متى يسكت السلاح؟

04.08.2015 04:40 PM

وطن:  كتب وائل عبد الفتاح

 

ـــــ ١ ـــــ
أبطال السلاح يحكمون. والمستقبل قائم على موعد انتهاء غريزة القتل، أو نهاية احتياجهم لمزيد من الدماء من أجل تكريس هيمنتهم على الحكم.
أغلب الصراعات المتفجرة قائم على صراع مكتوم حول امتلاك مفاتيح «كيان الحكم..»، وبعد انتهاء الزمن الراكد "الاستاتيك" مع انفجار "الانتفاضات" أو "الثورات" أو "الهوجات..." أو "الربيع"، علا صوت السلاح من جديد ليتكلم وحده، خاصة بعد وصول ميليشيات "آكلي الدول" إلى مرحلة خطرة في بحثها عن بقع تعلن فيها عن إمكان إقامة حياة في ظل خرافة "الخلافة..".

الأبطال الذين يحكمون بالسلاح لهم الكلمة الآن لإيقاف «دينامية» التغيير الذي تحوّل إلى انهيارات، ونشر حالة "ذعر" أطاحت بأحلام التغيير والطلب على الحرية والعدالة والكرامة، وكشفت الغطاء عن الجانب الدموي من الصراعات المكتومة على السلطة.

وهنا تأتي "ضرورة" الإذعان لحكم "صوت السلاح" كأحد فواتير الضعف الشديد في التكوين السياسي للمجتمعات التي مرّت بتجربة طلب التغيير (من تونس إلى سوريا... مروراً بمصر وليبيا واليمن على اختلاف الأوزان وتركيبات المجتمع) أو التي انتظرت في مقاعد المتفرجين (الخليج تحديداً كالعنصر المتدحرج في سباق التتابع... الذي قام بإيقاف حركة التغيير أو تعطيلها بعد تلقي الركلة الأولى... واستيعابها..).
إلى متى سيستمر دفع هذه الفاتورة؟
وماذا سيأتي بعدها...؟
سؤال تطرحه تغيّرات جذرية بعد تحريك الألواح الكبرى في المنطقة بالاتفاق النووي بين الغرب وإيران.

ـــــ 2 ـــــ

... أميركا لم تعد بحاجة إلى "حرب مباشرة"

هذا ما تلخصه تحركات كيري في المنطقة، تلخيصاً لمشروع أوباما المتردد في الحرب، وهنا كان لا بد من تعزيز التعاون العسكري مع مصر أولاً ثم الخليج من قبل الروتين المعتاد.

وفي هذه الحركة بدا أن خروج "الإخوان" من المعادلة أصبح خياراً أميركياً، بالإضافة إلى دفع الأمور في سوريا إلى ما يبعدها أن تكون رهن مغامرات أردوغان، ومنح فرصة بقاء مؤقت للأسد.

وهذه الحركات ستعزز أطرافاً متناقضة: نظام السيسي سيشعر بالراحة بعد إبعاد الإخوان، وسيحتفل بإنجازه في قناة السويس، مكللاً بتعاون جديد مع أميركا (دفعة جديدة من الاف 16) وفرنسا (الرافال وفرقاطة بحرية متطورة) ليلعب دوراً في استقرار المنطقة بعيداً عن مغامرات "سلاح" مباشر في منطقة الخراب.

كما ستتعزز فرص أقليات تتجه للسياسة، بداية من إيران حيث يعلو صوت الصراع حول إعادة بناء "دولة" بعيداً عن أجواء "الحرب ضد العالم" وحتى كردستان التي يوجّه فيها الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي الفائز حديثا بأول مقاعد لكتلة كردية في البرلمان التركي، رسالة لحزب العمال الكردستاني، ملخصها: "يجب أن تسكت أسلحتك قليلاً".

ـــــ 3 ـــــ

الرهان على صمت السلاح رهن تقوية المكوّن السياسي.

أردوغان الذي يريد الخروج من السياسة بادعاء "حرب نبيلة على الإرهاب"، والدول التي تعيش أجواء الضرورة، إنقاذها ليس في استمرار السلاح، ولكن في إسكاته عبر إيمان بأن "الحرب مع الإرهاب" لن تكون ذريعة أبدية للحكم، وأن الحل النهائي لن يتم إلا عبر تفريغ البيئة الحاضنة لعصابات منتظري الخلافة المسلحة... وبالطبع التفريغ لن يكون بالسلاح فقط، ولكن بالسماح للمجتمع بالنمو، والاعتراف بالتنوع الاجتماعي كعنصر في الدولة.

وكذلك فإنه لا مستقبل من دون إنهاء ألعاب فائض القوة والبترول في اليمن، والتراجع عن شحن الحرب المذهبية والطائفية...
هذه أحلام لن تحققها بمزاجها "بيوت السلطة".... لكنها رهن وعي المجتمع بالدفاع عن قوته في مواجهة توحش السلطة، ولإعادة توازن ما لا تهندسه تواطؤات قديمة مثل التي أعطت لمبارك ملعباً جاهزاً يرسّخ فيها شرعية «الملل".

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير