عودوا عرباً...

24.04.2015 07:20 AM

كتب:إبراهيم أبو عتيله

كم كنا نتغنى ونتباهى بالصفات المرتبطة بالعربي من كرم ونخوة وفراسة وانتصار للمظلوم، كم كنا نشعر بالسعادة فقط لكوننا عرباً، تغنينا بلغتنا الجميلة وقلنا أنها لغة أهل الجنة بعد أن كانت لغة القرآن الكريم، فما الذي تغير، حيث يقوم البعض من العرب بكتابة المقالات ونشر الهمسات والمنشورات والتحليلات والتعليقات عبر المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي يتهجمون فيها على العرب وعلى العروبة، وكأنهم ليسوا عرباً، فتارة يتهمون العرب بصفة الأعراب الأشد كفراً، وتارة يقومون بإلصاق صفة التخلف على كل ما هو عربي، وتارة أخرى يشبهون العرب بالمرض الجلدي – الجرب -، لا بل فإن الأمر يتعدى ذلك ليصل إلى محاولة إطفاء اي شمعة سبق للحضارة العربية أن أضاءتها، ليقولوا لأعداء العروبة ولأنفسهم أن لا فضل للعرب على التاريخ الانساني ولا على البشرية ، فكيف يكون لأناس متخلفين مثل ذلك الفضل ... فما الذي تغير؟ ولمَ كل هذا الحقد على العروبة؟ وهل هؤلاء حقاً عرباً أم أنهم بمقولاتهم يستجدون حظوة من أعداء العروبة؟ ....

أتابع هذه الأقوال بمرارة شديدة وحزن عميق حيث ألاحظها بشكل جلي في أقوال العديد من معلقي مواقع التواصل الاجتماعي من العراق وسوريا وفلسطين احياناً ودول أخرى أحياناً اخرى، فحجة العراقيين مثلاً أن العرب قد تخلوا عنهم وأن ويلاتهم التي يمرون فيها مصدرها وسببها العرب وكذا الحال بالنسبة للسوريين والفلسطينيين ، فكيف تناسى هؤلاء أن بلادهم هي بلاد العرب منذ فجر التاريخ فالعرب كانوا يستوطنون بالإضافة للجزيرة العربية كل من جنوب العراق وجنوب بلاد الشام فالمناذرة كانوا في العراق والغساسنة كانوا في الشام، وربما لو جاء القول ممن كان من مناطق ودول أكثر بعداً عن تلك المناطق لبحثنا في أصوله وفصوله ولكن أن ياتي ذلك القول من هذه المناطق بالذات فأقل ما يقال عنه أنه قد جاء من أناس متنكرين لأصولهم وتراثهم وتاريخهم من أجل إرضاء أعداء العروبة وأعداء العرب ..

أفكر طويلا في مثل تلك الأقوال ولا أصل ابداً لسبب يبرر ذلك، ففي العراق هناك من يقدم الطائفية على العروبة في روابطه مع إخوانه وبني جلدته، فالطائفة هي الأصل وهي التي تتفوق على الجنس والعرق وربما كان الكثير من هؤلاء الذين يشتمون العروبة في العراق من الذين كانوا في الصف المعادي لنظام الحكم السابق في العراق وربما تناسى هؤلاء أن سقوط ذلك النظام كان بفضل العرب الذين قدموا كل شيء لأمريكا من أجل إسقاط النظام واحتلال العراق، فلقد قامت أمريكا باحتلال العراق احتلالاً مؤقتا لتقديمه بعد ذلك على طبق من ماس للمحتل الايراني الذي غذى روح ونهج وممارسة الطائفية بأبشع صورها، من أجل هدم العروبة وصولاً لإحياء امبراطورية فارس البائدة ولقد اعتبرت ايران بعد ذلك المستفيدة الأولى والأكبر من كل ما جرى ويجري في العراق ولا ينافسها في تلك الإستفادة إلا الكيان الصهيوني، ولكم سمعنا في الآونة لأخيرة من تصريحات لعدد من المسؤولين الايرانيين تتغنى بإمبراطورية فارس وتحارب العروبة تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً ... لا أستغرب أقوالهم ولا أفعالهم، ولكني أستغرب أن يقوم بعض الكتاب ومنهم من  يدعي انه مفكر عربي بنفي وقائع التأريخ حين يذهب به القول ليقول أن معركة ذي قار هي تلفيق عباسي متأخر، ولم يسجل التاريخ مثل تلك المعركة التي حدثت في بداية القرن السابع الميلادي مدافعاً بذلك عن الجنس الفارسي الذي قد تربطه بهم طائفية بالية.. وأقول هنا إن كانت طائفتكم تغلب على قوميتكم فاعلموا أن الفرس حين اعتمدوا المذهب الشيعي بديلاً عن المذهب السني فقد اعتمدوه بعد ان تعلموه على ايدي العرب الذين استحضروهم من لبنان والبحرين ولا فضل لهم في ذلك.

وفي سوريا وفلسطين أيضاً نسمع الكثير من بعض الكتاب النكرة الذين يبحثون لهم عن مكان تحت الشمس، يشتمون ويتنكرون للعروبة، محملين العرب المسؤولية في ضياع فلسطين وفيما يجري حالياً في سوريا في الوقت الذي يتفاخر به الحزب الحاكم في سوريا بأنه حزب عربي ويحافظ على اسم الدولة الرسمي مقرناً إياها بالعربية، وفي الوقت الذي لا ينكر به الفلسطينيون عروبتهم بل ويتفاخرون بها رغم الإحساس بأن خذلان النظام العربي الرسمي لهم كان سبباً من اسباب ضياع فلسطين وهم بذلك يفرقون بين المواقف الشعبية والمواقف الرسمية.

لكل هؤلاء أقول أن العروبة ليست ثوباً ينزع، فهي في مورثاتكم ودمائكم ولا تستطيعون التخلص منها إن كنتم حقا عربا، فلهؤلاء أقول عودوا إلى عروبتكم وكفوا عن خذلانها بشتائمكم، وأما إن كنتم غير ذلك، فسأقدم الشكر لكم على تخليص العروبة منكم ومن أمثالكم فإنتم سلاح خفي ضد عروبتنا ولا بد من أخذ الحيطة والحذر منكم، ولا بد هنا من أن أذكركم ببعض مما قرأته عن أبحاث يقوم بها الصهاينة لتطوير سلاح كيماوي وغازات تختص بقتل العرب دون غيرهم وقتل بكل من يحمل في قلبه ودمه جينات عربية حتى لو كان متعايشاً مع اليهود .. فالصهاينة وأعداء العروبة لايفرقون بين عربي وعربي مهما كان دينه ومذهبه ولا فرق عندهم في ذلك بين سني وشيعي وزيدي وعلوي ودرزي أو بين مسيحي ومسلم، وهم لا يثقون ابداً بمن يقدم لهم خدماته على حساب شعبه وقوميته فهؤلاء بنظرهم ليسوا أكثر من عملاء لا يستحقون الاحترام ولا التقدير.

عمان – الأردن

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير