اليوم العالمي لحرية الصحافة، حرية التعبير وحرية التفكير

03.05.2015 05:37 PM

وطن - كتب: نزار بدران: يحتفل العالم اليوم الثالث من أيار باليوم العالمي لحرية الصحافة وقد فُقد منذ بداية هذا العام عشرات الصحفيين وسُجن آخرون.

حرية الإعلام وتوصيل المعلومة هي أحد نتائج حرية التعبير وكانت أولى نقاط بيان حقوق الإنسان المُعلن من الأمم المتحدة للعام 1948، وأيضاً أولى نقاط إعلان حقوق الإنسان والمواطن للثورة الفرنسية للعام 1789 .
كان مقص الرقيب قبل زمن العولمة والإنترنت هو الوسيلة المُثلى لتحقيق غرض السلطات لمنع حرية التعبير والإعلام. يمنعون من النشر ما يريدون وبدون علم القارئ. اليوم مع انتشار وسائل التعبير والإعلام الإلكترونية أصبحت مهمة الرقيب على الأفكار التي لا تُلائم سلطته صعبة. وهو ما أدى برأيي إلى تحول هذه الرقابة من وضعها البدائي بالمقص والصفحات البيضاء إلى ممارسة العنف والإرهاب ضد الصحفيين والإعلاميين من سجن وإبعاد وقتل وذلك لتخويفهم وجعل الصحافة تُراقب نفسها بنفسها. هذا ما نراه حالياً في معظم وسائل الإعلام العربية المكتوبة أو المرئية أو المسموعة. فالابتعاد عن ذكر ممارسات بعض الزعماء أو تحليل أوضاع بعض الدول وعدم انتقادها، واضح لكل مشاهد وقارئ ومستمع.

المراقبة الذاتية هي في الحقيقة أخطر من مقص الرقيب، فالخوف من العقاب أشد بطشاً بالمعلومة والخبر والتحليل منه من المقص. وسائل هذا التخويف ليست فقط القتل في بعض الأحيان وإنما أيضاً بتجريم الكتابة؛ باعتماد قوانين ملتوية كالتغريم الذي يؤدي إلى الإفلاس أو المتابعة القانونية والتهديد بالسجن تحت حجج واهية مثل المساس بكرامة الشخص أو بالمشاعر الدينية أو عادات المجتمع أو التشجيع على الإرهاب والعنف. الهدف طبعاً هو منع أي صحفي من الممارسة العادية لمهنته بنقل الحدث والتعليق والتحليل.

ما الهدف من كل ذلك؟، ولماذا هذا الخوف من نقل الحقيقة للقارئ؟. إن الهدف هو منع الناس من التفكير. منع النشر والتعبير لا يمنع أحد من التفكير الذي لا تستطيع أن تصله يد الرقيب، إلا أن انعدام وسائل نقل الفكر للآخرين يمنع تطوره فالفكر لا يأتي إلا بالنقاش وتبادل ألآراء، الهدف إذا هو منع المواطن من التفكير وتركه فريسة للجهل والإعلام الرسمي.

66 صحفياً قُتلوا العام الماضي بحسب مراسلون بلا حدود وعشرات آخرون سُجنوا، ونُصت قوانين مُحدَة للإعلام بدول كثيرة كبيرة وصغيرة.
كل ذلك لمنعي ومنعك أيها القارئ العزيز من التفكير، وأن تستطيع أن تصل إلى أن الوضع الذي نعيشه ليس طبيعياً ويجب تغييره. إنما عليك عزيزي المواطن أن تبقى تحت رحمة الفكر الواحد الأوحد الذي يملك كل الحقيقة، فهو يهدف لتسهيل حياتك اليومية فأنت لست بحاجة لأن تفكر بالظلم والفقر الذي تعيش به !!.

أنت إذاً أيها القارئ والمواطن من يستطيع الدفاع عن الصحافة والصحفيين وحمايتهم عندما تستعمل الوسائل المتاحة في هذا الزمن، التي لا تستطيع يد الرقيب أن تصلها. فلتقرأ ما تشاء على صفحات التواصل ألاجتماعي  وتكتب ما تشاء وتقول ما تشاء ولن يستطيع الرقيب أن يوقف الصحفي الصغير المتواجد في كل واحد من ملايين القراء.
دفاعنا عن الصحفيين والصحافة هو دفاع عن حقنا في التفكير وإبداء الرأي. ونستطيع إن أردنا أن نكسر مقص الرقيب أو نلوي يده.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير