إضاءة خافته.. بقلم: ربى مهداوي

04.03.2015 10:27 AM

سقطت أوراق من يده، تبعثرت بين اقدامه في ظلام فادح، اتجه نحو منبر مضيء ولكن باضاءه خافته، أراد أن يفحص مدی استجابة عينيه لهذا الضوء، وكم لبث عليه من زمن حتى تفقد عيناه متعة الحياة.

استعصی عليه النظر، اكتشف ان زمنه قد بدأ ينتهي، كان ليفكر هل من الممكن أن أقدم خطوة عريضة وناجحه في لمحة بصر، أراد أن يتعدی حدود القدر، وقد خذلته نفسه وأنسته انا هنالك من يمتلك البشر، أعتقد أنه قادر أن يحمي نفسه وان يتجبر عليها وأن يملك ما يريده في رمشة عين، محاولا أن يقنع نفسه:  هنالك مسافه قصيرة من الزمن بين يدي.

أراد أن ينجح خطوته العنادية، تحول الی آلة نفسية ذهنية عصية، رافعا يده الی الله تعالى، و هو متمسكا برزمة من الاضاءات الهافته معتقدا انا هنالك قوة ستملكه زمنا آخر.

لم يجد إلا أنا الإضاءة قد ماتت.. تتوالى الاخری في سباق موت حاد، اخفض يده ولم يكمل الدعاء، أراد أن يقنع نفسه بأنه قادر علی صناعة لما يملكه عقله من ذكاء، صارع نفسه كيف يفشل ولم يفشل في خطوات كثيرة بحياته، قد امتلك مهارة الخداع والارتقاء في كثير الأوقات ولن يأتي هذا الضوء لينهي زمنه لأنه ملكه.

أصبح عدو نفسه، يحارب الخضوع الداخلي، يمنع خطوة الإقناع بلا حياة، أراد أن يسارع خطواته لحضور المزيد من الاضاءات، اشغل نفسه بأن يحارب القدر، أراد أن يضع النور في كل مكان وكأنه يقول أنا اختار وانا أحدد واجد ما يناسب حالتي، حارب الكون، أمسك شعلة من النار وهو ينجرف بطريق البحث عن النور، لم يدرك بأن شعلته قد بدأت تحرق الأخضر واليابس بخطواته وهو منشغل بالدعاء الی الله بأن تنجح حيلته الذهنيه مع الزمن.

لم يكد يلتفت خلفه حتى وجد نور قوى متجه له، موجة نار قويه داهمته واحرقته، محاولا الاستنجاد ولكن أدرك أنه لا نور هافت من حوله ليغطي قدره وليسبق هو زمنه نحو موته.

قصة انسان أراد أن يحارب الأقدار دون التوكل علی الله، و قصة انسان فقد نعمة الشكر لله محاولا أن يضرب برجله ذاك الحمد، و قصة انسان أراد أن يسطو علی  الحياة بنور الدين وهو يفترس أشلاء وأعضاء إخوته في الاديان، و قصة انسان أراد أن يحارب الكون بمحاولة خديعة النفس قبل الله، و قصة انسان امتلك بحياته الكون ليكون من إنجازاته حرق شعوب باتت تنادي بالانسانية، و قصة انسان اقتنع انه علی يقين بخطواته ليجد أن مصيره هو نهاية لما قدمه من إنجازات بلا وعي بحق إنسانية شعوب بأكمله.

قصة انسان وأفراد فقدوا حيوية الحياة باخلاقها وقيمها ليصبحوا أعداء أنفسهم وأعداء بشريتهم. قصة انسان طيع للانانية المريحه للذات بمحاربة القدر. فما كان الضوء الهافت الصغير إلا هو خطوة لاضاءة قوية مع الأزمان.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير