حين تطمئن الام ان ابنها اسير وليس شهيد

25.11.2015 03:20 PM

وطن:  كتبت عميرة هاس

قالت لي صديقة بعد أن اعتقل ابنها للاشتباه في مشاركته في مظاهرات ضد الاحتلال بأنها شعرت بالراحة في هذه الفترة بالذات. وقالت في احاديث بين الاصدقاء إن من الافضل ان يدخل ابنها الى السجن. هكذا لم تقلق من استعراض القوة الاسرائيلية وغياب الافق الشخصي المهني، الامر الذي قد يدفعه لعمل ما يعمله شباب آخرين. أي محاولة الهجوم على جندي أو مستوطن. “لكن قتل أحد بغض النظر من هو سيغيره من الداخل والى الأبد”، فتكون النتيجة سلبية. (آلاف الأمهات الاسرائيليات يجب أن يقلقن بسبب التغيير الذي يحدث لابنائهن بسبب حرية قتل الفلسطينيين التي تمنحها الدولة لهم. لكن يبدو أن معظمهن لا يقلقن. بل العكس، إنهن يتفاخرن ببطولة ابنائهن الذين يتجندون للدوس على وطنهم).التفسير الآخر لماذا من الافضل أن يجلس الآن في السجن، لم يتم ذكره: هكذا لن يستطيع قتله الجنود أو المستوطنين.

رغم صعوبة الامر فان حديث صديقتي كان منعشا: إنها لا تنفي ولا تتنصل من المس الشيطاني الذي يسيطر على الشباب الفلسطينيين الذين يستمرون في تقليد بعضهم البعض في الهجمات الفردية التي تؤدي الى الضياع. كلمات مشابهة لكلماتها لا يمكن أن تُسمع في اللقاءات الصحفية، وبالذات بعد سماع أي عائلة فلسطينية عن أن الجنود أو مستوطن أو مواطن اسرائيلي قاموا بقتل أبنائهم أو بناتهم الصغار أو الشباب بسبب طعنهم أو حيازتهم للسكين أو قاموا بالدهس. الاعدامات السريعة بدون محاكمة هي سبب من الاسباب بأن العائلات الفلسطينية بما في ذلك الصحفيين يُظهرون عدم الثقة بالروايات الاسرائيلية الرسمية حول الهجوم ويرفضون فكرة أن الشباب اختاروا الموت مسبقا.

بمباركة قضاة محكمة العدل العليا قام الجيش الاسرائيلي بهدم شقة قبل اسبوع في مخيم قلندية للاجئين. وأول أمس تم اطلاق النار على فتاتين قاصرتين من نفس المخيم – احداهن قُتلت والثانية أصيبت اصابة بالغة – حينما خرجن لطعن اسرائيليين بجانب سوق في القدس. هل فكر أحد القضاة للحظة: هل اخطأنا وهل هدم البيت لا يردع بل العكس؟.

“لا حاجة الى جمع الكراسي أو تفكيك خيمة العزاء لأننا سنضطر عما قريب من اقامتها مجددا”، قال عدد من الشباب في احدى خيام العزاء الكثيرة التي أقيمت في الآونة الاخيرة. إنهم يعرفون جيدا ما هو تأثير الاقتحامات الليلية لعشرات المنازل، والاعتقالات التي لا تنتهي والتحقيقات لجمع المزيد من المعلومات المُدينة والمُهينة، هدم المنازل، العنف الكلامي والفيزيائي للجنود وفصل القرى والمدن عن بعضها البعض. الانتقام الجماعي يشجع على المزيد من الهجمات الفردية، الأمر الذي يساعد ايضا على دفن النقاش الفلسطيني الداخلي الجماهيري والاعلامي لهذه الظاهرة.

لاسكات النقاش الفلسطيني الداخلي توجد عوامل اخرى. مثلا حقيقة أن المشبوهين بقتل عائلة دوابشة معروفين للسلطات، لكنهم لم يُحاكموا. الزعزعة الاسرائيلية من القتل هي فتيل قصير من التلون. ايضا: العقوبة المخففة التي اصدرتها القاضية دانا كوهين ليكح ضد شرطي من حرس الحدود، الذي ضرب الطفل طارق أبو خضير في القدس. ولم تساعد جنسية أبو خضير الامريكية بأن تدفعها الى التظاهر بأن القضاء الاسرائيلي لا يميز بين العنف الفلسطيني والعنف الاسرائيلي. وايضا: استمرار احتجاز أكثر من 30 جثة لقتلى فلسطينيين. إن هذا تعذيب جماعي ليس فيه أي منطق أمني. هذا هو عدد من الاسباب الفورية التي تساعد على استمرار ذهاب الشباب للانتحار.

حقيقة أن الاعدامات والانتقام الذي يتكرر تؤدي الى استنتاج أن السياسيين ورجال الجيش والقضاة في اسرائيل أغبياء، والشعب الذي يشجعهم هو شعب أعمى أو أنهم معنيون بالتصعيد وتوسيع افعال اليأس الفلسطينية.

تصميم وتطوير