مهاترات وطن: إرحموا عقولنا

03.08.2015 12:12 PM

وطن - كتبت نادية حرحش: الخبر: “قال مصدر دبلوماسي ان وزير الخارجية رياض المالكي سيتوجه اليوم الأحد إلي محكمة الجنايات الدولية في لاهاي ،لتقديم ملف الدعوى الفلسطينية ضد إسرائيل بسبب جريمة حرق الطفل الفلسطيني علي دوابشة فجر يوم الجمعة.”

خبر مهم وتعبوي . هو ما يخلج إلى الرأس لحظة قراءة الخبر . إلا ان محكمة الجنايات الدولية مغلقة بسبب العطلة الصيفية اليوم ولغاية الأسبوع القادم. ولم يكن هناك من الصعوبة أبدا معرفة هذا. فمواعيد فتح وإغلاق المحكمة على صفحتها الاكترونية .
وبما اننا نعيش في زمن التواصل الاجتماعي ، فسرعان ما تم تناقل الخبر وملاحظة البعض لهذا الامر.
مع انني في هذه الأيام أشعر بالتعاطف مع الحكومة والقيادة ، وأميل إلى لوم الشعب وتحميله الكثير من المسؤولية على انحدار حالنا ومأساويته ، فبالنهاية هذه الحكومة وتلك القيادة هي من الشعب والشعب . فهؤلاء لم يوردوا لنا من أرض بعيدة ولا حضارة غريبة . هم منا وفينا.
وهنا أيضا ، قد أتعاطف مع الوزير بصورة شخصية ، وأتساءل : ” مسؤولية معرفة هكذا معلومة بديهية من غير المفروض ان تكون عليه ، فبالنهاية ، الوزير شخصية اعتبارية ليس لها متسع من الوقت او تبحث في الامور الادارية والتنسيقية البحته والتي من البديهي ان تكون من ضمن مسؤوليات السكرتير او مدير المكتب او مستشار او سفير او او او .. لا بد ان هناك الكثير من المكاتب في وزارة الخارجية بهذا الصدد التي لا بد ان يكون لها ادنى فكرة .
وكالعادة بدأ رأسي بالتحليق والخيال . وصرت افكر بالمشهد التالي : الخبر منذ الامس (آلاحد) ، يعني ان الوزير صار واصل . ما هو شعور الرجل بالوصول بعد قطع بلاد وسفر وجسر وحر شديد ليجد ان المحكمة مغلقة؟
لو كنت مكانه لانتظرت طبعا للاسبوع القادم حتى تفتح المحكمة ابوابها . صار واصل.
لن اخفي سرا بأن ما اشعر به هو تهكم . ولكن هنا لا استطيع الا ان الوم الوزير . فكما القي اللوم على الشعب بانحدار الاوضاع لان القيادة من الشعب والشعب من القيادة. هنا الوزيز يتحمل مسؤولية فريق عمله . فهذا الخبر يدل على انهيار اداري واضح في هكذا موضوع بديهي .
ومن هنا أيضا يتسرب الي ذهني سؤال بديهي آخر : آين الحقيقة ؟ هل الموضوع مجرد خبر لإسكات الشعب وإلهائه ؟ أم هناك خطأ في التقدير ومشكلة بفريق العمل ؟
وبالحالتين ما هو الاصعب والاسوأ؟ ان نكون تحت وطء ادعاء بالقيام بأمور لا يتم القيام بها ، مما يعني انه ربما لا يوجد ملف في هذا الشأن او في غيره . ومن ناحية مهنية بديهية ، ما هي هذه السرعة الفائقة في تحضير الملف ليكون جاهزا لتقديمه في محكمة الجنايات الدولية. محكمة الجنايات الدولية على ما أعتقد لها إجراءات ومتطلبات بيروقراطية وتقنية مرهقة أذا لم تكن مستحيلة . ما هو هذا التناقض بمهنية مطلقة بلحظة (جهوزية الملف بهذه السرعة) ،واللا مهنية المفرطة (بعدم معرفة اذا ما كانت المحكمة تستقبل طلبات ام لا في هذا الوقت من السنه).
بكل الاحوال المشكلة متشعبة ولا تزيد من الطين الا بله . فما يحدث في اي من الحالتين هو تهكم واستهتار وعدم مسؤوليه تجاهنا كشعب يتلقى هكذا اخبار ، وتجاهنا كشعب يتم ادارة مؤسساته بهذه اللا مسؤولية. ولا استطيع ان اتهكم فقط ،فيرافق هذا عملية اهدار بالمال العام . نحن الشعب من يتحمل تبعاتها. ولا استطيع كمواطنةمواطن أدعي محاولة المعرفة بما يدور حولي من اخبار يتم الزج بها واقحامها امامني على مدار الساعة من أخبارنا المحلية وتلك الدولية الا ان اتحسر على هذا الوضع الذي لا يبدو انه من الممكن تغييره . فعندما تستقيل وزيرة سويدية لانها استخدمت ٦٠ دولار او يورو لملء خزان الوقود الخاص بسيارتها على حساب الدولة ، لا استطيع الا ان افكر بوقود الطائرة التي طارت بالوزير تحت اسمنا ومن اجل مصلحتنا .
بنهاية المطاف …كل ما اطالب به هو احترام عقولنا كشعب يحاول ان يمشي بالقرب من الحائط ويسير في خطى بالاصل متعثرة ومليئة بالحفر والانهيارات . شعب ما يلبث لملمة جرح او دفن شهيد حتى يدفن آخر .
إرحموا عقولنا ، فلا يهمنا ان ذهبتم الى محكمة او لم تذهبوا . ما يهمنا ان تحترموا ما تبقى من عقول تعبت من وهل المصائب والاخفاقات .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير