المرض في "الكومنتات".. بقلم: فيحاء خنفر

08.07.2015 07:38 AM

لربما أصبحت عادة قراءة التعليقات عند الفيسبوكيين لا إرادية، خاصة إن أثار المنشور اهتمام المتابع، أو احتوى على أمر مثير للجدل، ما يزيد فضول الشخص لقراءة التعليقات وتحديداً في حال توقع حدوث عراك كتابي بين المعلقين.

  أحيانا يكتفي القارئ للتعليقات بالإطلاع عليها، أو وضع "اللايك" لمن شفى غليله في الردود، وقد يدفعه تعليق ما للرد والانضمام للعراك الكتابي المشتعل، الذي كثيراً ما يتخلله الشتائم والنعوت السيئة، ونشهد ذلك بشكل خاص في التعليقات على منشورات سياسية التي يبدع فيها أبناء الانتماءات المختلفة في التراشق بالكلام.

  وإن جرأة الشخص في مواقع التواصل الاجتماعي والفيسبوك تحديداً -كونه الأكثر استخداماً في بلادنا- ليست بالضرورة تماثل أسلوبه في الواقع، وهنا تكمن المعضلة. لأن كثيراً من المستخدمين يستسهلون الإساءة عبره أكثر من الواقع لكون التواصل من أمام شاشة وليس أمام الأشخاص.

   وكم هو قدر السفاهة الذي تحمله كثير من التعليقات، التي يعطي أصحابها الحق لأنفسهم بالحكم على من يجادلهم برأي مختلف، ليصل الأمر إلى التطاول على أخلاقه، وأصله، وفصله، وحتى "شرفه" لمجرد أنه طرح رأياً مغايراً وقد يكون هذا الرأي يمثل وجهة نظر لا تنطوي على الإساءة بل اختلاف النظرة!.

  وقد يقول قائلٌ أن الرد على بعض المسيئين أو المستهزئين بشيء ما يمسنا هو حق، والمهم هنا ليس التفكير بمن الذي أخطأ أو أساء أولاً ومن تلاه بردٍ أو "توبيخ"، بل المهم هو وزن ما تسقطه أصابعنا من كلمات نختصر فيها شحنات انفعالنا، فتثير ما تثيره من غضب، أو مشاعر سلبية، أو في أحسن الأحوال قولا محايداً أو داعياً للتروي في الردود، وهو ما يفعله بعض الفيسبوكيين المسالمين حينما يعلقون وسط شجار.
 
ويظهر المرض في "الكومنتات" حيث التمادي في هذا الواقع الافتراضي الذي لا بقيس الناس تصرفهم فيه بواقعهم الحقيقي، فيناوشون ويسيئو، كأن الأخلاق وحسن المعاملة منحصر بالواقع ولا يشمل وسائل التواصل!.

يكمن المرض في أن الشخص يتجرأ لعدم مواجهته للآخرين في إسقاط أي نعت أو شتيمة عليهم دون ان يفكر هل كان سيفعل ذلك لو انه جالس بينهم؟!

أن يسأل الشخص نفسه هل سيتصرف بنفس الغلظة لو التقى وجهاً لوجه بهؤلاء الأشخاص ربما قد ينبهه إلى ضرورة الانضباط، وهنا تتجلى في النفس مقدار ما تحمله من مسئولية، فهل يعقل أن الشخص سيشتم كل من استفزه بكلمة أو رأي؟!، حتى وإن كان التعامل عبر الفيسبوك يعكس إلى حد ما طبيعة الأفراد لكنه لا يماثل الواقع في الجرأة، وكلما  ابتعد الشخص عن طبيعته الواقعية، زاد الانفصام ما بين الواقع الحقيقي والواقع الافتراضي، فاحذر أن تكون منفصماً!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير