داعش ومسيحيو القدس

01.07.2015 10:56 PM

وطن - كتب نبيل ازحيمان: يتناول أبناء القدس في الأيام الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وبشكل “هستيري” بيانات منسوبة لتنظيم داعش الارهابي.

في هذا السياق أود أن أوضح ما يلي:

صحة صلة البيانين بتنظيم داعش لم تثبت بعد، ويبدو لي من قراءة سريعة للبيانين أن صياغتهما وفحواهما يدعوان للشفقة وأن من قام بصياغتهما لا تربطه أي علاقة من قريب أو بعيد بتنظيم داعش.

والحالة تلك، عار علينا أن يقودنا معتوه قام بصياغة بيان وُزِّعَ من عشرات النسخ، الى حالة هستيريا نفقد معها قدراتنا التحليلية وعلى رؤية الأمور على حقيقتها.

وللعلم، لو أن البيانين صحيحين، فأرى التهديد يشملني من بابين: أولهما أن هوة فكرية لا نهائية تفصلني عن أعضاء تنظيم داعش والصراع بين فكري وفكرهم لا محالة آت، وثانيهما أنني لن أتأخّر في الدفاع عن ملح البلاد وستشملني الملاحقة والوعيد.

لا يغيب عنّي أن من قام بالسيطرة على الفكر التكفيري الاقصائي وقام بتوظيفه لخدمة غاياته هو الغرب وبدأت بذلك بريطانيا واليوم تتولى أمريكا هذه المهمة القذرة وتساندها اسرائيل، وعليه، فإن أي تحرّك لداعش لا بد وأن يحصل على مباركة اسيادها، ولا أعتقد أن لأمريكا مصلحة بافراغ القدس من سكانها المسيحيين، وإن كانت فكرة الافراغ مقبولة على اسرائيل.

يبدو لي أنه في أحسن الأحوال، وإن ثبت صحة هذين البيانين، فإن الغاية منهما هو اثارة حالة هلع في صفوف المسيحيين لا تصفيتهم الجسدية أو الوجودية، على أن يتولى هذا الأمر المسيحيون أنفسهم، سواء بحزم حقائبهم والهجرة الى بلاد الله الواسعة، أو أن يدفعهم الخوف والهستيريا الى قرع طبول الحرب والدخول في مواجهة مع الأغلبية العربية المسلمة في القدس وسائر مدن فلسطين.

شعبنا بجميع أطيافه أكثر وعيا من أن يخيط له ضابط مخابرات أمريكي أو صهيوني ثوب الفتنة فيلبسه ويحسبه واقيا وهو في واقعه أوهن من بيت العنكبوت.

كفانا اعطاء هذين البيانين المدسوسين بعدا لا يملكه أي من البيانين، وكفانا استخدام توريات وقرائن من التاريخ لا تمت بصلة الى واقعنا والى واقع تنظيم داعش.

ويخرج علينا أحدهم ويطلق تحليلاته أن القضاء على مسيحيي فلسطين هو الاستثناء لاستراتيجية داعش الحربية التي تسير على خطى مدرسة صلاح الدين الأيوبي والتي بموجبها يحين موعد مواجهة الاحتلال الاسرائيلي بعد القضاء على بؤر المعارضة الداخلية كي تكون الجبهة الداخلية متحدة في وجه الصهاينة. ولكّن هذا المحلِّل لم يتحفنا بسرد التعليل لتحليله الهزيل الذي لا يرقى لأن نطلق عليه وصف “الخاطرة”، حتى وإن وافقت صحيفة لها انتشارها في المنطقة أن تنشره.

ويصرّ البعض الآخر على تجاهل الحكمة التي تعامل بها البطريرك فؤاد طوال مع هذين البيانين على أنهما صادرين عن جهة لا علاقة لها بتنظيم داعش لا من قريب ولا من بعيد، ويحاول هؤلاء المحللون قراءة ما بين سطور هذين البيانين وتحليل فحواهما الضحل على أنه يحمل في سطحيتة معانٍ دفينة لا يراها الا أمثال هؤلاء المحللين.

لكل هؤلاء أقول: اتقوا الله فيما تقولون، فكلماتكم لا تسبح في فراغ بل يحسبها البعض ذات معنى وهي في جوهرها تفاهات ولكنّها تملك قوة اثارة المخاوف وخلق حالة من الهستيريا، ولا أعرف وصفة أفضل من ذلك لاثارة الفتن الطائفية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير