اعذروا أنانيتي فأنا فلسطينية ولن أنجب أطفالًا

01.08.2015 10:02 PM

وطن - كتبت زينب حمارشة: صراخ المخاض الأول قد يبدو جميلًا وصراخ الطفل الذي يستنشق الأكسجين للمرة الآولى يبدو رائعًا ومع تسلسل مسلسل الفلسطيني كن على حذر فقد يزروك صراخ من نوع آخر، صراخٌ أخير صراخ الوداع الذي قد يكتب لابنك أو ابنتك أو زوجتك أو أحد الأعزاء على قلبك.

أنا أنثى ككل إناث الأرض، ولدّي ما عندهن من غرائز الأمومة الطاغية لكنني سأتجرد من كافة المثاليات وسأخرج من طوق الوهم والهالة التي تحيط بنا، فالأم التي تزعرد في وداع أمها ليست سعيدة والأب الذي يقف أمام الكاميرا ليصور للعالم بشاعة الاحتلال وجرائمة بحق أبناء فلسطين يقف على قدمين من حديد هش سيتساقط عند أول خطوة له إلى سرير ابنه،  ومع تزايد قوافل الشهداء لا يزال يقتلني صراخ أمهات الشهداء وأتمزق ألمًا كما لو أن الفقيد قطعة من قلبي، دموع جدتهِ وأخواتهِ اللواتي يسقطن تمامًا كالبيت الذي فقد أساساته، هو الوداع الأخير والذكرى المؤلمة والكُسر الذي لن يجبر وإن مضت الأيام

نجري سريعًا باحثين عن ركب السعادة، ونلهث للوصول إلى شاطئ الأمان بسفن الحياة المؤلمة التي تهدينا يوميًا وجعًا جديدًا في بيت الفلسطيني فقد باتت بيوتهم موحدة بآلامهم وأحزانهم المتتالية.

فتلك الأم التي أنجبت وعلى عداد السنين أهدت رحم فلسطين ابنها ليس تبنيًا بل تضحيةً ونضالا في سبيل تحرر حقيقي واعد ومنتظر، هي ذاتها تموت وجعًا على فراقهِ وتقع أرضًا على غربتهِ الأبدية وربما تعد بالدقائق موعد موتها للقاء بهِ، وهي ذاتُ الأم التي ألهمها الله صبرًا وقوة لتَحَمُلِ الآتي فهنيئًا لها بقوتها وصبرها وجبروتها

ليعذرني مشوار التحرر الطويل ولتغفر لي المقاومة فأنا أعلم أن دربهما طويل ويحتاجان
الكثير من الدماء لسقاية الأرض لتنبت حرية أصيلة، واعذروني ولتسامحني فلسطين فأنا لا أقوى على كل هذا الألم ولا حتى على تخيلهِ، سأكون أنانية ولن أنجب أطفالًا أهديكي ياها وإن صدق الوعد لأكون لجوفكِ شهيدة فهنئيًا للأرض بي لكن اتركي أبنائي في جوف الغيب يعيشون.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير