لغز اختطاف الاربع شبان من غزة

04.09.2015 02:46 PM

وطن - كتبت: سهيلة عمر: اعتقد ان حادثة اختطاف الاربع شبان من ابناء غزة تتطلب منا الكتابة للتضامن معهم خاصة ان حادثة اختطافهم لغز كبير بحد ذاته، واعتقد انها حلت كارثه على حماس والشعب الفلسطيني.

استغربت بشدة فتح معبر رفح المفاجئ بدون سابق اشعار لمدة ايام في الوقت الذي كان يتم الحديث فيه فقط عن موعد افتتاح المعبر للحجاج بدون التنويه عن أي موعد اخر لافتتاحه للحالات الانسانية واستشعرت ان وراء هذا الكرم شيئا ما.
ثم سمعنا عن السعي للتنسيق لخروج قادة من حماس عبر المعبر، وكان غريبا بالنسبة لي التأخر في اعطاءهم التنسيق، فقادة حماس مسالمون مع مصر ولم يشتبه في تورطهم باي عمليات في مصر.

ثم سمعنا عن اختطاف اربع شبان وجميعهم ذو سن صغير، ولأول وهلة، من اهتمام حماس وكتائب القسام بحادثة اختطافهم، كان  واضحا انهم يتبعون كتائب عز الدين القسام ولهم اهمية خاصة وان كان مستبعدا ان يكونوا من القادة الكبار في كتائب عز الدين القسام لصغر سنهم. ليس مهم ما هو انتماءهم وان كانوا ذاهبين للعلاج والدراسة ام للتدريب في ايران وتركيا كما يتم الادعاء في وسائل الاعلام، المهم انهم خرجوا مرحلين من المعبر وتم تفتيشهم والتدقيق عليهم امنيا عبر بوليس امن الدولة ثم السماح لهم للمرور للمطار ترحيل بدون ام يكون في حيازتهم أي اسلحة.

هناك علامات استفهام انه لم يصدر أي تصريح من السلطة في رام الله لاستنكار عملية الخطف والعمل على تحرير المخطوفين، وقد اتفهم السبب هو الصراع الدائر بين حماس وفتح الذي جعل كل طرف غير معني بمصائب الاخر. اذكر مره كنت مسافره للعلاج في القدس عبر معبر ايريز وكنت خائفة من السفر لما اسمعه من حوادث الاعتقال على المعبر، فقالت اختي لي على سبيل الفكاهة ان المصيبة انني لا انتمي لأي حزب، فلو اعتقلت من سيتكفل بي ويهتم بقضيتي ويعمل للأفراج عني ؟؟؟  للأسف هذا ما يحدث، لا يعني بالمعتقل الا حزبه فقط الذي ينتمي اليه ولذلك صفقة تبادل الاسرى لم تشمل العديد من كبار القادة كمروان البرغوثي وسعدات وباعتقادي انه كان بالإمكان الافراج عنهم لو وجدت النية الصادقة خاصة ان كلاهما لا يشكل خطر امني حقيقي على اسرائيل بعد السنوات الطوال من اعتقالهم.

الفجيعة بهؤلاء المختطفين الاربعة كانت اكبر من الفجيعة باي اسير، فالأسير يعرف انه على قيد الحياة وانه اسر وكم سنة سيبقى بالسجن، اما هؤلاء فمفقودون من طرف مجهول ولا يعرف ان كانوا احياء ام اموات لا سمح الله.

الموضوع لغز كبير وليس من السهل حله.  تنصب الاتهامات على ان يكون من اختطفهم اما اسرائيل او احد الاجهزة الامنية في مصر او الجماعات السلفية التي تقوم بعمليات ارهابية في سينا. اود ان احلل كل احتمال  حسب معرفتي بكل من هذه الجهات:
ما يرجح ان تكون الاجهزة الامنية في مصر قامت باعتقالهم هو معرفة اسمائهم وانهم سيكونون مرحلين بنفس الباص بتوقيت معين وتم اختطافهم في منطقة امنية قريبه من المعبر. لو افترضنا انه جاءت هذه المعلومات من شخص من غزة، فبالعادة لا يعرف ان كان الشاب سيسمح له بدخول مصر او سيرحل او سيرجع، وفي أي باص سيرحل وباي توقيت. اذن المعلومات عنهم اتت اما من الضباط في المعبر او من شخص كان مسافر معهم واعطى تعليمات بتتبع من يخرج منهم وكيف سيخرج، واعتقد ان هذا سيكون صعب تتبعه لا نه لا يخرج الاشخاص مره واحده من المعبر، بل يخرجون عندما تنتهي اجراءاتهم، فكيف لشخص مسافر مراقبة كيفية خروج اربع اشخاص، الا اذا كان الشخص المراقب يراقب من الخارج واعطي صورهم  لتتبعهم واعطى معلومات دقيقه للخاطفين عمن تم ترحيلهم ومتى تم ترحيلهم ؟؟ من هنا يبدو ان الأجهزة الأمنية بالمعبر او  احد افرادها هي من زودت المعلومات عنهم لاختطافهم  .
اما ما يجعلني استبعد تورط الاجهزة الأمنية في مصر لعمليه الاختطاف فهي عدة امور. ماذا سيستفيد الجهاز الامني من اختطاف شباب صغار في السن فلا يوجد حرب بين مصر وحماس لتخشى مصر وتحاول ان تجمع معلومات من خلالهم ؟؟؟؟ ثم مصر تستطيع ان تخترق غزة بسهولة وتحصل أي معلومات تريدها حيث تربطنا مع مصر صلات قرابة عميقه ناهيك عن الانفاق، لذا هي ليست بحاجة لاختطاف اشخاص للحصول على معلومات ؟؟ كما ان مصر عادة لا تعتقل أي فلسطيني، بل ترجعه ان كان عليه شبهه امنيه، والشباب غير مسلحين اصلا ومرحلين فلا يوجد أي دواعي لاعتقالهم او حتى ارجاعهم. واخيرا لمعرفتي بالأجهزة الأمنية في مصر انهم قانونيين ومتعاطفين مع الفلسطينيين ولا يؤذون أي عربي. نسمع عن حوادث رشاوي ولكن لم يؤذى فلسطيني قط من أي رجل امن مصري، واشك ان ينفذ أي حكم بالإعدام على أي من الاخوان، فالمصريون ليسوا قطاع طرق، يهوشون ويهددون ويتهربون من المساعدة لكن لا يؤذون أي عربي.

الاحتمال الثاني ان من اختطفتهم هي احدى الجماعات السلفية في سينا انتقاما من حماس او لابتزازها بهم، مع التصور ان المعلومات زودت لهم عن اسماء الاشخاص وتوقيت ترحيلهم من خلال احد مراقبيها  خارج المعبر او احد الذين يعملون لحسابها مع الاجهزة الأمنية داخل المعبر. كون المكان الذي تم فيه الاختطاف موقع امني قريب من المعبر لا يبعد هذا الاحتمال، فنعرف  رفح منطقة جبليه ومداخلها ومخارجها متعددة وممكن ان تمر أي سيارة بين الكمائن.
اما ما يبعد هذا الاحتمال انه بالعادة الجماعات السلفية تعلن عن مسئوليتها عن الحادث وتنادي بمطالبها، الا اذا امتنعت عن اعلان المسئولية خشية ان يؤذى ابناءهم في غزة، فلو هددت الجماعات الإرهابية بسينا قتل المختطفين، سيكون الرد بالمثل من حماس في غزة. كما ارى انه لن تستفيد الجماعات السلفية من عملية الاختطاف كثيرا. ليس من المعقول انها احتجزتهم للأفراج عن عناصر للجماعات السلفية في غزة  بينما حماس تستطيع ان تعتقل من تشاء باي وقت، كما انه الجماعات الإرهابية في سينا لم تتبع قط اسلوب المساومة مع الجيش المصري لتتبعه مع حماس ولا يوجد ثأر بين حماس والجماعات السلفية الإرهابية في سينا خاصة ان حماس مضطهده من الجيش المصري. كما لحماس معلومات امنية قويه واتصالات مع الجماعات السلفية، فلو شكت بتورطهم لا علنت عن ذلك مباشرة.

اما احتمال ان اسرائيل قامت باختطافهم من خلال الموساد فهو ايضا وارد خاصة ان العملية تمت بمنتهى الدقة وبدون أي اثر للاستدلال على من قام بها واين ذهبوا بالمختطفين، فاسرائيل دولة خارج القانون وفاقت الوصف في اساليب الاذلال والابادة للشعب الفلسطيني (تهجير وحروب ابادة وسلب اراضي وحواجز).  يتوقع كل شيء من اسرائيل خاصة انها تعرف انها لن تستطيع ان تعتقل أي من عناصر حماس عبر معبر ايريز، وستستفيد من ناحية انها ستحصل على معلومات استخباراتية عن القسام خاصه ان حماس كثفت ملاحقتها على العملاء.

اما ما يجعلني استبعد هذا الاحتمال فهو ان اسرائيل نادرا ما تقوم بعمليات في الاراضي التي وقعت معها سلام  لذا هي لن تحاول ان تتورط مع حكومة مصر ، الا اذا كان هناك تنسيق مع حكومة مصر التي تكن بالكراهية لحماس والاخوان واستبعد ذلك لان حكومة مصر لن تسلم فلسطيني لإسرائيل حسب علمنا بأخلاقيات شعبها. كما يبدو من خلال الاعلام الاسرائيلي  ان اسرائيل ليست متورطة في العملية فهم مثلنا يضعون احتمالات لفك اللغز. ايضا اسرائيل بتصوري لو اعتقلتهم لا علنت عن ذلك الا ذا كانت تخشى من رد فعل مصر. ثم لو اعتقلتهم اين ذهبت بهم  وماذا ستفعل بهم بعد التحقيق؟؟؟ حتما لن تستطيع ان تدخلهم اسرائيل بدون علم الجيش المصري
وضعت في مقالي كافة الاحتمالات ومن الواضح ان الامر يبقى لغزا والامر غامض كليا واترك للقارئ ان يرجح الاحتمال الاقرب له. ارى ان مصر ستتخاذل في البحث عن المختطفين فقد شاركت بحصار قطاع غزة بدون رحمة ، لذا ارجو ان تسمح مصر بلجنة تحقيق تشارك بها عناصر من حماس في التحقيق والبحث عن المختطفين في مصر، فحماس حتما ستعرف كيف تستعيد ابناءها وتعرف سينا جيدا. كما ارجو من السلطات المصرية العمل على اعادة ابناء غزة المختطفين فقد دخلوا ارضها امنين غير مسلحين ومرحلين للسفر أيا كانت وجهتهم. وارجو ان تحقق الحكومة المصرية مع اسرائيل لمعرفة مدى تورطها في هذه العملية وليقفوا موقفا مشرفا كما وقف الملك حسين ابان محاولة اغتيال مشعل حيث عمل على الحصول على مضاد السم والافراج عن مجموعة من الفلسطينيين . كما ارجو من السفارة الفلسطينية ارسال مندوبين امنيين من فلسطين للمشاركة في التحقيق مع مصر والعمل الحثيث  للأفراج عن المختطفين ، فالسفارة المصرية تمثل حكومة فلسطين في بلاد الخارج ويجب عليها ان تعنى برعاياها كافه بدون الاعتبار لأي حزب ينتمون. رأينا ان السلطة الفلسطينية لا تميز بين حمساوي وفتحاوي في كافة الحقوق كالعلاج بالخارج والمنح الدراسية وخدمات الاعمار والخدمات الاجتماعية واصدار الجوازات ، فأرجو ان تعمل على الضغط على مصر للأفراج عن ابناء فلسطين المختطفين.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير