عتاب "غزالة"! ..كتب .. الصحفي عاطف سعد في يوم وفاته

30.07.2015 10:19 PM

عتاب "غزالة"!
بعد غياب دام شهرين ونصف، زرتُ أرض غزالة- طوباس بقصد تفقد تينات وصبرات، كنت اعتنيت بها إبان إجازات الربيع، علها تكون نَضَجت فأتذوق من ثمرها. لم أحظ بترحيب من المكان والمزروعين فيه مثلما حصل معي في فصل الربيع. هكذا أحسست. ظننت أنني أخطأت المكان، بالرغم من وجود إشارة الحد. "تفتلتُ" قليلا في أرض إنتشرت فيها أعشاب شائكة وهشة. وفجأة سمعت صوتا، أو هكذا تخيلت، ينادي، "إقترب مني .. ها أنا ع شمالك." اقتربت من مصدر الصوت فكانت شجرة الصبر المقابلة لشجرة التين التي كنت أستظل تحتها أثناء زياراتي المتكررة في أيام الربيع.
ودار حوار لم أتأكد إذا ما كان حلما أم علما!
الصبره والتينة معا:
- وينك! وين ها الغيبة!
أنا
- أشغال وسفر و..
- لا تُكمِل هاي أعذار بتحكيها لمن هم مثلك من البشر!
- بس ما هديت من الشوب وبتنقل بين نابلس ورام الله ع الفاضي والمليان.. و

- كيف تتركنا بدون الحرثة الثانية..جارك أبو فلاح حَرَث شوف أرضه شو حلوة..

- طلبت من نسيم (الحراث) يعتني فيكما ويحرث الأرض كلها. وعدني ع التلفون "بأمرك أبو جمال" لكنه لم يف بوعده..
- مش مقبول منك ها الحكي. منذ متى حراثة الأرض بتم ع التلفون؟ كان لازم إجيت بنفسك تِشرف ع الحراث أو طلبت من حدا ييجي ويتأكد من إنجاز الشغل

- موافق.

ساد المكان صمت ثقيل إلا من هبوب نسمات خفيفة من هواء الصيف. قلت لنفسي يبدو أنني أتحدث مع عقلي الباطن ولم أعثر على أي ثَمَر أتذوقه كي أعوض مشوار السفر، وعدت أدراجي خائبا دونما اكتراث بوخزات شوك ضربت قدماي.

ثم سمعت ذات الصوت يأتي من جهة الشرق، من تينة كنت حضًّرت شايا بقربها في الربيع:

- أبو جمال تعال عندي. صحيح لِسّاتَكْ غشيم بس إنت زلمه نواياك طيبة. حضرت لك تينا شهيا لم يأكله سوى الطير تفضل. والصبره أمامك ما بدها تخذلك روح واقطف ما تشاء. حتى الطير لم يقترب منها. كما خبأت لك بضعة عناقيد من عنب أيام زمان . تفضل . بس إياك ثم إياك أن يطول غيابك عنا.

- شكرا لكم ..هذا وعد. وأشكركم على عتابكم لي. كان عتابا جميلا ولطيفا كم أتمناه يأتي ممن هم على شاكلتي من لبشر في حالات الغياب غير المتعمد .
الصور مكافأة الأرض، أمي الطيبة!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير