ابو قرع: الارتفاع الحاد في درجات الحرارة ربما يعكس اثار الاحتباس الحراري على الارض

30.07.2015 07:10 AM

رام الله- وطنخاص: هناك ارتفاع حاد في درجات الحرارة، نلمس اثاره هذه الايام في بلادنا، وشدة الحرارة هذا العام، ادت الى وفاة الالاف من الناس في الهند وباكستان وغيرهما، ومع الظواهر المناخية الحادة غير الطبيعية، مثل العاصير والامطار الغزيرة والفيضانات والسيول، التي شردت عشرات الالاف من الناس، تتزايد التحليلات حول اذا  كان ذلك بالصدفة، او ربما بسبب ما احدثة ويحدثة الانسان في النظام البيئي للارض، من خلال بث ملايين الاطنان من الغازات المختلفة، الى طبقات الجو، وما نتج وينتج عن ذلك، من تشكل لحاجز كثيف من الغازات، والتي من اهمها غاز "ثاني اوكسيد الكربون"، والتي بدورها تمنع اشعة الشمس، المنعكسة من الارض، من النفاذ الى طبقات الجو العليا، وبالتالي انعكاسها، او عودتها مرة اخرى، الى الارض وما ينتج عن ذلك من ارتفاع درجات حرارة الارض، والظواهر المناخية غير الطبيعية والتصحر؟ 

وفي هذا الصدد، اوضح الخبير البيئي الدكتور عقل أبو قرع، ان ما شهده ويشهده العالم، ومن ضمنها بلادنا، في هذه الفترة، من ارتفاعات حادة في درجة حرارة الارض، ومن احداث مناخية غير طبيعية، سواء اكانت اعاصير، او عواصف ثلجية شديدة، او امطار وسيول غزيرة وفيضانات، او انصهار لطبقات الجليد، وبالتالي ارتفاع مستوى البحار، ربما يعود الى التغيرات التي حدثت وتحدث ولو بشكل بطيئ في عوامل المناخ في العالم، والتي يعود السبب الاساسي فيها الى الانسان ونشاطاتة التي تلوث وتخل بالتوازن والنظام البيئي.

واضاف أن ظاهرة ارتفاع درجات حرارة الارض، ولو بمقدار درجة او درجتين مئويتيين، وما يترتب عليها من اثار على الزراعة والتربة والمياة والمناخ، باتت تعتبر المصدر الاول للقلق في بعض دول العالم، ومن اهم العوامل التي يمكن ان تؤثر، على الاقتصاد العالمي، والتي قد لا نكون نحن في بلادنا بالبعيدين عنها، وأوضح  أن لذلك انعكاسات سلبية على البيئة الفلسطينية، وخاصة ان المصادر الطبيعية في بلادنا، ومن ضمنها البقعة الزراعية ونوعية الزراعة و مصادر المياه ، التي تشكل المياه الجوفية النسبة الأكبر منها، هي مصادر محدودة.

وبين أبو قرع أن ما يعرف بظاهرة الاحتباس الحراري، او ظاهرة البيت الزجاجي، التي تتشكل بسبب انبعاث الغازات من المصانع والمعامل والمركبات ومحطات الكهرباء، وربما ما يصاحب ذلك من انخفاض في نسبة هطول الإمطار، سوف يؤدي إلى عدم تغذية أحواض المياه الجوفية ومن ثم ارتفاع درجة ملوحتها وازدياد احتمالات التلوث، وان ارتفاع ملوحة التربة وقلة المياة وارتفاع درجات الحرارة، يمكن ان يؤدي الى ازدياد التصحر ومن ثم الى نقص المحصول الزراعي، وعدم القدرة على زراعة بعض المحاصيل، التي تم الاعتياد على زراعتها، ومن الامثلة على ذلك، محصول الموز.

واشار الى قمة ما يعرف ب"مجموعة العشرين"، اي الدول العشرين الاقوى اقتصاديا في العالم، والتي لم تنجح وبشكل جدي في مناقشة موضوع "حدوث التغيرات المناخية" في العالم، او كيفية الحد منها، وان هذه القضية، كانت من اصعب القضايا التي يتم نقاشها في القمة، وحتى انة كان هناك اقتراحا بابعاد هذا الموضوع عن جدول اعمال القمة، حتى لا يؤدي الى افشالها، ولكن تم في النهاية التوصل الى صيغة توافقية، على شكل اعلان او تعهد بالعمل من اجل الحد من التغيرات المناخية التي تحدث في العالم.

ضريبة الكربون

واردف ابو قرع، ان من ضمن الاجراءات، التي من الممكن من خلالها، الحد من انبعاث غازات الى الجو، هو ما يعرف ب "ضريبة الكربون"، التي تعني بأن يتم فرض ضريبة، او رسوم، او رفع الاسعار، بشكل مباشر او غير مباشر، على مصادر الطاقة التقليدية، من نفط وفحم وبنزين وديزل وغيرهما، والتي تحوي كربون، والذي عند الاحتراق او الاستعمال يتحول الى " ثاني اكسيد الكربون"، الذي يتصاعد الى الجو، ويعتبر من اكبر الملوثات وبالتالي من اكثر العوامل التي تؤدي الى الاحتباس الحراري، ومن ثم الى التغيرات المناخية والبيئية، و"ضريبة الكربون"، تعني فرض مبلغ معين على محتوى الكربون في مصدر الطاقة، مثلا وكما هو متبع في بعض الدول الاوروبية منذ سنوات، فرض 25 دولارا امريكيا، على كل طن من الكربون ، الموجود في النفط او الفحم، ومن ثم استخدام عوائد الضريبة للتعامل مع تأثيرات التغيرات المناخية التي باتت تؤرق الكثير من الدول في العالم. 

واشار الى احد التقارير الدولية الحديثة، الذي بين، ان العالم سوف يخسر التربة الصالحة للزراعة، المتوفرة حاليا، خلال ال 60 عاما القادمة، والسبب الاساسي لذلك هو التغيرات المناخية التي يحدثها البشر، وبالاخص الدول الصناعيىة الكبرى والتي تتحكم في الاقتصاد العالمي، من خلال زيادة بث الغازات والملوثات الى طبقات الجو، وما ينتج عن ذلك من ارتفاع درجة حرارة الارض والتربة، ومن زيادة التصحر، اي عدم القدرة على زراعة التربة، ومن ذوبان للجليد، ووبالتالي احداث الفياضانات، واغراق مساحات من الارض،  وكذلك بسبب الاستخدام المكثف للمبيدات الكيميائية وتراكمها في التربة، ووبالاضافة الى مواصلة اجتثاث الغابات وبالتالي انجراف التربة، وكل ذلك سيكون لة تداعيات كبيرة على الاجيال القادمة؟ 

واوضح ان من ضمن الوسائل، للحد من الغازات التي تلوث الجو والبيئة، التوجة نحو الاستثمار اكثر في نشاطات اقتصادية صديقة للبيئة، او نشاطات صناعية نظيفة وخضراء، ومن ضمنها البناء الاخضر، الذي يهدف الى ترشيد استخدام الطاقة والمياة وتقليل انتاج النفايات بأنواعها المختلفة، خلال وبعد الانتهاء من البناء، مثل استخدام الطاقة الشمسية او المتجددة بشكل اساسي وفعال، واعادة تكرير المياة واستخدام المياة الرمادية، ووجود انظمة من اجل فصل وتدوير النفايات، وهناك مؤسسات تحدد معايير واسس ومواصفات البناء الاخضر، وحتى ان هناك دول تقوم بمنح الحوافز من اجل التوجة الى هذا النوع من الاستثمار؟


ودعا ابو قرع إلى الاهتمام بالبيئة الفلسطينية، خاصة وانه بسبب محدودية المصادر الطبيعية والبقعة الجغرافية الضيقة ، قد تكون اثأر التغيرات المناخية في العالم واضحة عليها، ان لم يكن في الوقت الحاضر فربما بعد فترة، ورغم اننا لسنا بالبلد الصناعي او الزراعي ذو التأثير الملموس على البيئة والمناخ في العالم، الا اننا قد نتأثر بما يقوم بة الآخرون في العالم، وبسبب البقعة الجغرافية الضيقة عندنا، والزيادة المرتفعة نسبيا في إعداد السكان، فأن ما يتم في العالم من تداعيات التغيرات المناخية، وارتفاع درجات الحرارة، والتصحر، قد يكون لة انعكاس علينا، ولو بشكل غير مباشر.

تصميم وتطوير