مستقبلا ستشتاق حكومة اسرائيل لابو مازن

02.09.2015 09:18 PM

وطن:  كتب يوسي ميلمان


في حكومة اسرائيل وفي قسم من جهاز الامن، وبالتأكيد في اليمين الاسرائيلي، لن يأسفوا اذا حقق محمود عباس، المعروف أكثر بلقب ابو مازن، بالفعل بيانه واعتزل منصبه في القيادة الفلسطينية. ومنذ أمس عبر النائب افيغدور ليبرمان بلغته المشحوذة عن رأي بهذه الروح.

لقد عاد ابو مازن وأعلن امس بانه لن يعرض ترشيحه عن حركة فتح لمنصب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف). منذ زمن بعيد وابو مازن، ابن الثمانين، يعلن/يهدد بانه نفد صبره وان في نيته اعتزال مناصبه. وهذا لا يعود فقط الى العمر. فقد يئس من كل احتمال للتقدم في المسيرة السلمية مع حكومة نتنياهو وخاب أمله من الاسرة الدولية التي لا تساعده في مساعيه لحمل مجلس الامن في الامم المتحدة على الاعتراف بدولة فلسطينية.

في واقع الامر، كف العالم عن الاهتمام بالقضية الفلسطينية التي تراجعت عن جدول أعماله. كما أن وتيرة المقاطعات المفروضة في العالم على المنتوجات الاسرائيلية في الضفة الغربية ليست كافية.

وكان مسؤولون كبار في فتح أعلنوا في الماضي وكذا أمس، ردا على هذه البيانات بان ابو مازن بالنسبة لهم يواصل كونه زعيمهم. ولكن ثمة ايضا في فتح وفي م.ت.ف من سيسرهم ان يروه يخلي مكانه. فمعارضوه يتهموه باقامة نظام طغيان، ابعد خصومه، وكذا بالفساد العائلي وبالتبذير (بناء قصر لمكاتبه بـ 13 مليون دولار).

   لقد سبق أن قيل ان المقابر مليئة بالاشخاص الذين اعتقدوا بان لا بديل لهم. ناهيك عن أن ابو مازن كان زعيما قاتما، عديم الكاريزما وبالتأكيد مقارنة بالهالة الثورية والمكانة الدولية التي كانت لسلفه ياسر عرفات. في أجهزة استخبارات والامن الاسرائيلية ينشغلون منذ زمن ما بمسألة من، آجلا أم عاجلا، سيحل محل ابو مازن. وتذكر عدة اسماء، ولكن احدا في اسرائيل لا يعرف في واقع الامر من سيكون الزعيم التالي لفلسطين. وفي المعسكر الفلسطيني نفسه لا يعرفون هذا.

في الماضي ذكر اسم مروان البرغوثي، الذي يقضي عقوبات بالمؤبد على القتل بسبب مشاركته في عمليات فدائية في فترة الانتفاضة الثانية. وفي الماضي طرحت في اسرائيل وعلى اسرائيل اقتراحات لتحرير البرغوثي الذي يعتبر زعيما كاريزماتيا ومحبوبا في اوساط "الشارع" الفلسطيني. كما أعلن اسمي صائب عريقات ومحمد دحلان.

من سينتخب سيأتي من بين رجال الجيل الثاني، ممن تنقصهم المكانة الاعتبارية لابو مازن، ابن جيل المؤسسين لحركة فتح قبل اكثر من 50 سنة. ويمكن القول انه مع ذهاب ابو مازن ينتهي فصل في التاريخ الفلسطيني ومن الصعب التوقع كيف سيتدحرج الفصل الجديد.

صحيح ان ابو مازن يعتبر زعيما ضعيفا، مترددا، انصرف في اللحظة الاخيرة عن التوقيع على العرض الاكثر سخاء الذي تقدمت به اسرائيل في أي مرة كانت – عندما كان اولمرت رئيس وزراء. ولكن ابو مازن آمن عن حق وحقيق بالدولتين للشعبين. وليس مثل عرفات، الذي تحدث بلسان مزدوج، كف ابو مازن عن الايمان بـ "الكفاح المسلح" – الارهاب في نظر اسرائيل.

يمكن التقدير أنه في المستقبل ستشتاق حكومة اسرائيل، بما فيها حكومة اليمين، لابو مازن. من شأن اسرائيل أن تأسف على أنها رفضت اجراء المفاوضات والتقدم نحو تسوية سلمية. واضح أن بديله سيكون ملزما بان يكون حازما ومتطرفا اكثر منه واحتمال السلام، اذا كان لا يزال قائما، يتقلص أكثر فأكثر.

تصميم وتطوير