جلسة تحقيق عند ذوي القربى

05.06.2015 02:35 PM

وطن- كتب: أيسر البرغوثي

ذات الهواجس ظلت تلاحقه منذ اختار هذا العمل.. كان كلما رشف من قهوته في ساعات الليل المتأخرة يحاول اقناع نفسه انه ليس هكذا..

“تعرضتُّ للمطاردة لسنوات..أصابتني جراح كادت تفتك بي"..  يقول محاولا دفعَك كي تتفهّم.. ولا يسهو بالطبع عن السنوات التي قضاها في السجن مع شبان من مختلف التنظيمات.. وكيف أنه وبعد الافراج عُرِضت عليه رتبة ملازم مع مرتبة "الأقدمية في النضال" التي حازها بشرف الانتفاضة الأولى..

حكاية بطولاته " أيام العز" في انتفاضة 1987، والسنوات التي تلتها، كانت كانحناءة ينعطف نحوها كلُّ كلام يبدأ به...
يغوص في كل القضايا.. الدولة.. التفاوض.. المقاومة.. الطبخ.. النساء.. الدين.. غير ان "كفاحه" يترصّد بين السطور.. ليخطف الحروف منه.. فتتملكه نشوة الشعارات التي كان يخطها على الجدران متحديا بها حرس الحدود مطلع التسعينيات..
في ذلك اليوم.. كنت قد استدعيتُ لمقابلة.. بعد الانتظار طلبوا مني الصعود إلى الطابق الرابع.. في إحدى الغرف كانت أمجاده تغلق الباب على نفسها في انتظار المحقق " الحكواتي"...

يسأل قليلا عمّا كان سيعرفه لو دقق في البطاقة الشخصية.. ثم يخوض طويلا في رواية بسالته، وقصص التحقيق التي يمارسها الآن.. كيف عانى منها سابقا على أيدي المخابرات الاسرائيلية.. تكتشف سريعا عقدةً من نوع ما مغروسة في نفسه...
مع مضي الوقت، ورتابة القصة وركود محطاتها.. تشعر أن المحقق جلبك ليعلن أمامك- وأمام كل من يستدعيهم- براءته من كل ما ينسبوه إليه.. تراه شرودا في طرح "تفاصيل النضال" وتقديم "الوطنية" في عقله..    

لكنك وبعد أربع ساعات في مواجهة مكيّف تصطك منه أسنانك وتخر عظامك.. لن تكون مذعنا سوى لأوامر بتعديل الجلسة ..أو طلب التوقيع على تعهّد .. أو الافراج...

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير