ما أحوجنا إلى ناجي علي

02.08.2015 03:31 PM

وطن - كتب:خالد كراجة:الرسم الكاريكاتيري فن وابداع، يهدف الى تسليط الضوء على بعض القضايا الاجتماعية أو السياسية لرفع وعي الناس حولها، ويستخدم أيضا للنقد من اجل التصحيح، وهو فن راقي كان جزءا من نضال الشعب الفلسطيني وله مساهماته الواضحة من خلال بعض الرسامين الوطنيين من امثال ناجي العلي وغيره.

ورسام الكاريكاتور يمتاز بوعيه، ودقة ملاحظته، وقدرته على تصوير الأشياء بطريقة يسهل تناولها أو فهمها، ولا يتماها رسام الكاريكاتير مع ثقافة المجتمع، بل يكون أكثر وعيا لقضايا الناس والوطن، ويحاول تحفيز الناس وتوجيههم باتجاه مشاكلهم ومعاناتهم لمواجهتها، لذلك نحن في أمس الحاجة الى ناجي علي.

قد يقول البعض ان التطرق لموضوع "الكاريكاتير" الذي نشر في مجلة الرسالة، يحرف الانظار عن ما هو أهم، ويشغل الناس في أشياء جانبية، ولكن الحقيقة أن مثل هذا الكاريكاتير لا يعبر عن موقف شخصي للرسام فقط، بل يعبر عن موقف مجلة تابعة لفصيل سياسي كبير في الساحة الفلسطينية، وهنا تكمن أهمية مناقشته كموقف متبني من ذلك الفصيل وما الرسم الكاريكاتيري الا أداة للتعبير عن الموقف، ومثل هذا الموقف وغيره من المواقف الداخلية الشائكة هي التي تجعل من الفلسطينين عاجزون عن مواجهة ما هو اكبر وأهم.

وأكتب مقالي هذا ليس للدفاع عن الضفة الغربية فهي ليست ملكا لي وحدي، ولا تحتاج للدفاع عنها فما قدمته وتقدمه هي وقطاع غزة والشعب الفلسطيني أينما وجد غنيٌ عن الدفاع، ولكني سأحاول تحليل المكنونات الداخلية التي دفعت بالرسام لاستخدام بعض مكونات الكاريكاتير وهي "المرأة وحالة الاغتصاب، الضفة الغربية، السلطة الفلسطينية، اسرائيل".

لقد قام الرسام بتصوير المرأة بانها رمزا للضعف والمتعة وانسلاب الشرف والكرامة وبهذا تمثل الضفة الغربية، تعبير واضح وصريح عن الثقافة الذكورية المفرطة التي يتصف بها الرسام والمجلة الناشرة، وهو تعبير وانعكاس لثقافة المجتمع، وتلك الثقافة التي تحمل المرأة مسؤولية اغتصابها في غياب واضح لانتقاد أو مهاجمة المغتصب "اسرائيل".

واستخدام  الضفة الغربية بشكل محدد بدل من ان تكون الرسالة لجميع الشعب الفلسطيني في جميع اماكن تواجدة، يعبر أيضا عن ثقافة الانقسام والتعصب المناطقي الذي أصبح مستشري في المجتمع الفلسطيني، وكأن غزة توجه خطابها الى الضفة الغربية وتعفي نفسها من المسؤولية.

ان اعتبار أن الضفة الغربية هي ضفة فتح والسلطة، وغزة هي غزة حماس، وان الضفة هي مثال للتخاذل والاستسلام بسبب مواقف السلطة السياسية، وأن غزة هي مثال المقاومة، يعبير عن التعصب المناطقي الذي أصبح أكثر من كونه انقسام سياسي وانما انقسام مناطقي، واصبح الولاء للمنطقة الجغرافية طاغيا على الولاء للوطن.

اضافة الى ذلك فان الرسم الكاريكاتيري يعبر عن حالة من التصعب الفصائلي الفئوي، والمنطلق الذي دفع الرسام للرسم والمجلة للنشر منطلق حزبي ضيق تفوق على المنطلق الوطني العام، الذي يجب ان يكون فوق الحزبي وخاصة في حالة مواجهة الاحتلال الاسرائيلي ومستوطنيه.

ولا ننسى ان فصائل العمل الوطني بما فيها حماس وفتح لهما وجودهما في الضفة الغربية وقطاع غزة،وان كانت الاولى تسيطر على القطاع، والثانية تسيطر على الضفة، وبالتالي انتقاد او مهاجمة أي من المنطقتين من منطلق جغرافي يعني انتقاد طرف دون الآخر.

ولكن يبقى السؤال لماذا مثل هذه الرسوم والمواقف تظهر عندما يتعرض الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية أو قطاع غزة الى تنكيل وقتل وتدمير من قبل الاحتلال الاسرائيلي؟.

الاجابة واضحة، ما هي الا محاولة للتنصل من المسؤولية، والقاء المسؤولية على الآخرين، علما أن ما تتعرض له الضفة الغربية، لا يعفى حماس من المسؤولية فهي جزء من مكونات العمل الوطني ، وهي حركة لها اعضائها ومناصريها في الضفة الغربية.

ورغم ذلك، ما نشهده في الميدان، لا يتاثر بتاتا بكل هذه المواقف الممنهجة التي تسعى لاحباط أي تحرك وحدوي في مواجهة الاحتلال وسياساته العنصرية، فجميع أبناء الشعب الفلسطيني بكل مكوناته السياسية موحدين في الميدان، واكبر دليل على ذلك الهجوم الاخير على قطاع غزة، وما تشهده الضفة من تحرك في الايام الاخيرة، يوحد النضال الفلسطيني، ويبقى الشعب الفلسطيني في المقدمة بوعيه وعواطفه التي لا تتاثر برسم هنا أو موقف هناك، ومسؤولياتنا الوطنية تحتم علينا اختيار الوسائل والادوات التي تساعدنا على مواجهة المحن والصعاب، وعلينا ان نكون اكثر وعيا لأننا كشعب فلسطيني يعيش تحت الاحتلال بحاجة الى كل ذرة وعي ومصداقية ووحدة.

وادعو كل أبناء شعبنا الفلسطيني، لعدم الانجرار لمناقشة موضوع الكاريكاتير من منطلق مناطقي، وكأن هناك شعبان، أو طرفان، هذا يدافع عن الضفة وذاك يدافع عن غزة، فكلنا شعب واحد أينما وجدنا، والاحتلال الاسرائيلي لا يفرق في قتلنا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير