ظاهرة التصاريح والابعاد الاقتصادية والسياسية- كتب: عقل أبو قرع

05.07.2015 10:18 AM

مع اقتراب ايام عيد الفطر السعيد، من المتوقع ان يزداد منح التصاريح، ولاعمار ولفئات مختلفة،  وبدون شك، يوجد ابعاد اخرى لظاهرة منح التصاريح، بشكل واسع نوعا ما، وبالاخص في فترات الاعياد او خلال شهر رمضان، غير الاهداف الانسانية المعلن عنها، ومن الواضح كذلك، ان ليس كل من يجتاز الحاجز الى القدس، يذهب فقط للصلاة في المسجد الاقصى المبارك، ومن ثم التسوق في طريق الذهاب والعودة من الصلاة، من محلات المقدسيين الفلسطينية، ولكن جزء لا بأس بة من هؤلاء الناس، يذهبون ابعد من ذلك، سواء الى الشطر الغربي من القدس، او الى مدن اخرى في داخل الخط الاخضر، والهدف هو اما الترفية او التسلية، او التسوق، اي شراء المنتجات الاسرائيلية بأنواعها، وكل ذلك لة اثمان وخسائر ومضاعفات عند الجانب الفلسطيني، سواء اكان ذلك، على الصعيد الاقتصادي وخسارة التاجر الفلسطيني للزبائن والمستهلكين، او على الصعيد السياسي، من خلال الاندماج والتأقلم وحرية الحركة وبمعنى اخر نوعا من السلام، او نوعا من السلام الاقتصادي؟

وحتى في بعض الايام العادية، وفي ظل الارتفاع الجنوني للاسعار عندنا، يذهب الكثير من الناس، الى المحلات الاسرائيلية القريبة، سواء في المستوطنات او غيرها، والتي حتى الذهاب اليها، لا يحتاج الى تصاريح، والهدف هو الشراء والتسوق، والمبرر هو ان الاسعار هناك منخفضة، ولا يمكن مقارنتها بالاسعار التي تجدها في محلات مدينة رام اللة وغيرها من المدن الفلسطينية، وبالطبع فأنة وبالاضافة الى الخسارة الاقتصادية على التاجر الفلسطيني، فأن لذلك ابعاد سياسية، من حيث الاندماج والتطبيع، و القضاء على مفهوم المقاطعة، وبالاخص مقاطعة منتجات المستوطنات، والتي قد تكون موجودة في الكثير من المحلات الاسرائيلية التي يرتادها الفلسطينيون، بشكل مباشر او غير مباشر؟

وبغض النظر عن من هو المخطئ او الصائب في هذا الصدد، وبغض النظر عن المبررات التي يقدمها المتسوقون، الا ان التأقلم الاقتصادي على صعيد الناس، مع المنتجات او البضائع الاسرائيلية، والذي يعكسة الواقع، وعدم استجابة الناس لدعوات او لاستراتيجيات المقاطعة، وحت لو كانت المقاطعة على نطاق ضيق، وعدم الالتزام بالدعوات لعدم التسوق من المتاجر الاسرائيلية، كل ذلك يعكس مدى الضعف الذي باتت تواجهة، سواء دعوات الجهات الرسمسة او غير الرسمية للمقاطعة، وتعكس المأزق الاقتصادي وغيرة الذي يعيشة الناس، وبالتالي تعكس مدى الارتياح الاسرائيلي لمثل هكذا اوضاع، وبالتالي مواصلة منح التصاريح، وبل توسيعها وفي اتجاهات متعددة؟

وظاهرة منح التصاريح وبالكثافة، التي تمت خلال فترة الاعياد السابقة، والتي من المتوقع ان تكون في هذا العام، ومواصلة حديث الناس عنها، وتلهف الفلسطينيين على التقدم لاخذ التصاريح واستخدامها ولاقصى حد، وحتى اخر ساعة تشملها، لهو دليل كبير على مدى الضيق الذي يعيشونة، سواء اكان هذا الضيق جغرافي او اقتصادي او اجتماعي او حتى ضيق من قلة الحركة والانطلاق والتوق الى التغيير والحرية والسفر، وبمعنى ابعد الحصول على دولة مستقلة، لها حدود ولها امتدادات وبدون تقسيم او حواجز او جدار، اي بمعنى اوضح اكبر بكثير مما يحييون فية الان؟

وظاهرة انطلاق الفلسطينيين، ومن كل المناطق، الى الداخل، يجب عدم عزلها عن ما تم ويتم الحديث او الكتابة عنة، بين الحين والاخر، عن المطالبة بأعادة النظر في الاستراتيجية الفلسطينية القائمة، على مبدأ حل الدولتين لشعبين، اي دولة فلسطينية واخرى اسرائيلية، وهي الاستراتيجية التي قامت عليها المفاوضات والمبادرات، والتي من حولها دارت وما زالت النقاشات ، ويبدو ان اخذ المعطيات والوقائع والامكانيات على الارض ، وبأبعادها من ديمغرافية واقتصادية وجغرافية هي الحافز للبدء بهذا النقاش،  حيث ان ما حدث ويحدث على الارض الفلسطينية من استيطان وبالتالي تقطيع اوصال الارض التي من المفترض ان تقوم عليها الدولة الفلسطينية ، بشكل يجعل قيام هكذا  دولة في ظل هكذا وضع غير قابلة للحياة، حيث اصبح التواصل الواجب لاقامة الدولة، والذي لم يكن موجودا بالاصل بين الضفة وغزة، اصبح الان غير موجود بين مدينة واخرى؟

وظاهرة التصاريح، وبالاضافة الى الابعاد الاقتصادية، فأنها تعكس المأزق السياسي الذي من الممكن ان ننجر الية، بشكل او بأخر، اي من خلال الابتعاد او تناسي مطالب الدولة المستقلة، وبالتالي الاندماج ولو بشكل بطيء وتدريجي، في واقع، مثل ما كان في فترة السبعينات وبداية الثمانينات، في ظل توفر فرص عمل كثيرة في داخل الخط الاخضر، وفي ظل امكانية حرية الحركة، وفي ظل تحقيق رخاء اقتصادي، او بمعنى اخر السلام الاقتصادي؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير