هل يكسب التعديل الحكومي الجديد ثقة المواطن؟ كتب: عقل أبو قرع

02.07.2015 08:41 AM

بعد الكثير من الاحاديث ومن الاخذ ومن الرد، ومن الاجتماعات ومن الاتصالات بين اطراف عديدة، ومن الزخم الاعلامي والفصائلي، وبعد الحديث عن حكومة وحدة وطنية او حكومة وفاق، او حكومة ذات بعد سياسي او فصائلي، او عن تغيير حكومي ملموس، اصبح الان من الواضح ان الحكومة تتجة فقط نحو تعديل محدود، يشمل بعض الحقائب الوزارية، والتي هي غير معروفة بعد، او حتى من غير المعروف، ما هي الاسباب او الاهداف الحقيقية لهذا التعديل البسيط، او بالاساس لماذ كل هذه الضجة عن التغيير او التعديل الحكومي، والذي وفي ظل بقاء الاوضاع على ما هي علية، على الارض، وبالاخص بين الضفة وغزة، او من ناحية الجمود السياسي والاجراءات الاسرائيلية المنفردة، او من ناحية محدودية الايرادات والمدخولات، وبالتالي بقاء القيود ومحدودية العمل، من المتوقع ان لا يؤدي هذا التعديل البسيط الشكلي المحدود، الى اي تغيير جذري في الاداء او في السياسات او في خطط جديدة، وبالتالي في انجازات او اعمال نوعية، يمكن ان تنعكس على الارض وعلى حياة المواطن والناس؟

وبالتالي، فأن السؤال الاهم، هذه الايام هو لماذا كل هذه الضجة حول هذا التعديل، وماذا سوف يحقق، او هل سوف يضيف شيئا جديدا في حياة الناس، وما هي الاهداف الحقيقية للقيام بة، ونحن نعرف ان امكانيات الحكومة، سواء من ناحية الواردات من الداخل، او من ناحية المدخولات من المنح من الخارج، لن تتغيير، وبالتالي فأن مستويات الانفاق او حتى المجال في التعديل في مستويات النفقات، من خلال هذه الوزارة او تلك هي محدودة، وحتى وفي ظل غياب التواصل الواضح والصريح مع المواطن، فأن المواطن اصبح لا يلي او يعطي الكثير من الاهتمام لما يحدث او ما يقال، سواء اكان الحديث عن تغيير او عن تعديل، او عن ادخال وجوة جديدة على عمل الحكومة، ورغم ذلك، فأن الناس تتوقع ان تعرف لماذا هذا التعديل وما هي الاثار الايجابية لة، ومتى وكيف يمكن قياس هذه الاثار، او ملاحظة اثار التغيير، في مجالات الحياة اليومية للناس؟
ونحن نعرف ان الحكومة الحالية وغيرها من الحكومات السابقة، وبسبب الوضع الخاص في بلادنا، هي بعيدة نوعا ما عن التعاطي في السياسة وفي مجالاتها، وعن التفاوض وغير ذك، وهي بالاخص الاداة التنفيذية التي تقوم بتطبيق البرامج والخطط والمشاريع لخدمة المواطن او للحفاظ على صمودة او ثباتة، او لتنميتة، سواء في التعليم او في الصحة او في الزراعة او في المجال الاجتماعي وغيرهما، وكل ذلك يعتمد على الارقام والحقائق، والاهم توفر الميزانيات للعمل في المسارات المختلفة، وبالاخص في مسارات هامة ولها اثار بعيدة المدى ، كالتعليم والصحة والدعم المستدام للقطاعات الانتاجية، من زراعة وصناعة ومياة، وفي كيفية الحفاظ على المصادر الطبيعية المحدودة في بلادنا.

وحتى لو حقق هذا التعديل المزيد من الانسجام ومن التفاهم او التناغم في داخل الحكومة، وحتى لو عمل الوزراء الجدد والقدامى ساعات اطول، وحتى لو عمل رئيس الحكومة بتفاؤل كبير، من اجل الارتقاء بعمل الحكومة، والاهم في المجالين المالي والاقتصادي، الا ان محدودية الخيارات وشحة الامكانيات ووجود الكثير من القيود والمعيقات، لن يترك الكثير من الابواب للتقدم، وبالاخص انة كان من اولويات عمل هذه الحكومة وبالتالي سوف يستمر، هو العمل الدؤوب والمتواصل، والذي يستنزف الوقت والجهد والتفكير، من اجل تأمين الرواتب لحوالي 160 الفا من الموظفين، في الوقت اللازم ، بعيدا عن خطط تنموية او تطويرية، سواء اكانت بعيدة او قصيرة الاجل؟.

وقبل ايام اقرت الحكومة الميزانية الجديدة، اي ميزانية عام 2015، والتي بلغت حوالي ال خمسة مليارات دولار ، في ظل عجز مالي جديد، يزيد من العجز المالي المتراكم، الذي تعدى عتبة المليار دولار امريكي، وفي ظل غياب عمل الجهاز الرقابي الاهم، وهو المجلس التشريعي الفلسطيني، ومعروف انة في العديد من دول العالم، ان الميزانيات السنوية او تقديمها هي من الامور الاكثر حساسية، او الاكثر اهمية في عمل الحكومات، وهذا ينطبق وبوضوح على عمل الحكومة في بلادنا، التي هي مهامها تنفيذية محضة، تعتمد على الميزانية وبنودها، وهي بعيدة عن السياسة وعن القرارات الكبيرة، وبالتالي فأن تقديم ارقام الميزانية وما ينتج عنهما من مشاريع ومن خطط وبرامج، وما يمكن ان يتبع ذلك من تداعيات، ترتبط بمدى الدعم الخارجي او توفر اموال المانحين، وترتبط كذلك بمدى التجاوب الداخلي من خلال الايرادات والالتزام بدفع الضرائب والرسوم والجبايات.

لذا ومن اجل توضيح ما تم من غموض، سواء حول اسباب او اهداف هذا التعديل الحكومي، او حول الميزانية وبنودها والعجز، وللحفاظ على ثقة المواطن الفلسطيني ولتدعيم وتقوية هذه الثقة، اليس من الاحرى ان تبادر الحكومة، وبشكل سريع الى التواصل الواضح مع الناس لشرح ذلك، من خلال تحديد اهداف مرتبطة بفترة زمنية، ومن ثم عقد نقاش علمي، يتم من خلالة عرض الارقام وبوضوح وشفافية وموضوعية ، ويكون الهدف اومن اهم المخرجات من هذا اللقاء هو التوضيح للمواطن الفلسطيني، وبدون لبس او غموض او تعقيدات ، الاسباب والاهداف من التعديل الحكومي، وفيما يتعلق بالميزانية، توضيح الارقام الحقيقية في العجز الحالي والتراكمي، لانة في النهاية، هذا المواطن، هو الذي يتحمل المسؤولية، وبالتالي وبشكل او بأخر سداد هذا العجز، وبالاخص ونحن نشاهد ما يجري او يدور في اليونان هذه الايام؟  

وبدون مبالغة، يأتي التعديل الحكومي الذي كثر الحديث عنة، في ظل عدم وجود اية افاق في تغيير ايجابي على الارض، او اية تغييرات في حياة المواطن اليومية، وكذلك من خلال صعوبة او حتى في استحالة التحكم في ترشيد النفقات في ظل مطالب دائمة ومتصاعدة من اطراف كثيرة ، ورغم كل هذه الصعوبات او رغم كل العقبات والمنغصات والقيود، يبقى ريئس الحكومة وممثيلها  في اي بلد، وبالاخص في بلادنا هو المسؤول امام المواطن،  المواطن الذي يمتاز بالوعي الكافي والمتابعة التي لا تنتهي، ولكي تواصل الحكومة كسب ثقة هذا المواطن، فالمطلوب التوضيح لة بالارقام ومن خلال الحقائق ومنها الارقام الخاصة بالميزانية ومدى العجز فيها، والاهم الالية او الكيفية االتي تهدف الى خفض هذا العجز.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير