معادلة.. "داعش" حركة تحرر وطني

22.05.2015 11:05 AM

كتب: حمدي فراج

"انتفضت" داعش مؤخرا انتفاضا ملحوظا وملموسا ومتنوعا، واجتاحت مدنا وبلدات ومحافظات ومعابر وتخوم ومنابع نفط، وبدت عكس التقييم الرسمي الدولي والاقليمي والعربي لها، من انها حركة ارهابية اصولية تكفيرية متطرفة، تجز الرقاب على الهواء مباشرة، لكل من عارضها، ولكل من هو غير مسلم، لمجرد انه يحمل جنسية اجنبية، امريكي بريطاني ياباني فرنسي، حتى لو كان صحافيا او عامل في الاغاثات الانسانية، ووصل بها الامر ان تحرق اسيرها الطيار الاردني حيا، وتقطع رؤوس العمال المصريين في ليبيا واضعة الرؤوس في ناحية والجثث في ناحية اخرى لكي لا يتم معرفة رأس هذه الجثة وجثة ذاك الرأس بسهولة.

هذه "الانتفاضة" الداعشية التي ادت الى احتلال الرمادي وبيجي في العراق، القلمون وتدمر في سوريا، خلال بضعة اسابيع، توقعها البعض بعد وفاة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز مطلع العام الجاري، حيث لم يخف الداعشيون فرحتهم برحيله. لكن التطور الدراماتيكي جاء في "عاصفة الحزم" على اليمن بعد اقل من مئة يوم على الوفاة، بحلف عسكري عربي ودولي بقيادة سعودية، الامر الذي لم يحدث قبل الآن ولا مرة.

الهدف بالطبع اسقاط نظام الاسد، وقد تمكنت الولايات المتحدة من استحداث مخرج للمأزق الذي وضعتها فيه حركة داعش، بمصطلح ديبلوماسي معقول ومقبول، تمثل في دعم "المقاومة المعتدلة"، دعما عسكريا وماليا متكثفا ومتطورا، بما في ذلك فتح قواعد التدريب في أكثر من دولة عربية واقليمية متاخمة، لكن المنطق العملي البرغماتي، الذي لا يعير انتباها كبيرا الى الوسائل والمقدمات، بقدر ما يعير الغايات والنتائج، لا يضيره تقديم الدعم للشيطان وما كان لداعش ان تحقق كل هذه الانتصارات بدون دعم كبير ومتنوع يتماهى مع هذه الانتصارات المتعددة في الحقبة الزمنية القياسية. 

من ضمن مناحي هذا الدعم، ما نراه على الفضائيات العربية والدولية الكبيرة، - وبعض الفضائيات الصغيرة التي تتنفس من نفس الرئة الممولة - تتعمد نشر اخبار انتصارات داعش، من باب انها موضوعية، رايات داعش السوداء، والكثير من شرائطهم المتمثلة في سيطرتهم على الاماكن والمواقع والخرائط، وتمزيق صور الاسد، وردم الاثار  في النمرود وغيرها من باب انها اصنام، وأخيرا خطابات ابو بكر البغدادي بصفته خليفة المسلمين في العراق وسوريا ومبايعيه في ليبيا ومصر واليمن  والبوكو حرام.

وبعد ان يتم التخلص من بشار الاسد، سيصبح الوطن العربي وطنا نموذجيا، ستختفي الملكية، وتتدول السلطة، وسيشاع بين الناس هامشا متقدما من الحرية والديمقراطية، وستختفي مظاهر البؤس والجوع والفقر والبطالة والهجرة، وستوزع الثروات على الجميع، وستحصل المرأة العربية على حقوقها الاساسية. والاهم من كل ذلك، سيتم تحرير فلسطين.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير