بلاطة مخيم الثوار- كتب: سعيد زيد

18.04.2015 08:33 AM

تشكل موازنة الأمن في فلسطين ما يقارب ثلث الموازنة العامة، ولا تنعكس هذه الكلفة المرتفعة إيجابًا على فعالية الأجهزة الأمنية في تحقيق الأمن والنظام العام، حيث تشهد الأراضي الفلسطينية مظاهر فلتان وفوضى أمنية بين الفينة والأخرى. والملفت أن الكثير منها يبرز في مناطق السيطرة الفلسطينية الكاملة والقريبة من مراكز المحافظات التي تتواجد فيها القيادات الأمنية.

قام عدد من مسلحي مخيم بلاطة القريب من قيادة محافظة نابلس بإغلاق الشارع الرئيس في الآونة الأخيرة؛ احتجاجًا على إساءة معاملة بعض سجناء المخيم الموقوفين في السجون الفلسطينية، بهدف الضغط والتأثير على السلطة الفلسطينية لدفعها لتقديم تنازل للإفراج عن المعتقلين؛ فالتجربة خير برهان، فقد سبق وتراجعت المؤسسة الرسمية أمام المحتجين. وقد يكون الاحتجاج لعدم قناعة وثقة المحتجين بالجهات الرسمية التي تقوم بالتحقيق في الادعاء بإساءة معاملة المعتقلين التي غالباً ما تطمس الحقائق.
يستدعي ما يحدث في مخيم بلاطه المشهود له بمقاومة الاحتلال المراجعة والتدقيق، لاعتقادي أن سبب ما يحدث لا يرجع إلى الفقر والحرمان والاكتظاظ الذي يعاني منه لاجئو المخيم، رغم وجود تأثيرات لذلك، لأن غالبية التجمعات الفلسطينية تعاني من المشكلة نفسها، ولا تشهد احتجاجات ومظاهر مسلحة، ما يتطلب البحث بشكل أعمق لمعالجة جذر المشكلة معالجة قانونية بعيدًا عن سياسة الاسترضاء، لأن ما يحدث قد يؤدي إلى إنهاء الدور النضالي المميز  للمخيم الذي لم يكن يوماً حاضنة للفوضى وللخارجين على القانون.

تشير تصريحات محافظ نابلس الأخيرة في وسائل الإعلام إلى انتهاج سياسة أمنية جديدة وحازمة لإنهاء حالة الفلتان والفوضى إلى غير رجعة، لكن إطلاق النار على من يحمل السلاح ويتحدى سلطات تنفيذ القانون ليس بالحل، فوقف مظاهر الفوضى في العاصمة الاقتصادية نابلس وغيرها من المواقع يستدعي المتابعة المستمرة والدائمة لكافة الخارجين على القانون، ولمن يقف خلفهم، ويوفر لهم الغطاء السياسي والحزبي والاجتماعي.

تتحمل السلطة مسؤولية ما وصلت إليه الأمور في نابلس، وتعتبر سياسة التراخي "والطبطبة" والمجاملة التي انتهجتها الأجهزة الأمنية في ملاحقة بعض الخارجين على القانون سبب التدهور الرئيس، فالأجهزة الأمنية تمتلك القدرة على معالجة حالات الفلتان، ولا يمكن القول: إن ما وصلت إليه الأوضاع في نابلس يعود لضعف المؤسسة الأمنية وقلة إمكانياتها، ولا القبول بالتذرع بأن الطبيعة الديموغرافية للمخيم توثر سلبًا على قدرات الأجهزة الأمنية لمتابعة وملاحقة الخارجين على القانون؛ لأن هناك أجهزة استخبارية يمكنها متابعتهم أثناء الخروج من المخيم واعتقالهم.

يجب أن تكون متابعة الأجهزة الأمنية لما يحدث على الأرض يومًا بيوم، وتطبيق القانون على الجميع دون استثناء بغض النظر عن المناصب السياسية والمواقع الاجتماعية، وعدم الانتظار للقيام بحملات أمنية؛ لأن سياسة تجميع وتأجيل المهمات والأنشطة للقيام بحملات أمنية فاشلة بامتياز،  فالعمل الأمني عمل تراكمي يومي، والحديث عن تشكيل لجان فصائلية أو غيرها لن يجدي نفعًا، وسيكون الهدوء الذي ستحدثه مؤقتاً ووهمياً لن يصمد طويلا وسيتهاوى ويتبدد عند حدوث أية أزمة أو مشكلة، ويجب احترام حقوق المواطن الفلسطيني والتحقيق في شكواه بنزاهة وشفافية والاعتراف بحدوث الأخطاء عند وقوعها.
ستكون طريقة حل المشكلة في نابلس مؤشراً  على قدرة السلطة الوطنية الفلسطينية على وقف وإنهاء مظاهر الفوضى والاستزلام بكافة الأرضي الفلسطينية وفرض هيبتها، ورسالة للمواطن وللخارجين على القانون، كُلٌّ سيفهمها بطريقته.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير