خشيّة من العزلة: مفاوضات سريّة بين تل أبيب والاتحاد الأوروبيّ

10.02.2016 03:17 PM

وطنبعدما اعتبرت أنّ عزلتها الدوليّة باتت تُشكّل تهديدًا إستراتيجيًا على أمنها القوميّ، تتحرّك إسرائيل ضمن القوس الممتدّ من تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، بهدف تحسين العلاقات المتوتّرة معهما. فبعد قرار الاتّحاد وسم منتجات المستوطنات في إطار حملة المقاطعة، ومن ثمّ إعلان إسرائيل قطع كل الاتصالات معه في كل ما يتعلّق بما يُطلق عليها عملية السلام، بدأت، اليوم، مفاوضات سريّة للتوصّل إلى تفاهمات من شأنها أن تعيد العلاقات إلى مسارها السليم، على حدّ تعبير المصادر السياسيّة في تل أبيب

وقال مُراسل صحيفة “هآرتس″ العبريّة، للشؤون السياسيّة باراك رافيد، نقلاً عن المصادر عينها، إنّ مفاوضات سريّة تجرى بين إسرائيل والاتّحاد الأوروبي لإنهاء الأزمة التي نشأت بين الجانبين على خلفيّة قرار الأخير وسم المنتجات القادمة من المستوطنات الإسرائيليّة.

وأشار في الوقت عينه إلى أنّ الجانبين معنيان بتجديد المفاوضات بالشأن الفلسطيني، والتي جمّدتها إسرائيل قبل ثلاثة أشهر تقريبًا. وفي هذا الإطار، صرّح مسؤول رفيع المستوى للصحيفة بأنّ إسرائيل اشترطت على الاتّحاد الأوروبيّ، التزام موقف أكثر احترامًا وتوازنًا من أجل إعادة المفاوضات بالشأن الفلسطيني، واعتبر أنّ قرار الاتحاد بوسم المنتجات هو بمثابة القرار الأحادي الجانب، لأنّه يتبنّى الرواية الفلسطينية، على حدّ تعبيره.

يشار إلى أنّه في وقت سابق، قامت المديرة العامة السياسية للخدمات الخارجية في الاتّحاد الأوروبي، هيليغا شمديت، بزيارة سريّة لإسرائيل، التقت خلالها بطاقم إسرائيلي يشرف عليه المدير العام لوزارة الخارجيّة، دوري غولد. واشترك في الطاقم الإسرائيلي ممثلون عن هيئة الأمن القومي، وممثلون عن بعض الوزارات وهيئات أخرى. وأتت هذه الزيارة إثر لقاء جمع بين رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغريني، قبل ثلاثة أسابيع، على هامش منتدى “دافوس″ العالمي للاقتصاد. أمّا على صعيد العلاقات مع تركيا، فقد أفادت الصحيفة الإسرائيليّة بأن لقاءً سيجمع اليوم بين وفدي تفاوض إسرائيلي وآخر تركي، في مدينة بريسيل، وذلك بهدف التوصّل إلى آخر تفاصيل للتسوية بينهما.

وسيشترك، وفق الصحيفة، مبعوث رئيس الحكومة الإسرائيليّ للمفاوضات، يوسف تشيخنوبر، ونائب المستشار للأمن القومي، يعكوف نيغيل. وفي الوفد التركي، سيشترك نائب وزير الخارجية التركي، فريدون سينيرلولو. وفي هذا الشأن، قال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى للصحيفة إنّ غالبية التفاصيل النهائية للتسوية جاهزة تقريبًا، باستثناء نقطتين لا تزالان محل خلاف.

وأوضح أنّ الأولى هي المطالبة التركية بمسلك بحري حر لقطاع غزة يتيح لقطعها البحرية الإبحار من دون تدخل إسرائيلي. أما النقطة الثانية فهي وجود حركة “حماس″ على الأراضي التركية، في إشارة إلى ادعاء إسرائيل وجود شبكات، تصفها بالإرهابية، تابعة لناشطين من الحركة.

وذكرت الصحيفة الإسرائيليّة أنّ تركيّا طلبت من قيادة حركة حماس الموجودة على أراضيها، تقليص نشاطاتها العسكرية ضد إسرائيل، موضحةً أنّ الطلب التركي نُقل إلى القيادي في الحركة صلاح العاروري. وأضافت الصحيفة أنّ الحكومة التركية لوّحت مرارًا للعاروري طالبة منه تخفيض وتيرة نشاطاته ضد إسرائيل، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنّ الرسالة وصلت إلى الأخير، عبر أجهزة الاستخبارات التركية التي تتهمها إسرائيل بغضّ النظر عن نشاطات حماس العسكرية في تركيّا. أمّا عن أسباب الطلب التركي، فقد ذكرت (هآرتس) أنّه أتى على خلفية القلق من التعرض لانتقادات أمريكيّة واتهامات بدعم الإرهاب، كما أوضحت أنّ الأجهزة الأمنية الإسرائيلية سبق أنْ احتجت على نشاطات حماس في تركيا، متهمةً أجهزة الأمن التركية بأنها تغض النظر عن نشاطات حماس في تركيا.

وتابعت (هآرتس) قائلةً إنّ هذه التقارير أثارت ضجة في تركيا، فيما يبدو أنّ الولايات المتحدة الأمريكيّة قد طلبت توضيحًا من الحكومة التركية التي دعت بدورها حماس إلى تقليص نشاطاتها. وبحسب تقرير (هآرتس)، يشغل العاروري منصب قائد منطقة الضفّة الغربيّة لحركة حماس من تركيا، بعدما أبعدته إسرائيل من منطقة رام الله، قبل خمس سنوات. يُشار إلى أنّ وزير الأمن الإسرائيليّ، وبتوجيه مباشرٍ من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، كان قد عبّر عن غضبه من أنّ المجتمع الدوليّ يسمح لدولٍ بدعم الإرهاب في الوقت، الذي تظل فيه هذه البلدان تتمتع بعضوية كاملة في منظمات دولية محترمة مثل الأمم المتحدة، وفي حالة تركيا، الناتو أيضًا، الأمر الذي اعتبرته المصادر الإسرائيليّة انتقادًا غير مباشر لأمريكا.

وتابع الوزير الإسرائيليّ قائلاً إنّ مركز قيادة حماس في الخارج يجلس في إسطنبول، صلاح العاروري هو الرجل الذي يجلس هناك، في إشارة منه إلى المسؤول الكبير المُقيم في أنقرة، والذي يتمتع بدعم مسؤولين محليين.

تصميم وتطوير