تل أبيب تُؤكّد: لا عملية "السور الواقي 2"

06.10.2015 02:23 PM

وطن - وكالات: كما كان متوقعًا من الإعلام الإسرائيليّ على مُختلف مشاربه، فقد ركزّ اليوم الثلاثاء على "النجاح الباهر والأسطوريّ" الذي حققه جهاز الأمن العّام (الشاباك)، لأنّه تمكّن خلال فترة قصيرة جدًا من اعتقال أعضاء الخلية، التابعة لحركة حماس، والتي نفذّ عناصرها العملية الفدائيّة مساء يوم الخميس الماضي، والتي أدّت إلى مقتل مستوطنين اثنين بالقرب من مدينة نابلس في الضفّة الغربيّة المُحتلّة.

هذه التقارير باتت ممجوجةً، ومُعدّةً للاستهلاك الداخليّ، ذلك لأنّ الإسرائيليّ العاديّ، كما قالت المُحللة سيما كدمون في (يديعوت أحرونوت)، فقد الأمن والآمان في كلّ بقعةٍ من إسرائيل، بما في ذلك في الضفّة الغربيّة، على حدّ تعبيرها، لافتةً إلى أنّ ما أسمته بسخريةٍ سيّد الأمن، أيْ رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، هو أبعد ما يكون عن جلب الأمن لسكّان الدولة العبريّة، الذين باتوا متعطشين للعيش بسلامٍ وأمانٍ، على حدّ تعبيرها.

وأشارت المُحللة أيضًا إلى أنّه على الرغم من القرارات التي اتخذّها المجلس الوزاريّ الأمنيّ-السياسيّ المُصغّر لمكافحة "الإرهاب الفلسطينيّ"، فإنّه لا توجد حلول سحريّة لوقف هذه الموجة الأخيرة من التصعيد، في إشارةٍ واضحةٍ إلى محدوديّة القوّة، فإسرائيل اليوم، باتت تستخدم القوّة أكثر لقمع انتفاضة الفلسطينيين، فيما كانت بالسابق تستخدم العقل عوضًا عن القوّة، بحسب عددٍ من المُحللين في تل أبيب.

وعلى الرغم من أنّ إسرائيل تُحاول أنْ تظهر بمظهر القويّة، المُتماسكة والمُتعاضدة في أوقات الحرب، إلّا أنّه أصبح بارزًا وجليًا للعين، أنّ الخلافات السياسيّة الداخليّة، ومُحاولات العديد من القوى السياسيّة "الرقص على الدماء" وتوظيف العمليات الفدائيّة ضدّ الإسرائيليين، من طرفي ما يُطلق عليه الخّط الأخضر، لتحقيق مآرب سياسيّة وفرض وقائع جديدة على الأرض، هذه المعادلة طفت وبقوّةٍ على السطح وتصدّرت الأجندة في دولة الاحتلال.

فزعيم البيت اليهوديّ، وزير التربيّة والتعليم، نفتالي بينيت، ووزيرة القضاء، أييليت شاكيد، وهما من أعضاء (الكابينيت) لم يألوا جهدًا في مهاجمة الحكومة، أيْ لعب دور المعارضة والائتلاف في نفس الوقت، وزعما أنّ خطوات الحكومة في معالجة "الإرهاب" الفلسطينيّ ليست كافيّة بالمرّة، الأمر الذي أثر حفيظة نتنياهو، "سيّد الأمن"، ووزير الأمن من حزب الليكود الحاكم، موشيه يعالون، وبحسب التقارير الصحافيّة الإسرائيليّة، فقد شهدت جلسة الـ(كابينيت) التي التأمت مساء أمس الاثنين، بتبادل وتراشق الاتهامات، بين نتنياهو ويعلون من جهة، وبين بينيت وشاكيد من جهة أخرى. وكانت الفضيحة الكبرى، التي أكّدت عدم قدرة نتنياهو على ضبط الأمور في حزبه، قد كمُنت في مشاركة ثلاثة وزراء في حكومته ومن حزبه في المظاهرة التي نضّمها قطعان المُستوطنين قبالة منزله في القدس الغربيّة احتجاجًا على سياسة حكومته ضدّ "الإرهاب" الفلسطينيّ.

وهذه التطورّات والمُستجدّات في المشهد الإسرائيليّ تقطع الشكّ باليقين، بأنّ نتنياهو بات فاقد السيطرة على أعضاء حزبه، وعلى مكوّنات الائتلاف الحكوميّ، الذي يعتمد على 61 عضوًا من أصل 120 في الكنيست الإسرائيليّ، الأمر الذي يؤكّد هشاشة هذا الائتلاف وتعرّض رئيس الوزراء للابتزاز من قبل القوى السياسيّة المُشاركة فيه. ومع ذلك، أفادت (يديعوت أحرونوت) فإنّه بعد انتهاء تبادل الاتهامات قرر الكابينيت المُصغّر تكليف وزيرة القضاء شاكيد بتشكل لجنةٍ لتسهيل عملية تنفيذ العقاب بحقّ الـ"مخربين" الفلسطينيين وأفراد عائلاتهم. علاوة على ذلك، نقلت الصحيفة العبريّة عن مصادر مُقرّبةٍ جدًا من وزير الأمن قولها، إنّه خلافًا للتصريحات الأخيرة، التي صدرت في الأيّام الأخيرة عن وزراء وعن مسؤولين إسرائيليين رفيعو المستوى، فإنّ الدولة العبريّة ليست في وارد القيام بحملةٍ عسكريّةٍ في الضفّة الغربيّة على غرار حملة (السور الواقي) التي قادها رئيس الوزراء الإسرائيليّ الأسبق، أرئيل شارون في العام 2002، وأعاد احتلال الضفّة الغربيّة، وهذا التأكيد يثبت ما نشرته القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيليّ، في نشرتها مساء يوم الاثنين، والتي شدّدّت فيه، نقلاً عن مصادر أمنيّة في تل أبيب ورام الله على أنّ التنسيق الأمنيّ بين الاحتلال الإسرائيليّ وبين الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة يعمل بوتيرةٍ عاليةٍ جدًا على الرغم من التصعيد الأخير، على حدّ تعبير المصادر.

بالإضافة إلى ذلك، كان لافتًا أنّ وزير الأمن يعالون، المعروف بمواقفه المُتشدّدة، دأب على التسريب لوسائل الإعلام العبريّة عبر المُقربين منه أنّ التصعيد الأخير في القدس المحتلّة وفي الضفّة الغربيّة هو ليس انتفاضة ثالثة، بل هو عبارةً عن موجةٍ عابرةٍ من العنف، ستنتهي عاجلاً أمْ أجلاً، وهذا التسريب بحدّ عينه، يؤكّد المؤكّد ويُوضّح المُوضّح: إسرائيل تخشى من اندلاع الانتفاضة الثالثة، ولهذا السبب زعمت مصادرها اليوم وأمس أنّ رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عبّاس، أصدر أوامره للأجهزة الأمنيّة التابعة له بلجم التصعيد الفلسطينيّ لكي لا "نمنح إسرائيل فرصةً للانتقام من الشعب الفلسطينيّ، كما نقلت وسائل الإعلام الإسرائيليّة عن مُقربين من المقاطعة في رام الله المُحتلّة".

وفي المحصلّة العامّة، يبدو أنّ القيادة السياسيّة والأمنيّة في تل أبيب لم تتوقّع الانفجار في الأحداث، ولكن مع ذلك عزت هذا التصعيد إلى الأحداث في المسجد الأقصى المُبارك، وليس بسبب توقّف ما يُطلق عليها بالعمليّة السياسيّة بين الدولة العبريّة والسلطة الفلسطينيّة. كما لوحظ أنّ قرارات الـ"كابينيت" لم تشمل خططًا لمُواصلة البناء في القدس المُحتلّة وفي الضفّة الغربيّة، وذلك لعلم إسرائيل بأنّ خطوةً من هذا القبيل ستزيد من الضغوط الخارجيّة والعزلة الدوليّة.
 

تصميم وتطوير