هل فعلا هناك حاجة حقيقية للتعديل الحكومي الجديد؟ كتب:عقل أبو قرع

07.07.2015 08:26 AM

من الواضح أن السؤال الاهم، هذه الايام هو لماذا كانت كل هذه الضجة حول التعديل الحكومي الجديد، وماذا سوف يحقق، او هل سوف يضيف شيئا جديدا في حياة الناس، وما هي الاهداف الحقيقية للقيام بة، ونحن نعرف ان امكانيات الحكومة، سواء من ناحية الواردات من الداخل، او من ناحية المدخولات من المنح من الخارج، لن تتغيير، وبالتالي فأن مستويات الانفاق او حتى التعديل في مستويات النفقات، من خلال هذه الوزارة او تلك هي محدودة، وحتى وفي ظل عياب التواصل الواضح مع المواطن، فأن المواطن اصبح لا يلي الكثير من الاهتمام لما يحدث او ما يقال، سواء اكان عن تغيير او عن تعديل، او عن ادخال وجوة جديدة على عمل الحكومة، ورغم ذلك، فأن الناس تتوقع ان تعرف لماذا هذا التعديل وما هي الاثار الايجابية لة، ومتى يمكن قياس هذه الاثار، او ملاحظة اثار التغيير، في مجالات الحياة اليومية للناس؟

ونحن نعرف، انة بعد الكثير من الاحاديث ومن الاخذ ومن الرد، ومن الاجتماعات والاتصالات بين اطراف عديدة، ومن الزخم الاعلامي والفصائلي، وبعد الحديث عن حكومة وحدة وطنية او حكومة وفاق، او حكومة ذات بعد سياسي او فصائلي، او عن تغيير حكومي ملموس، اصبح الان من الواضح ان الحكومة تتجة فقط نحو تعديل محدود، يشمل بعض الحقائب الوزارية، والتي هي غير معروفة بعد، او حتى من غير المعروف، ما هي الاسباب الحقيقية لهذا التعديل البسيط، او بالاساس لماذ كل هذه الضجة عن التغيير او التعديل الحكومي، والذي وفي ظل بقاء الاوضاع على ما هي علية، على الارض، وبالاخص بين الضفة وغزة، او من ناحية الجمود السياسي والاجراءات الاسرائيلية المنفردة، وبالتالي بقاء القيود ومحدودية العمل، من المتوقع ان لا يؤدي هذا التعديل المحدود، الى اي تغيير جذري في الاداء او في السياسات او في خطط جديدة، وبالتالي في انجازات، يمكن ان تنعكس على الارض وعلى حياة الناس؟

ونحن نعرف ان الحكومة وبسبب الوضع الخاص في بلادنا، هي بعيدة نوعا ما عن تعاطي السياسة ومجالاتها وعن التفاوض وغير ذك، وهي بالاخص الاداة التنفيذية التي تقوم بتطبيق البرامج والخطط والمشاريع لخدمة المواطن او للحفاظ على صمودة او لتنميتة، سواء في التعليم او في الصحة او في الزراعة او في المجال الاجتماعي وغيرهما، وكل ذلك يعتمد على الارقام والحقائق، والاهم توفر الارقام والميزانيات للعمل في المسارات المختلفة، وبالاخص في مسارات هامة ولها اثار بعيدة المدى ، كالتعليم والصحة والدعم المستدام للقطاعات الانتاجية، من زراعة وصناعة ومياة، وفي كيفية الحفاظ على المصادر الطبيعية المحدودة.

وحتى لو حقق هذا التعديل المزيد من الانسجام والتفاهم او التناغم، وحتى لو عمل الوزراء الجدد والقدامى ساعات اطول، وحتى لو عمل رئيس الحكومة بتفاؤل كبير، من اجل الارتقاء بعمل الحكومة وعلى كافة الصعد والمجالات، والاهم في المجالين المالي والاقتصادي، الا ان محدودية الخيارات وشحة الامكانيات ووجود الكثير من القيود والمعيقات، لن يترك الكثير من الابواب للتقدم، وبالاخص انة كان من اولويات الحكومة وسوف يستمر، هو العمل الدؤوب والمتواصل، والذي يستنزف الوقت والجهد والتفكير، من اجل تأمين الرواتب في الوقت اللازم ، بعيدا عن خطط تنموية او تطويرية، بعيدة او قصيرة الاجل؟.

وقبل ايام اقرت الحكومة الميزانية الجديدة، اي ميزانية عام 2015، ، في ظل عجز مالي جديد، يزيد من العجز المالي المتراكم، وفي ظل غياب عمل الجهاز الرقابي الاهم، وهو المجلس التشريعي الفلسطيني، ومعروف في العديد من دول العالم، ان الميزانيات السنوية او تقديمها هي من الامور الاكثر حساسية، او الاكثر اهمية في عمل الحكومات، وهذا ينطبق وبوضوح على عمل الحكومة في بلادنا، التي هي مهامها تنفيذية محضة، تعتمد على الميزانية وبنودها، وعي بعيدة عن السياسة وعن القرارات الكبيرة، وبالتالي فأن تقديم ارقام الميزانية وما ينتج عنهما من مشاريع ومن خطط وبرامج، وما يمكن ان يتبع ذلك من تداعيات سياسية وداخلية ترتبط بمدى الدعم الخارجي او توفر اموال المانحين، وترتبط كذلك بمدى التجاوب الداخلي من خلال الايرادات والالتزام بدفع الضرائب والرسوم والجبايات.

لذا ولتوضيح ما تم من غموض، سواء حول اسباب او اهداف التعديل الحكومي، او حول الميزانية وبنودها والعجز، وللحفاظ على ثقة المواطن الفلسطيني ولتدعيم وتقوية هذه الثقة، اليس من الاحرى ان تبادر الحكومة، وبشكل سريع الى التواصل الواضح مع الناس لشرح ذلك، من خلال تحديد اهداف مرتبطة بفترة زمنية، ومن ثم عقد نقاش علمي، يتم من خلالة عرض الارقام وبوضوح وشفافية وموضوعية ، ويكون الهدف اومن اهم المخرجات من هذا اللقاء هو التوضيح للمواطن الفلسطيني، وبدون لبس او غموض او تعقيدات ، الاسباب والهداف من التعديل الحكومي، وفيما يتعلق بالميزانية، توضيح الارقام الحقيقية في العجز الحالي والتراكمي، لانة في النهاية، هذا المواطن، هو الذي يتحمل المسؤولية وبالتالي سداد العجز، وبالاخص نحن نشاهد ما يجري او يدور في اليونان هذه الايام؟  

وبالتالي يأتي التعديل الحمومي الذي كثر الحديث عنة، في ظل عدم وجود اية افاق في تغيير ايجابي على الارض، او في حياة المواطن اليومية، وكذلك من خلال صعوبة او حتى استحالة التحكم في ترشيد النفقات في ظل مطالب دائمة ومتصاعدة من اطراف كثيرة ، ورغم كل هذه الصعوبات او رغم كل العقبات والمنغصات والقيود، يبقى ريئس الحكومة وممثيلها  في اي بلد وبالاخص في بلادنا هو المسؤول امام المواطن،  المواطن الذي يمتاز بالوعي الكافي والمتابعة التي لا تنتهي، ولكي تواصل الحكومة كسب ثقة هذا المواطن، فالمطلوب التوضيح لة بالارقام ومن خلال الحقائق ومنها الارقام الخاصة بالميزانية ومدى العجز فيها، والاهم الالية او الكيفية االتي تهدف الى خفض هذا العجز.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير