أما أنا فلست فخورا../ بقلم: أيمن حاج يحيى

02.08.2011 10:02 AM

"وأخيرا أصبح هنالك شعب إسرائيلي نفتخر بالانتماء إليه".. هذه المقولة هي تصريح للسيد عصام مخول، الأمين العام السابق للحزب الشيوعي الإسرائيلي أدلى به إلى أحد وسائل الأعلام العربية المحلية بتاريخ 31/7/2011 تعقيبا منه على حركة الاحتجاج في الشارع اليهودي على سوء الأوضاع الاقتصادية.

انقلب السحر على الساحر وبدأت مدينة الرمل بالتشقق والحلم الصهيوني يواجه أزمته، أرض الحليب والعسل لم يعد حليبها وعسلها يكفي لكل المستجلبين، واتسع البون بين طبقات الغانمين فأعلنت صرخات الاحتجاج على الظلم وعدم العدل في تقسيم الغنائم.

بدأت الصرخة ترتفع بعد أن أصبح حليب أرض الميعاد غالي الثمن، فكانت صرخة "الكوتج" ومن ثمة تلتها صرخة السكن وتلتها صرخة عربات الأطفال فصرخت نساء تل أبيب "لا يمكننا تربية طفل في هذه الظروف"، وصرحت إحداهن معبرة عن سوء الوضع وقالت" تخيلوا بأنني اضطررت إلى تقليص اشتراك ابني بأكثر من دورة صيفية نتيجة غلاء الأسعار.. ماذا ينتظرون أن الغي اشتراك ابني في بركة السباحة البلدية أيضا".

أما في العراقيب المهدمة على رؤوس أهلها للمرة الثلاثين وتحت سياط شمس الصحراء الحارقة نجد أصحاب الأرض المسلوبة جهارا نهارا لصالح أولئك المحتجين في شوارع حيفا وتل أبيب فوق أنقاض قريتهم يحاولوا أن يستوعبوا التقليعة الديمقراطية الأخيرة وهي إلزامهم بتكاليف هدم قريتهم وسلب أرضهم .

لسنا بحاجة لطول شرح لنبين الفرق بين نضالنا الشرعي والعادل نحن أصحاب الأرض وأهلها الأصلين وبين ما يحدث في الشارع الإسرائيلي من حركة احتجاج من شرائح معينة من الغالبية اليهودية على سوء الأوضاع الاقتصادية.

هذه الغالبية التي تواجه أوضاعا اقتصادية لا تتلاءم مع توقعاتها من الوعود المعسولة المتكررة من المؤسسة على مدار أكثر من ستة عقود، اذ كانت هذه الوعود بالجنة الاقتصادية والاجتماعية على أرضنا هي الجزرة التي أقنعت غالبية المستجلبين بالقدوم إلى البلاد والمساهمة بكل مشاريع حروب دولتهم وكل مشاريع الاستيطان وما ترتب على ذلك من أسلوب حياة.

رغم أن هذه الحقائق والتي نسردها باختصار يعلمها أصغر أطفال شعبنا، وليس منا من هو متوهم فالكل يدرك أنه لا يوجد شيء مشترك بين نضالنا الوطني واحتجاجاتهم.

 

إلا أن البعض، وأن كانوا منا وعلينا، ظنوا ولو لوهلة أن حلمهم الوردي القديم الجديد ها هو يتحقق، حلم النضال العربي اليهودي المشترك الذي طالما راودهم ودغدغ مشاعرهم ووجدانهم إلى حد النشوة، اعتقدوا انه أخيرا انهار الحاجز النفسي ويستيطعون الآن أن يعودوا ليبشروا مجددا بنبوءتهم التي غيبت لفترة عن رأس القائمة مجارة للواقع فالفرصة مواتية لاستبدال معادلة الصراع العربي اليهودي بمعادلة الصراع الطبقي ما بين أغنياء وفقراء دولتهم الرشيدة.

وبما إن شعبهم وطبقاته "الكادحة" استيقظت أخيرا من سباتها ونزلت إلى الشارع فهم فخورون بهم وفخورون بالانتماء إليهم.

وقد يحق لنا أن نسأل أحبار وكهنة الوطنية الإسرائيلية وتحديدا في هذه الأيام ما المشترك بين ابن سخنين المسلوبة أرضه والممنوع من البناء على ميراث أجداده، وبين المّوطنين في "مسجاف" المقامة على أرضه؟ ما المشترك بين ابن الطيبة المصادرة أرضه لصالح مستوطنة "تسور يتسحاق" وبين الموّطن في "تسور يتسحاق" الذي يحتج على غلاء أسعار الشقق في المستوطنة؟ ما المشترك بين الذين يحتجون على غلاء أسعار الشقق في مستوطنة "حريش" التي أقر مؤخرا توسيعها بآلاف الشقق وبين أصحاب الأراضي المصادرة المقامة عليها مستوطنة "حريش"؟ ما المشترك بين تلك التي تحتج على غلاء أسعار دورات السباحة في مستوطنات النقب وبين أهل العراقيب الذين حرموا سقف يقيهم حر الصيف وشربة ماء تروي ظمأهم ؟

المشترك شيء واحد أنهم طرفي نفس المعادلة، معادلة الجاني والمجني عليه، معادلة الظالم والمظلوم، معادلة السالب والمسلوب، فكيف يلتقيان؟

من حق أي شخص أن يشعر بالفخر لأي جهة يريد الانتماء أليها.

أما عن نفسي والسواد الأعظم من شعبنا فنحن لا نرى أنفسنا ننتمي لهم، وبالتالي لا نشعر بالفخر لانتماء غير قائم.

بل نحن فخورون بانتمائنا لشعبنا العربي الفلسطيني صاحب الأرض والحق، وبانتمائنا لقضيتنا العادلة التي لم ولن تسقط بالتقادم وكانت وستبقى قضية أرض وشعب وهوية، ولن تصبح قضية مطالب مدنية وليس لنا غير هذا الانتماء نفخر به.

......................................

أقلب الغريب كقلب أخيك؟

أعيناه عينا أخيك؟

وهل تساوي يد.... سيفها كان لك

بيد سيفها ثكلك

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير