دعوات الجهاد ضد الروس وغضبة لله يا امريكا

09.10.2015 02:58 PM

وطن - كتب: خلف : منذ اللحظة الاولى للغارات الروسية على مواقع للمجموعات المسلحة في سوريا استنفرت اصوات اسلامية لدعاة ومشايخ  للجهاد ضد الروس في سوريا ، واصدرت بعض الفصائل الاسلامية في سوريا بيانات تدعو للجهاد ،كان ابرزها بيان لحركة الاخوان المسلمين في سوريا تعتبر التدخل الروسي احتلالا لسوريا والجهاد ضد الروس فرض عين على كل مسلم، وهذا يعني ببساطة ان كل مسلم اصبح مكلفا بشكل الزامي للذهاب الى سوريا وقتال الروس.

المفارقة ان تدخلا امريكيا بدأ في سوريا منذ عام تقريبا وكل يوم يعلن التحالف الامريكي عن غارات داخل الاراضي السورية ، لكن هذا لم يستدعي استنكارا او دعوات جهاد ضد الولايات المتحدة، لم يستدعي الدخول الامريكي العسكري تغطية يومية ومساحات بث خاصة لامبراطوريات الاعلام العربي الذي يفعل ذلك اليوم مركزا على ان الغارات الروسية تستهدف المدنيين ويسقط اطفلا ونساء ويزيد من معاناة السكان، في الجانب الاعلامي بات صغير الجهور العربي يفهم كما كبيره الاسباب التي تدفع لانتهاج هذه اللعبة الاعلامية التي تجعل من الروس تحت الاضواء دون غيرهم من القوى الغربية وتركيا التي عبثت طوال سنوات الازمة بالداخل السوري. ولكن ماذا عن الشق الديني والخطاب الاسلامي ، الذي ينبغي ان يكون مبدئيا. وان يقيس وفق النص والشريعة بمعيار واحد، فيبارك التدخل الامريكي بل يحثه على التدخل كما جرى في فتوى الشيخ يوسف القرضاوي على الهواء مباشرة بجواز استدعاء حلف الناتو لاسقاط نظام معمر القذافي في ليبيا، وكلام نفس الشيخ الذي يترأس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وبالصوت والصورة في خطبة شهيرة له مخاطبا الولايات المتحدة قائلا اما من غضبة لله يا امريكا في سوريا.

الحاج باراك اوباما يومها لم يستجب للشيخ ولم يغضب لوجه الله  وتراجع عن ضرب سوريا بعد ان تم تفاهم بينه وبين روسيا على تجريد سوريا من مخزونها الكيماوي الاستراتيجي .

نتابع بخيبة كبيرة حماسة الجهاد ضد الروس في سوريا واستنفار بعض الدعاة والمشايخ والعمم لاستنهاض الشباب لقتالهم في سوريا ، بينما قوات الاحتلال الاسرائيلي تقتحم يوميا باحات الحرم القدسي الشريف ويدنس اقدس مقداسات المسلمين ، ويقاتل الفلسطينيون عزلا بالحجارة والسكاكين الة الحرب الاسرائيلية ، ولا نسمع دعوة واحدة للجهاد ضد اسرائيل، ولا نسمع كلاما عن غضبة لله من اجل المسجد الاقصى.

انه ببساطة ايها الاعزاء الاستعمال السياسي والمالي للدين والشرعية ، واغتصاب للراي العام العربي والاسلامي واستهزاء بعقولنا. فمتى يتوقف هذا الغوغاء الذي دمر شبابنا ومجتمعاتنا وجعلنا امة اضوحكة بين امم الارض.

عندما دخلت القوات السعودية الى البحرين لاخماد التظاهرات السلمية هناك ، قالوا لنا انه تدخل شرعي لانه جاء بطلب من الحكومة البحرينة  واستنفرت اللحى الطويلة لتحدثنا عن انقلاب شيعي على السنة متجاهلة ان المطالب هناك كانت محصورة بالدستور وتفعيل البرلمان والمشاركة السياسية، وعندما دخلت السعودية في حرب طاحنة في اليمن وقتلت الغارات السعودية من الاطفال والنساء اكثر مما قتلت من الحوثيين  قالوا لنا هذا الرئيس الشرعي وانصار الله انقلبوا على الشرعية ، وعندما غزت قبل ذلك الولايات المتحدة العراق ساعدوها وشرعوا حربها وقالوا لنا صدام حسين طاغية والشعب العراقي يستحق الحرية، عندما غزا الناتو ليبيا قالوا لنا ان هذا الغزو شرعي لانه يحرر الشعب الليبي. وعندما اعلنت الولايات المتحدة عن نية ضرب سوريا فركوا اكفهم ببعضها حماسة وعبروا عن خيبة كبيرة عندما تراجعت، وعندما بدات غاراتها على شمال سوريا صفقوا لها وطالبوها بضرب الجيش السوري ايضا وليس تنظيم الدولة فقط. وعندما شنت اسرائيل حربها على لبنان في صيف 2006 ادانوا حزب الله وقالوا لنا هؤلاء شيعه ورافضة. وعندما شنت اسرائيل حربها على غزة قالوا للفلسطيني اذهب انت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون.

والان يستنفرون  ويرفعون عقائرهم للجهاد ضد روسيا في سوريا . ويريدون من الشباب المسلم ان يحج الى سوريا لقتال الروس وهم يتصدرون الشاشات بكروشهم المتخمة. لعمري انه ان الاون كي تصمتوا مرة واحدة والى الابد.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير