حين يتم تغييب الشعب.. لن يدافع!

29.06.2015 05:30 PM

وطن - كتبت:وفاء عبد الرحمن:في لقاء جمعني بمسؤول (كبير) في البلد، أغضبته ملاحظاتي النقدية لرؤوس النظام السياسي الفلسطيني (إن اتفقنا على وجود نظام)، ودافع بشدة أن لا تنتظروا من أحد أن يقول لكم ما العمل (يقصد الشعب)، عليكم التحرك ورفض ما ترونه مضراً!

ردي القصير كان "حين تفتحوا دفاتركم للشعب، حين تخاطبوه وتقدموا له التقارير عما تفعلون ولا تفعلون، سيتحرك، ولن تعجبكم النتيجة"!

هل تغييب الناس مقصود؟ أم مجرد مؤشر على الارتباك السياسي الفلسطيني وعدم قدرة صانع القرار على مواجهة الجمهور وتقديم كشف حساب حقيقي يحترم ذكاء الناس وذاكرتها؟
فهل استقالت حكومة الحمدلله؟ ام أقيلت؟ أم لا هذا ولا ذاك؟

ما الحكمة من وضع الناس أمام أحجية تسريبات وتصريحات تزيدهم ارتباكاً؟ التسريبات الصحفية قالت أن الحمدلله يريد تغيير حكومته "وزراء ضعفاء"- كما اعترف أو اشتكى امام اللجنة التنفيذية، ثم جاء تصريح الرئيس للمجلس الثوري لحركة فتح أن الحكومة ستستقيل خلال 24 ساعة وسيجري العمل على تشكيل حكومة وحدة، بعدها تسريبات صحفية أكدتها "مصادر مطلعة" أن حكومة الحمدلله قدمت استقالتها، وبعدها بأقل من 12 ساعة خرج الناطق باسم الرئاسة "أبو ردينة" لينفي الاستقالة!

ثم اجتمعت اللجنة التنفيذية بطلب من الرئيس، لا أعرف تحت أي عنوان اجتمعت، هل كان بحث استقالة/اقالة الحكومة؟ أم تشكيل حكومة جديدة في ظل بقاء الحكومة الحالية على رأس عملها؟ أم بحث أزمة الحكومة الحالية وعدم قدرتها على القيام بوظيفتها التي نص عليه بيان تشكيلها والالتزامات التي تم تعليقها في رقبتها؟

المهم في الموضوع، الحكومة لم تستقيل، ولكن يمكن اقالتها في أي لحظة، فمن شكلها يمكنه أن يعفيها في أي لحظة، ولكن الفارق هنا هو دعوة اللجنة التنفيذية (أعلى هيئة قيادية في النظام السياسي) لتأخذ دورها بما انها تمثل الكل الفصائلي المنضوي تحت منظمة التحرير.

المحزن أن أعلى هيئة قيادية للشعب الفلسطيني تنازلت طوعا عن دورها، لصالح أحد التنظيمات . فتشكيل لجنة لبحث تشكيل حكومة واجراء مشاورات مع حماس والجهاد- بما أنهما الفصيلين غير الممثلين في المنظمة- كان يجب أن ترأسها شخصية عضو لجنة تنفيذية، وليس عضو لجنة مركزية لأحد الفصائل، كانت فرصة ذهبية للجنة التنفيذية لاعادة هيبتها ودورها وتعديل الميزان، ولكنها تنازلت عنها طوعاً، أو خوفاً من تحمل المسؤولية لنتيجة محسومة مقدماً.

وفي ظل هذه الفوضى والتصريحات المتناقضة والمتضادة، بدأت تتسرب أسماء لوزراء محتملين يضافون كعبئ مالي وإداري جديد، ما يهم الناس هو وجود حكومة قادرة على القيام بمهماتها، وغير مهم تسميتها (وحدة، وفاق، خلاف، فصائل)، ولا أسماء الشخوص الذين سيحملون الحقائب، بل المهم أن تتم تسمية هؤلاء من قبل الفصائل لتكون الفصائل مرجعية كل وزير، وليفهم أن وجوده تكليف وليس تشريف دون محاسبة ولا مساءلة في ظل غياب المجلس التشريعي.

إذن لتكن حكومة "فصائل"، ولنا كجمهور محاسبة الفصائل على أداء الوزير المحسوب عليها، ولكن قبل هذا لنتفق على مهمات ووظيفة هذه الحكومة، ولن نخترع الذرة، فقد تم التوافق ان أي حكومة ستأتي (بعد اتفاق الشاطئ، وبناء على اتفاق القاهرة)، مهامها واضحة:

إعمار قطاع غزة- وليس اعادة اعماره فهو لم يتعمر ليعاد اعماره، رفع الحصار عن القطاع عبر العمل الجدي على فتح المعابر جميعاً بما فيها الممر الآمن، توحيد مؤسسات السلطة الفلسطينية بما يتضمن حل مشكلة الأجهزة الأمنية والرواتب، والتحضير للانتخابات العامة (تشريعية ورئاسية).

إن اتفقنا على وظيفة الحكومة، وأن وزراءها منتدبون من الفصائل- يعني سياسية ولكنها لا تمارس العمل السياسي (تحديداً المفاوضات والملفات المتعلقة بالتمثيل)، فسنتفق أننا لسنا بحاجة لحكومة من عشرين وزير، بل حكومة مقلصة جداً تعمل على الملفات سابقة الذكر، اما الوزارات، فالوكلاء والمدراء يمكنهم أن يسيروا أعمال الوزارات إلى حين اجراء الانتخابات وتشكيل حكومة طبيعية (لدولة فلسطين).

الناس فقدت الثقة في الجميع، ولا يهمها إلا ان ترى واقعها يتغير للأحسن، وإن كان هناك دفع ثمن، فليدفعه الجميع- فلا يمكن التضحية بالناس كل الوقت وفي أي وقت- لا يمكن مطالبة الناس بالتحرك لانهاء الاحتلال وتحرير الأقصى وبيوتهم مهدمة، ومستقبلهم ضائع بين فتح معبر رفح واغلاق معبر بيت حانون، لا يمكن للناس أن تتحرك والديون تحاصرها من الجهات الأربع، والأسعار والضرائب (وأحدثها ضريبة التكافل في القطاع) تخسف سماءهم التي يلتحفون بها.

لا تعتبوا على الناس يستقون معلوماتهم من إعلام العدو، ويتندرون على القيادات الفلسطينية، حجم ثرواتها وعدد المليونيريات بينهم، عدد السفرات وقضاء الوقت خارج الوطن، الجنسيات الأخرى التي يحملونها، عدد بطاقات ال VIP ونوع التسهيلات التي يحصلون عليها.

خاطبوا "الجمهور" ليشعر أنه يمتلك المشروع الوطني "مثلكم" وله الحق في أن يقول كلمته فيه، واصدقوهم القول فيما تمتلكون ولأي أغراض تسافرون، ولماذا  لا تحملون "أعباء" الجواز الفلسطيني كما يحملونها- بغض النظر أن لون جوازاتكم مختلف.

يا سادة (وحديثي للسادة في الضفة والقطاع)، قالها شاعرنا العظيم "محمود درويش" وصفقتم له دون أن تسمعوه:
"سألني: هل يدافع حارس جائع عن دار سافر صاحبها، لقضاء إجازته الصيفية في الريفيرا الفرنسية أو الإيطالية.. لا فرق

قلت: لا يدافع.!"

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير