تحليل إخباري.. هل تردع محكمة الجنايات الدولية إسرائيل عن الاستيطان واستهداف المدنيين؟

02.04.2015 09:09 AM

وطن- كتب - محمد دراغمة: يتطلع الفلسطينيون، بعد انضمامهم الى محكمة الجنايات الدولية، الى عهد جديد تتمكن فيه المحكمة الدولية، المختصة في جرائم الحرب، من ردع اسرائيل عن مواصلة الاستيطان واستهداف المدنيين في اراضي دولة فلسطين التي تتمتع بمكانة عضو مراقب في الأمم المتحدة، إن لم تتمكن من محاسبة قادة الدولة العبرية على جرائم الحرب السابقة خاصة الاستيطان والحرب الاسرائيلية الاخيرة على قطاع غزة التي قتل فيها اكثر من 2200 مواطن، ثلثاهم من المدنيين.

لكن الطريق الى محاكمة وادانة قادة اسرائيليين في المحكمة المختصة في جرائم حرب يرتكبها افراد وليس دولا طويلة ومليئة بالتحديات القانونية والسياسية.

ووقعت فلسطين على ميثاق روما المنشئ لمحكمة الجنايات الدولية بتاريخ يسبق الحرب الاسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة في تموز (يوليو) العام الماضي لتشمل الولاية القانونية للمحكمة الحرب وما جرى فيها عن عمليات قتل جماعي ترقي الى جرائم الحرب.

ويعتبر ميثاق المحكمة التي انشأت عام 2002 استهداف المدنيين في وقت الحرب، ونقل المدنيين من الاقليم المحتل، ومصادرة اراضيهم ومنحها لسكان الدولة المحتلة، جرائم حرب.

ويجري رفع الدعاوي امام المحكمة الدولية عبر واحدة من ثلاثة وسائل، الاولى بطلب من مجلس الأمن الدولي، والثانية بطلب من المحكمة نفسها والثالثة بطلب من احدى الدول الاعضاء.

وقال وزير الخارجية الفلسطيني الدكتور رياض المالكي في حفل انضمام فلسطين الى عضوية المحكمة: "لا اريد ان احبط شعبنا، لكن علينا ان نعرف ان محكمة الجنيات ذات اجراءات بطيئة وطويلة وقد تستغرق سنين طويلة". واضاف: "المحكمة تواجه عقبات وتحديات كثيرة ما يجعل اجراءاتها بطيئة، فمن الممكن ان تطلب المحكمة من اسرائيل تسليمها احد المسؤولين لمحاكمته لكن اسرائيل سترفض، ومن الممكن ان تعلن اسرائيل انها تجري تحقيقا في قضية ما لجعل المحكمة توقف اجراءاتها".
وينص ميثاق محكمة الجنايات على عدم النظر في القضايا الجاري التحقيق فيها في الدول ذات الشأن.

واعدت اسرائيل الكثير من الدفوعات، التي يعتبرها رجال القانون قوية، لرد تهمة استهداف المدنيين في الحرب الأخيرة على غزة منها توزيع مناشير على مناطق سكنية واسعة تطلب فيها من السكان مغادرة المنطقة. ومنها اطلاق صواريخ تحذيرية على مباني قبل قصفها. لكن الفلسطينيين ومنظمات حقوق الانسان حضرت ردودا لا تقل قوة على تلك الدفوعات منها ان القصف كان يحدث بعد بضعة دقائق من التحذير وان الجيش الاسرائيلي لم يقدم اية تحذيرات في مئات عمليات القصف التي سقط فيها مئات المدنيين.

وأعلنت المدعية العامة للمحكمة قبل شهرين عن فتح تحقيق اولي لفحص امكانية وقوع جرائم حرب في الحرب الاسرائيلية الأخيرة على غزة. وقدمت الفدرالية الدولية لمنظمات حقوق الانسان وثائق الى المحكمة عن الانتهاكات الاسرائيلية. وقال عضو في اللجنة الوطنية الفلسطينية المختصة بالمحكمة ان العمل جاري على اعداد وثائق خاصة عن الحرب لتقديمها الى المحكمة فور اعلانها عن بدء تحقيق رسمي في الحرب.

ويقول خبراء القانون الدولي ان اجراءات التحقيق الأولى ربما تستغرق عدة سنين، وان التحقيق الرسمي ربما يستغرق سنوات اطول بكثير مما يستغرقه التحقيق الاولي. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الفلسطينية ان قضية مثل الاستيطان والحرب الاخيرة على غزة قد تستغرق عشر سنوات واكثر.

وتعد لجنة فلسطينية مختصة تضم عشرات السياسيين والخبراء القانونيين وثائق في ملفي الاستيطان والحرب الاخيرة على قطاع غزة لتقديمها الى المحكمة. لكن هذه الوثائق لن تقدم الى المحكمة الا بعد انتهاء التحقيق الاولي وفتح تحقيق رسمي وهو ما يتوقع ان يستغرق وقتا ربما يكون طويلا... والسؤال الكبير المثار اليوم هو: هل تردع محكمة الجنايات الدولية اسرائيل عن الاستيطان واستهداف المدنيين؟؟

المؤكد ان الاستيطان مستمر، والمؤكد ايضا ان اسرائيل المدعومة من امريكا، ظالمة او مظلومة، ستقاوم بكل الوسائل محاكمة قادتها، لكن وان حدث ذلك فإنها ستضرب قرارات المحكمة بعرض الحائط كما فعلت مع قرارات الأمم المتحدة.. لكن المؤكد ايضا أن المستقبل يختلف عن الماضي، فالقارة الأوروبية التي يحكمها القانون لن تكون مفتوحة لمن ادين بارتكاب جرائم حرب، ومن هنا تبدأ الحكاية، حكاية التاريخ الجديد (الدولي) للصراع على هذه الأرض..

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير