كاتب إسرائيلي:اللهجة العربية قريبة من اللهجة العبرية حين يتعلق الأمر بإيران

23.05.2015 05:57 PM

وطنصرحت وزيرة العدل والخارجية سابقاً في إسرائيل، تسيبي ليفيني في أكتوبر الماضي في حوار مع الإذاعة الوطنية الأميركية بـ"أنه لا توجد دولة تشارك إسرائيل قيم الاعتدال والموقف من إيران وضرورة مواجهة التطرف مثل السعودية، عندما تسمع السعوديين يتحدثون عما ينبغي عمله لمنع إيران من أن تتسلح نوويا فإن ذلك يبدو مألوفا، اعتقد أن اللهجة العربية تبدو قريبة من اللهجة العبرية حين يتعلق الأمر بإيران". الوزيرة السابقة كانت تتحدث عن مدى اتساق موقف تل أبيب والرياض في عدد من القضايا المهمة في المنطقة، وعلى رأسها الموقف من إيران، وبرنامجها النووي تحديدا، وربما كان تصريح ليفني الأكثر وضوحاً وصراحة فيما يتعلق بارتباط مصالح العاصمتين وتوافقهما، وبعيداً عن ما يتكشف بمرور الوقت من عمق العلاقات بين الدولتين، فأن ما يتعلق بالملف النووي الإيراني لكل من الرياض وتل أبيب شهد تطور فاق كافة التوقعات، حيث أنه لم يقف عند نقطة التوافق ولكن وصل إلى التنسيق بين العاصمتين، سواء بتقاطع سيناريوهات رد الفعل على الاتفاق النووي الإيراني بما فيها رد فعل عسكري، أو الموقف تجاه إدارة أوباما، حيث يرون خطورة في تمريرها للاتفاق دون تقديم ضمانات سياسية وإستراتيجية كافية لهم، تحوّل دون تحسين وضع إيران الإقليمي والدولي وماله من تداعيات تؤثر على سياسات كل من الدولتين.

وعليه، لوحظ منذ بداية هذا العام تنامي سريع في وحدوية موقف السعودية وإسرائيل، تجلى في الخطاب السياسي والإعلامي، وتطور إلى تنسيق يهدف في مرحلته الآنية إلى إيجاد طرق ضغط على الإدارة الأميركية لعرقلة الاتفاق النووي قبل أيام من توقيعه النهائي الشهر القادم. بداية من تأييد خطاب نتنياهو في الكونجرس ودعوة كُتاب سعوديين أوباما للاستماع إليه، وصولاً إلى تأييد ساسة ومسئولين إسرائيليين لردود فعل القادة السعوديين تجاه الإدارة الأميركية فيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني، وأخرها عدم ذهاب الملك سلمان بن عبد العزيز إلى قمة كامب ديفيد الأخيرة، وصولاً إلى إعلان وجود مثل هذا التنسيق وما له من دلالات سياسية عديدة.

في هذا السياق، كتب المحلل والمحرر السياسي لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية، بن كسبيت مقال في موقع"المونيتور الأميركي" تساءل من خلاله عن مدى التعاون بين تل أبيب والرياض، مستعرضاً المواقف السياسية للعاصمتين مؤخراً تجاه الإدارة الأميركية فيما يتعلق بالملف الإيراني، وكاشفا -ربما لأول مرة من الجانب الإسرائيلي الرسمي- عن وجود تعاون وثيق بين الدولتين في هذا الشأن.

والمقال بنصه كاملا بين يديكم

المقال السابق الذي نُشر هنا هذا الأسبوع، الـ 12 من مايو، وصف واقعاً فريداً من نوعه، في إطاره يرفض بنيامين نتنياهو الدخول في حوار من أي نوع مع الحكومة الأمريكية بهدف تلقي حزمة تعويضات سخية، وربما لا سابق لها نتيجة للاتفاق المتبلور بين إيران والقوى الكبرى، والذي جرّ الكثير من ردود الفعل؛ ليس فقط من العاصمتين المعنيتين واشنطن والقدس، وإنما من قبل المنظومة الدولية برمتها، وسيما أوروبا والشرق الأوسط.والحق انه، وإلى اليوم، فإن جهات دبلوماسية رفيعة المستوى تعتقد ان إسرائيل تنسق خطواتها هذه مع السعودية، ليس من قبيل الصدفة ان الإسرائيليين يرفضون الدخول في حوار مع الأمريكيين، وفي المقابل يقوم ملك السعودية بعملية علنية محرجة ويقول "لا" للرئيس الأمريكي، قال لي هذا الأسبوع مصدر دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى "تعمل إسرائيل ضد الاتفاق على جميع الساحات، وليس فقط في الكونغرس الأمريكي، وإنما في الخليج أيضًا، المسيرة الإسرائيلية تدعم المسيرة السعودية، وبالعكس".

بكلمات أخرى: إسرائيل تعيش ذروة حرب دبلوماسية عالمية (سرية في جزء منها) ضد الولايات المتحدة، في هذه الحرب إسرائيل بالذات هي من تقود أو ان شئت هي الكبرى.الأمريكيون بلا استشارات، لقد يئسوا من فهم منظومة حسابات نتنياهو ومبرر تحركه، وأصبح من ناحيتهم لغزًا محيرًا، حسب فهم الأمريكيين نتنياهو على وشك ان يصيبه الصلع في ناحيتي رأسه، ويوشك ان يخسر كل شيء، وأن يفوت فرصة كبيرة للتحديث الاستراتيجي، وليت الأمريكيين يفكرون في أنفسهم بأن نتنياهو يعلم انه إذا أنجز الاتفاق مع إيران فإن الرئيس سيمرره الى الكونغرس، لا فرصة لنتنياهو بأن يوفر أغلبية من ثلثي أعضاء الكونغرس ومجلس النواب ليستطيع لجم هذا الاتفاق.

"تدخل نتنياهو في السياسة الأمريكية الداخلية، والخطاب الذي ألقاه أمام مجلسي الكونغرس في 3 مارس في مواجهة لا سابق لها مع الرئيس؛ كل ذلك حصرًا كان له جدوى لمعسكر أوباما، إذ وحدوا الأقلية الديمقراطية" قال لي مسؤول في واشنطن ضليع في ما يجري فوق التل، "ولذلك فما بقي أمام نتنياهو ليفعله الآن هو ان يحاول الاستفادة من الوضع لصالح تحقيق ما يمكنه من العقارات الاستراتيجية من أجل أمن إسرائيل القومي، وهذا يجب أن يقوم به الآن، يجب ضرب الحديد بينما هو ساخن، ولكن نتنياهو يتصرف مثل شخص يتنصل من جميع تلكم الهراءات، ويعرف ما لا يعرف الآخرون".

من حول نتنياهو، هناك من ينبري للتفسير "الذهاب الى المفاوضات بشأن حزمة تعويضات الآن مع الحكومة الأمريكية" كما يقول مسؤول سياسي إسرائيلي "تعتبر في الواقع كمن يتدرب على الزحف، يعتبر نوعًا من الموافقة الإسرائيلية، وإن كان بالسكوت على الاتفاق المتبلور مع الإيرانيين؛ هكذا يبدو الأمر” قال المسئول"، مرفوض من الناحية الاخلاقية بالنسبة لنتنياهو الذي أقسم ان يقاتل ما وصفه بـ "التراجيديا التاريخية" بكل ما أوتي من قوة، وحتى النفس الأخير، وربما بعد ذلك أيضًا؛ لن يوصم بأي شكل من الأشكال بالموافقة على هذا الاتفاق، ليس بالفعل ولا الاغفال، والحقيقة ان نتنياهو ليس الوحيد الذي يتصرف بهذه الطريقة، وإنما عدد من حلفاء الولايات المتحدة المهمين في المنطقة" أضاف المسئول.شاركت شخصيات أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى في مجال الاستخبارات قبل عدة شهور في "لعبة حرب" أقيمت في أحد المراكز الفكرية الكبرى في الولايات المتحدة، تتخيل اللعبة سيناريوهات مختلفة للمفاوضات بين القوى الكبرى وإيران ضمن التمرن على أساليب تحرك مختلفة، وحتى إمكانية تدهور شديد، وصولًا الى المواجهة العسكرية، الشخصيات الإسرائيلية لم تلعب دورًا في اللعبة ذاتها، ولكن عندما سألناها عن رأيها قالت انه "لا يمكن الذهاب الى مفاوضات مصيرية من هذا النوع دون عصا، القوى الكبرى وسيما الولايات المتحدة يلعبون فقط باستخدام الجزرة، تخيلوا انه وذات ليلة يصيب صاروخ من طراز "توما هوك” غير معروف مصنعًا لإنتاج أجهزة الطرد المركزي في إيران، بعد عرض فيديو قبلها يؤكد ان المكان خالٍ أثناء الليل دون وقوع إصابات في الأرواح، هكذا ببساطة في منتصف الليل يدمر موقع بناء حساس ذو علاقة بالبرنامج النووي الإيراني دون ان يتبنى أحد المسؤولية الواضحة عن العملية، ماذا سيفعل ذلك للمفاوضات مع الإيرانيين؟ ماذا سيفعل ذلك بالمرونة الإيرانية؟". وحسب أقوال الشخصيات الاسرائيلية الرفيعة المستوى فإن "الولايات المتحدة ذهبت الى المفاوضات مع إيران كدولة راعية وليس كدولة كبرى، بينما تتصرف إيران وكأنها دولة عظمى غير قلقة من انعكاسات أفعالها".

في حوار خاص مع "المونيتور" قال المسئول الإسرائيلي "بعد كل جولة مفاوضات مع إيران؛ عاد الأمريكيون الى بلادهم وشرعوا بمجهود يائس للمزيد من الليونة في موقفهم، وفكروا بحلول خلاقة، فتنازلوا هنا وهناك، وحاولوا إيجاد قطع حلوى أخرى ليقدموها للإيرانيين، وما تفعله إيران بعد كل جولة من المباحثات؟ لا شيء، يعودون إلى بلادهم ولا يقومون بشيء ولا يتزحزحون عن موقفهم وليسوا قلقين، لا يمكن إدارة المفاوضات بهذه الطريقة، الحقيقة الأبرز هي ان الإيرانيين علقوا برنامجهم العسكري في العام 2003 عندما اجتاح الجنود الأمريكيون العراق الجارة، لا يحث أحد الولايات الأمريكية على اجتياح أي مكان، ولكن لا شك ان إيران تحترم القوة وتفهم القوة، والحقيقة انهم يفهمون ومقتنعون ومتأكدون انه لا نية للولايات المتحدة باستخدام الخيار العسكري، وألا مخرج أمامها سوى إنجاز الاتفاق، وهذا الأمر يسير لصالح إيران".

بين الجانب الإسرائيلي السعودي وبين الأمريكيين توجد الآن هاوية غائرة ولا يمكن ان تجسر تقريبًا، الأمريكيون متمسكون بموقفهم: لا بديل عن الاتفاق مع إيران حاليًا، هذا هو الوضع القائم يجب ان يحقق أقصى مزاياه وخفض عيوبه قدر الإمكان، في حال أنجز الاتفاق سيصدقه الرئيس في الكونغرس، وفي حال عدم حدوث ذلك أيضًا فلا مجال لمنعه، إذ انه لن تتوفر أغلبية الثلثين ضده، لذلك فالأمر الأكثر منطقية الذي يستطيع نتنياهو فعله الآن من أجل أمن إسرائيل القومي هو الشروع في حديث مع الحكومة الأمريكية، لن نطلب منه ان يمتدح الاتفاق أو أن يتحدث لصالحه، كل ما هو مطلوب منه ان يفعل هو ان يعتدل في نشاطه داخل الكونغرس ضد الاتفاق وانتهى.في الوضع الراهن؛ هناك نافذة للنوايا الحسنة لدى الحكومة الأمريكية، وهي ان بإمكان إسرائيل ان تحقق إنجازات كبيرة جدًا في كل ما يتعلق بأمنها القومي.

سيكون من الممكن القيام بحوار حول اليوم الذي يلي الاتفاق، وعن مساعدة أمنية وعسكرية، وعن أساليب الرد لحالات اختراق الاتفاق من قبل إيران، وعن الرد الإسرائيلي، وعن شروط تشديد العقوبات من قبل الولايات المتحدة، وعن سياسة مشتركة والرد على استمرار استفزازات إيران في الشرق الاوسط عمومًا، وفي الدول المحيطة بإسرائيل على وجه الخصوص.نتنياهو يتخلى عن هذا كله بتلويح رافض من يده، الآن هو لا يعتبر أوباما، وربما تخلى تمامًا عن الرئيس ويعد لنفسه الأشهر الباقية له في البيت الأبيض لحين وصول خليفته، وعلى أية حال ففي واشنطن مقتنعون بأنه لا يدور الحديث عن رد عقلاني، وإنما حساس أو ربما حتى نفسي.في هذه الأثناء.

يتجهز نتنياهو لتسونامي سياسي متنامي سيحط على إسرائيل، البراعم الأولى قد بزغت، وتلقى نتنياهو في الأيام القليلة الماضية معلومات حول المآزق في واشنطن حول تجديد المبادرة السلمية بكامل القوة أو الاكتفاء بقرار مجلس الأمن (دون فرض الفيتو) أو هجر القصة برمتها والاستسلام، نتنياهو من جانبه سيبذل قصارى جهده لكي يرفع الأمريكيون أيديهم. قال لي مصدر أمريكي من واشنطن هذا الأسبوع انه على الأقل الى الآن هناك ما يدل على ان أوباما أبعد ما يكون عن الاستسلام، "ما يزال أمامه وقت، حوالي عامين، ولم يتنازل عن الشأن الفلسطيني"، قال المسئول "ربما من هذه الناحية أيضًا من الأفضل لبيبي ان يشرع في التحدث مع الحكومة فورًا، بدلًا من ان يتلقى على رأسه مبادرات سياسية غير مرغوب فيها بعد ذلك".

تصميم وتطوير