رصاصة الفراشة - أثرُ الشهيد لا يزول !

04.08.2015 08:23 PM

كتب: طارق عسراوي.

في جنازة الشهيد، هتف الرفاقُ السائرين خلف إكليل الوداع:
"يا أم الشهيد سمعنا الصوت، الإنتفاضة حتى الموت".. هم لا يبحثون عن الموت كرها بالحياة ولكنهم يرددون ما قاله درويش:"نحن نحب الحياة إذا ما إستطعنا اليها سبيلا"، لكنهم أعادوا نَظمَ القصيدة..!

رأيتُ صورةً لشكل الرصاصة الغريبة التي قصفت الأقحوان الغض في صدر الشهيد ، وقيل أنها " رصاصة الفراشة "، أيّةُ تسميةٍ هذه التي تغتال الغد الجميل  بإسم الفراشة!
وكيف أُثقِلت الفراشة بما لا تطيقُ جناحاتها، لتترك أثرا يُرى بعين الحزنِ، عميقَا غائرا لا يزولُ من ذاكرة الدمع في الأحداق!
أو يجرؤ الفَراشُ على معاكسة الطبيعةِ ليولد من نار بندقية و يريق الرحيقَ على الإسفلت؟!
قلتُ : لا ..
هذا إختلاقٌ مشوّهٌ من الجاني في تسمية نصلِ الجريمةِ، ليبدو جميل الوقع في سرد قصة شمشون التي يقرأها لأطفاله كل ليلةٍ قبل النومِ كي يعدَّهم  للخدمة العسكرية، فالفراشاتُ لا تلهو بورد الأكاليل ..

أغلقت المدينة أبواب دكاكينها، و شرعت نوافذها للحَمامِ  إذ أفاقت على مسك الغزال، وجلست إمرأة بعمر البلاد على رصيف إغترابنا عن الفكرةِ تبيعُ الصبر، وأوّلُ شمسٍ في آب، بدت محمولة ً على أكفّ المشيعين، مرّ الصباح مشحوناً بالهتاف المر، وقدحت في عروق البلاد شرارة الصوّانِ، فحبُلت الأكفُّ بالحجارةِ  وأنارت فوانيس المتاريس وميض الطريق الصواب إلى البلاد، واستعادت الكوفية مكانتها من أكتافِ الخطابةِ إلى اللثام، وكانت الدلالة واضحة، فهذه بلاد لا تُبدّلُ حلمها، وتعرف جيدا أن الإشتباكَ جادة الخلاص المرصوفة بشقائق النعمان.

في بيت العزاء، وقف أهل الشهيد يستحضرون ذكرياتهم القريبة - من الموت يولد الفعلُ الماضي و يبقى حاضرا - وزينت صور الشهيد جدران المخيّم و العزاء، وإكتظ المخيم بالمدن و القرى والمخيّمات، كما هو حال قرية دوما، ومن بيت العزاء ظلّلت ألوان العلم مدناً خلف الحدود، فنهضت فلسطين في شوارع العالم مسيرات وشعارات تدين الجريمة، ولم تحد فظاعة الأحداث في دول الجوار - كما قيل في السياسة - من مكانة الحدث الفلسطيني وأهميته، فهذه فلسطين مَدرجُ السماء، العصية على الإلهاء و التسويف.
هنا مركز الكون، ومركز الكونِ بركانٌ ثائر ..

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير