيام بإصلاحات واسعة في‮ ‬الجانب الاقتصادي،‮ ‬وما تعلق بمعيشة الفرد التركي،‮ ‬هم‮ ‬يعرفون تركيا ويعرفون نظام الحكم،‮ ‬وعندما طرحوا برنامجهم كان البرنامج قادرا على التعامل ومعالجة كافة مشاكل تركيا،‮ ‬ولكن من منطق العارف،‮ ‬فهم لم‮ ‬يصلوا للحكم نتيجة لثورة،‮ ‬فالإخوان مثلا تفاجئوا بالسلطة ولم تكن لهم القدرة على الكم،‮ ‬بالمقابل العدالة والتنمية كانت لهم القدرة على التسيير نتيجة لنظرتهم الشمولية،‮ ‬وهكذا نال الحزب‮ ‬13‮ ‬تزكية عبر الانتخابات التي‮ ‬شهدتها البلاد‮.‬

هنالك تساؤل‮ ‬يطرح فتركيا تحت حكم حزب إسلامي‮ ‬لكن تغيب مظاهر الإسلام فيها لماذا؟

لا اعتقد أن هذا الأمر صحيح،‮ ‬والتقديرات تقول أن‮ ‬65‮ ‬بالمئة من النساء التركيات محجبات،‮ ‬و60‮ ‬بالمئة من الشعب التركي‮ ‬يقوم بالفروض الإسلامية،‮ ‬كل هذا‮ ‬يؤكد وجود مظاهر الاسلام في‮ ‬البلاد،‮ ‬نعم هنالك مظاهر للعلمانية،‮ ‬لكن حزب الحرية والعدالة لا‮ ‬يميز بين المسلمين وغير المسلمين،‮ ‬فتركيا لكل الأتراك،‮ ‬والدولة ترعى الرفاه الاقتصادي‮ ‬لمواطنيها،‮ ‬ولا‮ ‬يوجد مشروع للأسلمة أو فرض الحجاب على المجتمع‮.‬

كثير من الأنظمة العربية تنظر لكم بعين الريبة وأنكم تشكلون مشروعا قوميا للهيمنة على المنطقة؟

هذا الكلام والخطاب والتهديد من بعض العواصم العربية،‮ ‬لم‮ ‬يظهر إلا بعد الربيع العربي،‮ ‬العلاقات قبل الحراك العربي‮ ‬كانت أشبه ماتكون بشهر العسل،‮ ‬ومن صور ذلك أن تركيا كانت تحضر القمم العربية ونفس الشيء مع قمم الخليج العربي،‮ ‬لكن تركيا وقفت إلى جانب خيار الشعوب،‮ ‬الأمر الذي‮ ‬أغضب الدول التي‮ ‬اختارت العداء للربيع العربي،‮ ‬إذن تلك الأنظمة عادت تركيا وساقت خطابا إعلاميا دنيئا ضدها نتيجة لانحياز البلد للشعوب لا للأنظمة‮.‬

لكن سوريا وليبيا حكومة الثني‮ ‬تحديدا تتهمكم بتمويل الإرهاب؟

‭ ‬تركيا لا تتدخل في‮ ‬شؤون أي‮ ‬دولة،‮ ‬وبالحديث عن سوريا،‮ ‬فتركيا انحازت إلى الثورة السورية التحررية،‮ ‬لان التعالم مع الملف السوري‮ ‬يعني‮ ‬التعامل مع الأمن الوطني‮ ‬التركي،‮ ‬هنالك‮ ‬2‮ ‬مليون سوري‮ ‬في‮ ‬التراب التركي،‮ ‬إذن تركيا انحازت إلى خيار الشعب السوري‮ ‬لا‮ ‬غير،‮ ‬أما عن ليبيا فتركيا لا تتدخل أبدا بل هنالك اتصالات مع طرفي‮ ‬النزاع‮ ‬،‮ ‬وأظن أن وجهات النظر متطابقة بين تركيا والجزائر برفضهما التدخل العسكري‮ ‬الأجنبي،‮ ‬والدعوة إلى طاولة الحوار،‮  ‬مع دعم جهود المبعوث الاممي،‮ ‬وبخصوص الحكومة المتمركزة في‮ ‬طبرق هنالك الكثير من أللاحتياجات تتكفل بها الشركات التركية على‮ ‬غرار الكهرباء،‮ ‬وسياسيا تم استقبال رئيس برلمان طبرق في‮ ‬انقرة،‮ ‬وإنسانيا هنالك العشرات من الجرحى الليبيين‮ ‬يعالجون في‮ ‬تركيا على نفقة الدولة‮.‬

كيف تفسر التباين في‮ ‬السياسية التركية فهي‮ ‬داعمة لغزة ولكن علاقتها قوية مع واشنطن ومستقرة مع تل أبيب؟

العلاقة مع إسرائيل منقطعة في‮ ‬الإطار الرسمي‮ ‬منذ حادثة مرمرة قبل‮ ‬5سنوات،‮ ‬هنالك قطيعة رسمية،‮ ‬وبخصوص الولايات المتحدة هنالك شراكة عادية،‮ ‬وعن قطاع‮ ‬غزة والقضية الفلسطينية فنحن من اكبر الداعمين لها،‮ ‬وعلاقتنا مع واشنطن لا تعني‮ ‬نسيان إخواننا الفلسطينيين‮.‬

نقلا عن "الشرق" الجزائرية

تصميم وتطوير