المجلس المركزي ..ماذا بعد ؟

06.03.2015 11:03 PM

وطن - كتب سامر عنبتاوي:  انتهت جلسات المجلس المركزي الفلسطيني و صدرت النتائج  ..و تلقفت وسائل الاعلام القرارت و تناقلتها بسرعة ..وقف التنسيق الامني ...المقاطعة... التوجه للمحافل الدولية  ..خاصة محكمة الجنايات الدولية ...قبول المبادرة الوطنية في المنظمة ...و غيره من القرارات و انقسمت الآراء و التعقيبات و التحليلات بدءا بالاستخفاف بهذه القرارات مرورا بعدم الثقة في تطبيقها ..الى المطالبة بقرارات اقوى.. او اعتبارها مجرد توصيات لن تتمكن السلطة من تنفيذها ..و هناك من رأى فيها اختراق كبير و تحول واضح لصالح المطالب الشعبية و ان المجتمعين اتخذوا قرارات تاريخية في لحظات تاريخية و قلبوا ظهر المجن لدولة الاحتلال و تخلصوا من طوق الاتفاقات و اغلال اوسلو و باريس ...فما الذي حصل حقيقة ؟ هل عادت القضية لموقعها الطبيعي ؟ و هل عادت منظمة التحرير الى دورها كقيادة وطنية للشعب في مرحلة التحرر الوطني ؟ و هل ستتغير وظائف السلطة ام ينتهي دورها بيدها او بيد دولة الاحتلال ؟ و هل ستعود العلاقة مع المحتل الى وضعها الطبيعي ...شعب محتل مسلوب الحقوق تمارس ضده كافة اشكال القمع من استيطان و تهويد وقتل و حرمان و سرقة اراضي و موارد ..مقابل قوة غاشمة تقوم بكل ذلك ؟ و العلاقة في هذه الحالة تكون فقط مقاومة و صمود و رفض للاحتلال حتى زواله ..ليست تنسيق و لا اتفاقات و لا بروتوكولات تفاهم ..و لا مهادنة و لا تنسيق امني بل مقاطعة شاملة و دعوة للعالم للمقاطعة و سحب الاستثمارات و فرض العقوبات .. و مواجهة على كافة المحافل الدولية ..فهل هذا ما حصل؟

  ساتجه مباشرة لصلب الموضوع ..لن ادخل في السرد التاريخي من مراحل القضية االفلسطيني و كيف وصلنا الى اتفاقية اوسلو و ماذا حصل لتقرير المصير الذي يعد اهم مطالب الشعب الفلسطيني ..لن ادخل في تاريخ و تسلسل حركة الشعب الفلسطيني بدءا بتأسيس منظمة التحرير و برنامجها و اهدافها و التحولات التي طرأت عليها ..لن ادخل في كل ذلك لسببين ..الاول صحيح ان السرد التاريخي يفيد في فهم الحاضر و استقراء المستقبل الا اننا الآن امام مرحلة بالغة الخطورة و التعقيد اصبح فيها دور المنظمة على اهميته الا ان هناك عوامل عديدة و متشابكة داخلية و خارجية تلقي بظلالها على الوضع و هذه العوامل تجاوزت كثيرا الرؤى و المخططات الى لحظة حقيقية للمواجهة تتطلب الاعداد المثابر و البرنامج الشامل ..و السبب الثاني ان السرد التاريخي قد اشبع بحثا و قراءات و تحليل و لا اريد ان اخوض غماره حتى لا نتوه في الاختلاف و كيل الاتهامات و الاشتباك في التحليل ...و هذا لا يعني ابدا انه عفى الله عما سلف ..فقد ارتكبت الاخطاء الجسيمة و بعدنا عن المباديء المعلنة و و قعنا في افخاخ الاتفاقات الهزيلة المجحفة بحقنا من جهة و المؤثرة بشكل كبير على افاق التخلص الحقيقي من الاحتلال .

  المجلس المركزي الفلسطيني هو اعلى هيئة في حالة تعذر انعقاد المجلس الوطني ..و هو الذي يضع الاستراتيجيات و برنامج العمل الذي يحمل اللجنة التنفيذية مهمات تنفيذها و هو اعلى و اشمل من المجلس التشريعي ..رغم ان الثاني منتخب من قبل الشعب و لكنه فقط منتخب من شعبنا في الضفة و القطاع و لا يمثل الشتات من جهة و من جهة اخرى هو مغيب بسبب حالة الانقسام ..و المجلس المركزي الى حد ما يمثل جزء كبير من الطيف الفلسطيني بقواه و مؤسساته و مجتمعه الاهلي و نقاباته و فعالياته ..و قد كان خارجه ثلاث قوى ممثلة بحركتي حماس و الجهاد و المبادرة الوطنية التي تم قبولها بالاجماع و هي اي المبادرة الوطنية تحمل مباديء المقاومة الشعبية بما فيها المقاطعة الشاملة و الوحدة الوطنية و و التضامن الدولي و الاقتصاد المقاوم ودعم صمود المواطنين و قد اتخذت قرارات تتوافق الى حد كبير مع هذه الرؤيا في المجلس ..و بقيت حركتي حماس و الجهاد خارج التشكيلة ..و بانتظار الضغط نحو الدعوة لاجتماع الاطار القيادي المؤقت للمنظمة و انهاء ملف الانقسام الذي اشير له بقوة في قرارات المجلس نحو انجاز برنامج وطني موحد اعمدته المقاومة و الوحدة و الصمود .

  لقد كانت المطالب الشعبية و من قبل العديد من القوى و المؤسسات الوطنية محقة في الطلب ومن و الضغط على المنظمة لاتخاذ هكذا قرارات و في رأيي ان هذه القرارات اتخذت لسببين رئيسيين الاول يتعلق في المزاج الشعبي و نزولا عند مطالب الشعب و تنامي المقاطعة الشعبية للاحتلال و رفض ممارساته و الثاني  يتعلق في انسداد الافق السياسي و الممارسات الاسرائيلية و ضربها بعرض الحائط كل الاتفاقات رغم هزالتها و تحديها للقانون الدولي ..الامر الذي لم يبق بايد من يدافعون عن نهج التسوية اي مبرر او حجة للاستمرار في هذا النهج و لم يعد بمقدورهم لا ترويج اي حل و لا مفاوضات بعد ان ذاق الشعب الامرين منذ اتفاق اوسلو الملحق باتفاقية باريس الاقتصادية المجحفة و المدمرة للاقتصاد الفلسطيني ...و بالتالي سادت اجواء الموقف العام للشعب الفلسطيني في الضفة و القطاع و في ارض ال48 و في الشتات المطالبة بمواقف واضحة و التخلي عن نهج التسوية المفرط في الحقوق و انتهاج مبدأ مواجهة و رفض الاحتلال ... و هذا ما حصل .

  لهذا كله فنحن الآن امام معادلة واضحة و اقولها و بصراحة للجميع ..لمن يرى في القرارات الخلاص و لمن يشكك فيها – و هذا من حقه بسبب التجارب السابقة- اقول نحن الآن امام مرحلة غاية في التعقيد على المستوى الداخلي و الاقليمي و الدولي و لا داعي لشرح كل هذه المخاطر هنا فالجميع يشاهدها و يحسها يوميا ..و لذلك اقول لمن يؤمن بهذه القرارات و نية القيادة الفلسطينية في تطبيقها من قوى و فصائل عمل وطني عليكم العمل الحثيث من اجل تنفيذها الامر الذي يتطلب بناء جبهة داخلية قوية لان ردود الفعل ستكون بالغة القسوة من قبل الاحتلال على الاصعدة الوطنية و الاقتصادية و الانسانية ...كما يتطلب انجاز الوحدة الوطنية الشاملة و الاعداد لبرنامج وطني يجمع عليه الطيف الفلسطيني بما يشمل دخول حركتي حماس و الجهاد في المنظمة كون المعركة القادمة تتطلب الوحدة و الاجماع لمقاومة ما تخطط دولة الاحتلال ...و اخواننا في الداخل شكلوا نموذجا رائعا في تشكيل قائمة موحدة للانتخابات لشعورهم و ادراكهم لخطورة المرحلة التي تهدد وجودهم و ليكن هذا النموذج نبراس و قدوة تحذون حذوه ...و كذلك اقول لمن لا يؤمن بان اللجنة التنفيذية ستقوم بتنفيذ وقف التنسيق الامني و مقاطعة الاحتلال ..بمعنى آخر تنفيذ قرارات المجلس المركزي –و هم محقون في تشككهم- اقول ضعوا الامور في نصابها و واجهوا اللجنة التنفيذية بمسؤولياتها و الزموهم بالضغط الشعبي و حق الشعب بقول كلمته و الزموهم بتنفيذ اعلى هيئة بالمنظمة – المجلس المركزي- و افرضوا مبدأ ان السلطة هي من تتبع لمنظمة التحرير و ليس العكس ..بل و اعملوا و ليعمل الشعب باكمله لتشكيل شبكة ضاغطة من اجل تطبيق قرارات المجلس ...فلا يجوز ان تبقى مطالب الشعب حتى يأتي تبنيها ثم نشكك بالتطبيق ..بل يجب ان تصبح مطالب شعبية لا تراجع عنها تمثل حالة اجماع شعبي و تفرض على القيادة الامتثال لها ...بمعنى آخر على شعبنا الصامد و الواعي ان يجمع و يصر على تحقيق مطالبه و ان تصبح هذه المواقف نواة لبرنامج وطني شامل يعيد الامور الى نصابها و معادلة العلاقة مع الاحتلال الى حقيقتها و طبيعتها ..و اقول في النهاية ..الشعب الفلسطيني لم و لن يكل من مقاومة الاحتلال و رفضه و سيبقى يناضل لتحقيق حقوقه بتقرير المصير و التحرر و سيبقى متقدما على قيادته و سيفرض مواقفه على قياداته و قد تحقق جزء هام جدا منها في قرارات المجلس المركزي فعلينا البناء عليه و تحقيقه و معه المزيد بدل المساهمة في تقويده.

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير