إسرائيل: ثالث مناورة فجائية في 4 أشهر

28.07.2015 07:26 PM

وطن: كتب  حلمي موسى

للمرة الثالثة خلال أربعة أشهر تجري إسرائيل مناورة عسكرية كبرى، في ظل تطورات إقليمية وداخلية متشابكة. فقد أعلنت إسرائيل أنها ستدافع عن نفسها في وجه المخاطر الناجمة عن الاتفاق النووي مع إيران، ورفضت التحذيرات الأميركية بهذا الشأن. وإلى جانب ذلك، تستشعر إسرائيل معالم صدامات مقبلة في المنطقة، جراء الصراع العام في الدول العربية المحيطة، وفي ظل صراع داخلي إسرائيلي على ميزانية الدفاع ووجهة الجيش الإسرائيلي في العقد المقبل.

وقد بدأ الجيش الإسرائيلي أمس مناورة فجائية، على مستوى هيئة الأركان، ما يظهر أنها مناورة عامة، وفي كل الجبهات وعلى كل الأصعدة. وحسب ما نشر في إسرائيل، فإن المناورة ترتكز على سيناريو حالة طوارئ تتوقع إسرائيل فيها توجيه مكالمات هاتفية تلقائية من الجيش إلى مئات آلاف جنود الاحتياط. وهذه هي المناورة الفجائية الثالثة التي يجريها الجيش منذ تولى رئاسة الأركان الجنرال غادي آيزنكوت قبل أربعة شهور.

وحسب "هآرتس"، فإن المناورة ترتكز على سيناريو تتعرض فيه إسرائيل لإطلاق الصواريخ في وقت واحد من قطاع غزة ومن الحدود الشمالية. ورفض ضابط كبير الرد على سؤال إن كان السيناريو يتضمن تعرض إسرائيل لصواريخ من إيران.

وفي إطار المناورة، سيستخدم الجيش منظومة "المتصل" التلقائية التي يملكها، والتي تفحص مدى استجابة رجال القوات الاحتياطية في أوقات الطوارئ. وحسب ضابط رفيع المستوى، فإن استخدام المنظومة مع مئات آلاف جنود الاحتياط يعتبر عملاً كبيراً على وجه الخصوص. كذلك فإن المناورة تقتضي استدعاء آلاف جنود الاحتياط، وخصوصاً قادة السرايا والكتائب إلى وحدات مخازن الطوارئ.
كما أن سلاح الجو الإسرائيلي سيتدرب في قسم من قواعده، وخارج نطاق الوقت الاعتيادي على أوضاع الطوارئ.

وفي إطار المناورة، سيتدرب الجيش الإسرائيلي أيضاً على حماية إسرائيل من حرب "سايبر"، حيث تتعرض، وفق السيناريو، إلى هجمات "سايبر" واسعة. وتشمل المناورة أيضاً تدريبات لقيادة الجبهة الداخلية، حيث سيناريو تتعرض فيه منطقة "سكنية" لدمار شامل تنهار فيه بيوت كثيرة.

وكان الجيش الإسرائيلي قد أجرى مناورة فجائية كهذه في آذار الماضي، لكنها ركزت على وضع تنفجر فيه تظاهرات واسعة النطاق في الضفة الغربية المحتلة، وتتخللها صدامات واسعة مع الفلسطينيين. وفي تلك المناورة، التي كانت استثنائية في طابعها، تم استدعاء حوالي ثلاثة آلاف جندي احتياط للالتحاق بوحداتهم بدعوات طارئة. كما تلقى عشرة آلاف جندي مكالمات هاتفية فقط للتأكد من جاهزيتهم. ونفذت كتيبتا احتياط تدريبات بالنار إلى جانب الكثير من الوحدات النظامية التي شاركت في المناورة. وبعد بضعة أسابيع أجرى الجيش مناورة فجائية في المواقع العسكرية الواقعة في محيط قطاع غزة.

وواضح أن المناورة تعني عملياً استدعاءً افتراضياً لمئات الآلاف من الجنود، واستدعاءً فعلياً لآلاف منهم، ومن كل الأسلحة. وتشمل المناورة تحركات ميدانية واسعة، وخصوصا في المدن الرئيسية مثل تل أبيب وهرتسليا والقدس وبيت شيمش. وفي إطار المناورة ينتقل سلاح الجو الإسرائيلي بسرعة من حالة اعتيادية إلى حالة طوارئ واستهداف سريع للأهداف، فيما يتدرب سلاح البحرية على حماية المنشآت القومية، من موانئ ومنصات استخراج غاز في عرض البحر.

وحسب التقسيم الجغرافي للمناورة، تم التركيز في محيط قطاع غزة على الاستفادة من عبر حرب "الجرف الصامد" في كل ما يتعلق بحماية الجبهة الداخلية. وفي قيادة الجبهة الشمالية تم التركيز على هضبة الجولان المحتلة والجبهة اللبنانية، وجرى التعامل مع وضع تصعيد، تطلب استدعاء قوات احتياطية وتوزيع القادة على الأماكن الساخنة ومراقبة مخازن الطوارئ، وأيضا الحماية من الإطلاقات المباشرة وغير المباشرة.

وفي كل حال، أكد ضابط رفيع المستوى أنه لن يتم استدعاء فرق، بل سيقتصر الأمر على أجزاء من وحدات عسكرية مختلفة. ورفض متحدث باسم الجيش الإسرائيلي الربط بين المناورة والظروف السياسية القائمة، معتبراً أن هذه جزء من جدول مناورات العام 2015 الرامي الى تحسين جهوزية الجيش الإسرائيلي في حالات الطوارئ.

والواقع أنه لا يمكن قراءة معطيات المناورة من دون الأخذ بالحسبان الوقائع الإقليمية والدولية، وخصوصا التهديدات التي أطلقتها قيادات إسرائيلية بشأن رفض الاتفاق النووي مع إيران، واعتباره غير ملزم لتل أبيب. ولكن لا يمكن رؤية المناورة أيضاً بعيداً عن التطورات الداخلية الإسرائيلية، سواء لأزمة الحكومة وهشاشة الائتلاف أو لأسباب تتعلق بالميزانية التي يطالب بها الجيش. ولا ريب أن تقرير لجنة "لوكر"، الذي أعلن الجيش الحرب عليه، موجود أيضاً في ذهن من يخططون للمناورات، ومن يخرجون أداءها ويعلنون عنها في وسائل الإعلام.

تجدر الإشارة إلى أن المناورة تجري أيضا لإثبات أن الجيش لا يغفل التدريبات والجهوزية، رغم قلة ما يملكه من موارد. وليس صدفة أنه وقت الإعلان عن المناورة أشاع الجيش تكهنات قاتمة بشأن المستقبل، حيث أوضح أنه مضطر لأسباب مالية للتخلي عمّا لا يقل عن 2500 وظيفة عسكرية. وقد أمر رئيس الأركان بأن تبدأ التسريحات أساساً في الوحدات غير المقاتلة.

تصميم وتطوير