أحمد قام حقًا قام!- كتبت: رحمة حجة

13.10.2015 09:45 AM

الكثير منا نحن جمهور مواقع التواصل الاجتماعي، لم نكمل فيديو محاولة قتل الطفل أحمد مناصرة، لشدة الرعب في عينيه وصراخه الذي يحزّ جدران القلب، إضافة إلى شدة البذاءة والكم الهائل من القذارة واللاإنسانية في التعامل معه من قبل جنود الاحتلال بزيهم العسكري أو من دونه، فلا فرق لدي بين "جندي وشرطي ومستوطن ومواطن في تل أبيب" كلهم عساكر لا يتوانون عن سحب السلاح في الوقت الذي يشاؤون، ولا شيء مُستَبعد عن الاستعمار.

والكثير منّا أيضًا نحن الجمهور والنُشطاء ووكالات الأنباء، لم نُتم مشاهدة الفيديو إلى نهايته، لنكتفي بتسويق الفيديو في صفحاتنا على أنه "اللحظات الأخيرة للطفل أحمد قبل استشهاده" كما رددّت مواقع عديدة عبارة "تركوه ينزف حتى الموت" أو "قتلوه بدم بارد" ولا أعرف حقًا إن كان هناك قتل "بدم بارد" وآخر "بدم حار" وفقًا للتصنيفات البيولوجية "ذوات دم حار وذوات دم بارد"!

هذا التهوّر والتسرّع في بث الأخبار والأشعار والرثائيات والبُكائيات على الطفل الذي "قُتل" هو نفسه الذي ينفي دائمًا الرواية العقلانية والتحركات الــ"ما بعد" وقوع الفاجعة.

نحن نبكي وننسى، نقرأ ونقول "نياله شهيد" ثم نغضب في مظاهرة ونقول "بالروح بالدم نفديك يا شهيد" ولا شيء مهم بعد ذلك، لا المُحاكمات ولا مواجهة هذا العنف ولا حتى تحليل الظاهرة لوقفها، والإسرائيليون في كل مرة يختبرون الوعي الفلسطيني بجريمة وحين يرون ردة الفعل العائمة، تتكرر، وأحدث بُرهان زمانيًا لدي، هو الجريمة المماثلة في حق الشاب المُلقى مجروحًا في منطقة "رعنانا- تل أبيب".

نعم، أيها الإعلام وأيها الجمهور، بكينا وخفنا وتعاطفنا مع أنفسنا التي قد ترى مصيرًا مماثلًا من عدوٍ اعتاد الترهيب مذ احتلّ أراضينا، سابقًا عبر نشر الرعب والشائعات بين القرى من خلال مُخبريه والمساكين من المواطنين ليرحلوا عن بلادهم، والآن عبر زر "Share" في فيسبوك أو "Retweeted" في تويتر..

نعم، نرتعب كي نحذر وكي نُحاكم المسؤول عن كل هذا التكرار بسبب صمته، لكننا لا نُعطّل العقل في التعامل مع الأمور، ولعلّ أفضل ما في فيديو محاولة قتل الطفل أحمد، أنه قام، حقًا قام، وأمنيتي الأولى له بالشفاء الآن، ثم منحه عناقًا من محبيه الذين تخلخلت عظامهم حين شاهدوه.

إن كل هذه الفيديوهات يجب أن تُلقى بوجه الأمم المتحدة، المتحيّزة دومًا لإسرائيل، بطبيعة أقطابها الاستعمارية بالأساس، كما يجب أن ينتشلها رئيسنا من بين رماد قلوبنا، ويقرر حيالها الخطوات الحقيقية لا "القنابل" منزوعة الفتيل.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير