مهاترات وطن : وبعد طول انتظار …قنبلة ام ألعاب نارية

03.10.2015 09:39 PM

وطن - كتبت نادية حرحش: ذكرني ما جرى بعد خطاب الرئيس بالأمم المتحدة بأيام أراب إيدل والحلقة الاخيرة . انتظار وتوقعات وتكهنات وبالنهاية فائز . الا ان الفرق في الخطاب الاممي بانه لا يحدث فوزا ولا يجلب فرح الانتصار ولا نشوته ، خصوصا في خطاب تمت الدعاية له كثيرا وانتشرت التكهنات والتوقعات بخصوصه ولم يبق محلل ولا مراسل ولا سياسي […]

ذكرني ما جرى بعد خطاب الرئيس بالأمم المتحدة بأيام أراب إيدل والحلقة الاخيرة . انتظار وتوقعات وتكهنات وبالنهاية فائز . الا ان الفرق في الخطاب الاممي بانه لا يحدث فوزا ولا يجلب فرح الانتصار ولا نشوته ، خصوصا في خطاب تمت الدعاية له كثيرا وانتشرت التكهنات والتوقعات بخصوصه ولم يبق محلل ولا مراسل ولا سياسي الا أفضى بما سيترتب على تفجير قنبلة الخطاب . وللتذكير كلمة قنبلة لم تخرج من أفواهنا نحن الشعب المستهتر العنيف ، بل من الرئيس شخصيا وتأكيدا على ذلك فجر جماعته تأكيدات التفجير القادم والتحذير منه. وانتظرنا لليوم المعلوم وتسمرناً امام الشاشة وسمعنا الخطاب وحللناه وقلبناهونفضناه ، ولم يخرج منه الا فتيل “فتاش” مبرد . ذاك الموقف للذي تحاول فيه إشعال “الفتاش” ا ألعاب النارية وتحرق أصابعك وتحرق معها عود الكبريت الواحدة تلوً الأخرى ولا طلقة ولا شرارة تصدر الا تلك المنطفئة من عود الكبريت.

فحالة الازدراء والتهكم التي اصابتنا كمجتمع هي الشيء الوحيد الطبيعي في سلسلة الأحداث الانهزامية الواحدة تلو الاخرى. لابد ان الكثير مثلي ، وبالرغم من فقدان الأمل بصلاح الوضع وإصلاح القيادة الا ان الأمل بداخلنا لا يزال يصارع احباطاتنا مستخرجا بصيص أمل لا يكاد يحبط من جديد.
ما الذي فعله الرئيس في خطابه؟ هل اطلق على نفسه الطلقة الاخيرة ؟ الرئيس لم يعد يطل علينا الاً بخطابات امميه يرجع فيها العهد والشعبية في كل مرة من خلال طلقات ألعاب نارية كان البعض وقد يكون الكثير منا يستمتع بها ويريد ان يرى السماء مزينة بهاً وكأنها نجوم ساطعة . ولا يزال الأمل فينا رجاءا لنور حقيقي ولو باهت الضوء او خافت .

هلً من الممكن ان يكون رفع العلم هو القنبل

وتتالى الاحداث ، ولربما تسارع الحياة الاكترونية يجعلها أسرع . فلم نعد بحاجة لشهور ولا لعقود لنفهم تبعات الامور.
يرفع العلم الفلسطيني على اسوار القدس خلسة ، ونفهم بأن رفع العلم لا بمجرد احتفال اممي . فالعلم الفلسطيني قضية شعب ، لا حالة دبلوماسية تتطلب الاعتراف فيها ليرفع بسارية بجانب الاعلام المحررة . فالعلم الفلسطيني كحال شعبه ، يناضل لأن يرفع . هو ذاك العلم الذي كنا نحلم برفعه أيام الانتفاضة الاولى . هو ذاك الذي كان يرهب إسرائيل ، لا هذا الذي يرفع على باحات الامم المتحدة التي كانت ولا تزال جزءا من نكبتنا .

ويا ليت حالنا اليوم وعلمنا كحالنا ايام الانتفاضة الاولى . فكان العلم يوحدنا كما كانت قضيتنا وان اختلفت الاحزاب والقيادات والاعلام والالوان . كان العلم ليس رمزا من رموز هويتنا ولكنه كان كتلك الخارطة التي محت اوسلو والقيادة معالمها وحدودها حاد الالوان صارم واثق يعرف اين يبدأ ومتى ينتهي. واليوم اصبح علم الحزب يفوق علم الوطن . والقضية اصبحت مصلحة شخصية لقائد ولقيادة بالاسم يمثلوننا كما يمثلون هذا العلم ، وبالفعل يلبون مصالح اعداءنا ومصالحنا نحن…الشعب الذي يمثل الوطن.
وتأتي عملية أطلاق النار على المستوطنين في نابلس ( مستعمرة ايتمار) لتعطي للرئيس والقيادة قوة مؤقتة ، لا أعرف كان الفعل بأمر من القيادة ام كان ردة فعل من المفترض ان تكون طبيعية في ظل التنكيل الدائم من اسرائيل ضد الشعب المنكوب.
واعترف بأنني لم أفرح ، ولم تبتسم شفتاي لهذه العملية . ربما لأني لا اريد انتصارات لقيادة تبيع وتشتري باسمنا . ومع اني مرة اخرى افهم تماما ان وجود المستعمرات لا يعني الا هكذا عمليات ، ولكن لا استطيع الا ان اقف واتساءل . لما لم تكن هناك ردة فعل عند حرق علي الدوابشة وعائلته ؟ اين كان المقاومون هؤلاء عند مقتل ليث الخالدي ، واين واين واين ؟ اين كانوا في كل يوم تهز الارض تحت الاقصى بباساطير الاحتلال ومستعمريه ، عند كل قلع لشجرة زيتون وتنكيل بفلاح او طفل او عجوز؟ ولا يرقى المسلحون ولا الشعب منا الى مظاهرة ؟

هل كانت هذه العملية ردا على خطاب الرئيس استعدادا لاستقباله استقبال الابطال؟

هل كانت حيلة لتبرير مبايعة جديدة في ظل انهيار كامل لشعبية ولشرعية على الارض؟

ولكن لاننا نحيا بقعر حال من المتناقضات ، لا يعقل ان يكون نفس الرئيس الذي ينبذ المقاومة المسلحة بكل تعابيرها ، هو نفس الرئيس الذي سيعطي الإشارة الى الاجنحة العسكرية للحراك . فمن غير المنطقي اتباع نقيضين . وليثبت الرئيس لنا هذا اعلن واجهزته الامنية التصدي لمثل هذه العمليات واعلن التنسيق المطلق مع اسرائيل في البحث عن من قاموا بتلك العملية. فهنا يخرج السؤال من عمق القعر الذي نعوم فيه وكأنه بحر كبير . اذا ما كان الرئيس وما يمثله ومن يمثلونه ضد هكذا عمليات . مع ان من يمثلون الرئيس من قيادات خرجوا ونادوا بتعبئة الشارع للمقاومة المسلحة وحيوا هكذا عمليات . وخرجنا نحن الشعب الى الشارع مهللين ،لا اعرف بصراحة لماذا ولكنا فعلنا واستقبلنا الرئيس استقبال المحرر العائد بغنيمة كبيرة.

وليس هذا بكثير الاهمية . فأتساءل ، ما الذي نتعطش نحن له كشعب . هل نريد المقاومة فعلا؟ هل نريد انهاء الاحتلال بمقاومة عسكرية او غيرها ؟ هل نريد انهاء الاحتلال فعلا ؟ ليس من العيب ان نعترف اننا نريد ان نبقى هكذا مع ديمومة الاحتلال . فلقد يكون هذا هو الحل الامثل .ليس من العيب ان يخرج الينا الرئيس ويعترف امامنا بأنه لا حل الا ما نحن عليه . فليس هناك ارض نساوم عليها الا ما تقف عليه أرجلنا عليه الآن ، لاننا وببساطة شديدة سلمنا هذه الارض فيما بين بيع ومساومة من جهة ، وبين ما استولى عليه الاحتلال بحيلة وبشراء وباحتيال وبتبرع وغيره من جهة آخري . فهذا ايضا لم يعد بالاهمية .

ليس من العيب ان نفهم نحن الشعب المهمش من هذه القضية بينما يتم وضعنا كشعب على قمة القضايا في كل عمليه بيع ومساومة . لن نطالب بشيء . فنحن مثل هذه القيادة جزء من العار الذي يلبسنا. نحن جزء من الهوان . فبينما اشجب واستنكر واذم بالقيادة . فهذا القائد كان يوما من الشعب لم يأت من رحم الاحتلال .
ولكن من العار ان نستمر في هذه الهزلية التي اضاعت الارض فاضاعت الوطن وتضيع الانسان منا اليوم .
لا اعرف ان كنت اريد دعوة لكفاح مسلح لاني لا اعرف ان كان الشعب يريد هذا . فهذا الشعب صار يبدو لي غريبا ولم اعد اعرف من هو الشعب . اولئك الذين خرجوا للتهليل للرئيس هم الشعب؟ ام اولئك الذين لم يتحركوا ساكنا امام اعتداءات الاقصى وحرق عليا واستشهاد الليث ؟

من هو الشعب ام اين هو الشعب لم يعد للسؤال اصلا معنى .

هناك حاجة لمواجهة انفسنا وبحق .

هذا الحال الذي نحن فيه ليس سببه قيادة عقيمة فحسب . فلم اعد ادري ان تغيرت هذه القيادة .هل سيكون الوضع احسن ؟ هناك لعنة ما على القيادة الفلسطينية على ما يبدو . فمهما صلح المرء منا يتلوث بلحظة تسلمه كرسي قيادة مهما صغر او كبر حجمه ويلتصق به التصاقا ابديا . وهذا حالنا منذ مئة عام فالموضوع ليس موضوعا عرضيا .
كفانا انهزاما وراء انهزام يعلوه صيحات لا يصدقها احد حتى نحن .
لن يتغير حالنا طالما صناعة الانسان الفلسطيني توقفت في صياغة لشكل انسان خوى منه الوطن .
لربما علينا ان ننسى الوطن قليلا ريثما نعيد الانسان فينا من جديد ….
فالوطن لا يبني الانسان
الوطن يحتاج الى انسان يبنيه

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير