عفواً.. لن تكون قدوتنا يا سمو الأمير!

06.07.2015 11:24 PM

كتب:مرعي حطيني

لقد شغل سمو الأمير الوليد بن طلال العالم، في الأول من هذا الشهر، عندما صرح بأنه سيتبرع بكامل ثروته البالغة 32 مليار دولار للأعمال الخيرية سواء في السعودية أو في مختلف دول العالم. وحسب ما تناقلته وكالات الأنباء فإن هدف هذه الهبة، كما أوضح هو، "بناء عالم أفضل يسوده التسامح، وقبول الآخر، وتوفير الفرص للجميع". ونُقل عن الوليد بن طلال أيضاً في خطاب إعلان الهبة قوله:"ومن منطلق حرصي وشغفي بالعمل الإنساني، وهو ما عهدتموه عني منذ 35 عاماً دون انقطاع، فإنني أتعهد بأن أهب كل ما أملك لمؤسسة الوليد الإنسانية في كل مجالاتها: دعم المجتمع، القضاء على الفقر، وتمكين المرأة والشباب، ومد يد العون عند حدوث الكوارث الطبيعية، وبناء جسور بين الثقافات".

كلام سمو الأمير أثار التقدير ليس فقط بين الفقراء الذين يصابون بالدوار عندما "يقرشون" مثل هذا المبلغ الهائل بعملاتهم المحلية، بل أثار أيضاً إعجاب وتقدير شخصيات عالمية لا ينقصها المال أو الجاه مثل الثري بيل غيتس (مؤسس شركة مايكروسوفت) والأمير هاري ولي عهد بريطانيا. فقد عبر غيتس عن إعجابه الشديد بتلك الخطوة حيث كتب على حسابه الشخصي مثنياً: "حدث مهم يدعو للإعجاب. لقد أصبح الأمير بإقدامه على التبرع بكامل ثروته مصدر إلهام للكثيرين". وفي نفس المنحى نقل موقع ꞌThe Morning Gerladꞌ قول ولي عهد بريطانيا الأمير هاري: "أعتقد أنه ينبغي علينا جميعاً أن نقتدي بالأمير الوليد.. أشعر أن عليّ أن أساهم بشيء، ولكن يبدو أن رغباتي كشاب ما زالت تحول بيني وبين الإقدام على تلك الخطوة".

ولم تكد تهدأ الزوبعة الأولى التي أثارها التصريح الأول للأمير الوليد ابن طلال حتى طلع علينا من جديد، بفارق ثلاثة أيام فقط، بتصريح من العيار الثقيل. فقد نقلت صحيفة ꞌمعاريڤꞌ الإسرائيلية مساء يوم السبت (4-7-2015) نقلاً عن صحيفة ꞌجيروزاليم ݒوستꞌ، التي نقلت الخبر أصلاً عن صحيفة عكاظ السعودية، أن "الأمير السعودي بصدد القيام بزيارة إلى إسرائيل يوم الخميس المقبل". وأضافت الصحيفة أن الأمير "يطالب الدول العربية بالتطلع إلى شرق أوسط مستقر ومزدهر.. وعلى جميع المسلمين إدراك واجبهم الأخلاقي، وواجب كل الذين يعيشون في الشرق الأوسط الذي يعاني من الحروب التوقف عن العداء تجاه الشعب اليهودي".

والأهم في الموضوع ما كشفت عنه ꞌمعاريڤꞌ هذه المرة، خلافاً لما حصل في المرات السابقة عندما التقى الأمير تركي الفيصل واللواء أنور عشقي مع إسرائيليين، بأن تحرك الأمير الوليد بن طلال لا يتم بصفة شخصية وإنما بغطاء من جلالة الملك سلمان، إذ نقلت عنه قوله إن "الملك سلمان بن عبد العزيز طلب منه فتح قناة للحوار المباشر مع المثقفين الإسرائيليين وبناء علاقة صداقة مع الجارة إسرائيل"، معرباً عن أمله أن تكون الزيارة "بداية صفحة جديدة من السلام بين إسرائيل وجيرانها العرب، مؤكداً على بناء علاقات جيدة بين الجيوش والاستخبارات العربية والإسرائيلية".

لن أدخل في جدل حول هذا الموقف لسمو الأمير السعودي الوليد بن طلال الذي باتت الاتصالات بين بلاده وبين العدو الإسرائيلي غير خافية على أحد، لكني أشير إلى أن بعض وسائل الإعلام العربية التي نقلت الخبر نقلته بصيغة أن الأمير (صاحب قنوات ꞌروتاناꞌ قدس الله سره) يريد أن يصلي في المسجد الأقصى إلا أن الإعلام الإسرائيلي (الخبيث) قد استغل نوايا الرجل الطيبة ونشر الخبر وكأن الزيارة ستكون إلى إسرائيل.

إن موضوع زيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة (وبالمناسبة وجود السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس لا يعني أنها ليست محتلة) لأداء الفروض والمناسك الإسلامية في الأماكن المقدسة الموجودة فيها في ظل الاحتلال هو موضوع مدار خلاف حتى بين المرجعيات الدينية، فلا يحاولن أحد تسخير هذا الموضوع المقدس للتطبيع ولفتح قنوات الاتصال مع العدو الإسرائيلي.

أما بالنسبة لسمو الأمير الوليد بن طلال بالذات فالحق أن الكثيرين ينظرون إليه على أنه قد يكون قدوة لهم، مثل ولي العهد البريطاني الأمير هاري، ولكن الحق أيضاً هو أن هناك الكثيرين، وأنا منهم، الذين يرون أنه لن يكون في يوم ما قدوة لنا وبخاصة في السياسة. فلا يوجد هناك ما يسميه "شعب يهودي". هناك ديانة يهودية ونحن أخوة لمعتنقيها في أي مكان في العالم، ولكن اليهود أو "الشعب اليهودي" بالمفهوم الذي يريده، أي الإسرائيليين والصهاينة الذين جاؤوا من كل جهات الأرض ليحتلوا وطننا فلسطين، هم ليسوا أخوة. هم أعداؤنا وسيبقون كذلك، فلا أخوة مع محتل أرضنا. وليبق سمو الأمير في عالم قنوات ꞌروتاناꞌ فهو خير له وأجدى.

صحافي فلسطيني - سورية

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير