لمن وقعوا في مصيدة الديون واستنزفتهم القروض: هل هناك بصيص أمل؟

12.02.2016 06:02 PM

وطن - كتب: ذوقان قيشاوي: يعاني الكثير من الأشخاص من المشاكل المالية وما يترتب عليها من آثار سلبية تنغص حياة الإنسان، فكثيراً هم الذين وقعوا فريسة الديون والقروض والنمط الاستهلاكي، وأصبحوا يلهثون على مدار الشهر من أجل تغطية النفقات المتزايدة وما يتعبها من أعباء متعلقة بالديون أو القروض، هذا النمط من الحياة لا يسر عدو ولا صديق، ويقع الإنسان في خانة الإحباط والاكتئاب، ويبقى في دوامة الحلول اللحظية، فالكثير تورطوا بقرض إضافي لتغطية القرض الحالي، والكثير اتبعوا إستراتيجية "تلبيس الطواقي".

ليس هناك حلولاً سحرية في ثنايا هذه المقالة، وليس هناك أفكاراً تجعلك مليونيراً خلال 24 ساعة أو هناك حيلة لتربح ورقة يانصيب،  ولكن هناك تعمق في التحليل قد يساعد على تغيير الاتجاهات والسلوك، وهناك بعض الأفكار النوعية وغير التقليدية والتي يمكن أن تخرجك من بعض هذه المآزق ذات العلاقة.
تتراكم الديون والأعباء المالية نتيجة عدم وجود توازن بين مصادر الدخل وقنوات الإنفاق، وللتعامل مع هذا الواقع فهناك إستراتيجيتان، الأولى تتعلق بتقليل التكاليف وضبط الإنفاق، وهذه ليست بالمهمة السهلة للشخص الذي تعود على نمط حياة معينة، ولكنها قد تكون فعالة في الكثير من الأحيان،  وهذا يتطلب القيام بتمرين جدي وبطريقة واقعية وهي أن نسجل قائمة بكل ما ننفقه في الشهر وبشكل مفصل، ثم فحص إمكانية ضبط أو تقليل الإنفاق من خلال وضع تصنيفات مهم وأقل أهمية وكماليات، الكثير ممن قاموا بهذا التمرين، وجدوا أن هناك مساحة يمكن اللعب بها، وقد تتطلب تغيير النمط الشرائي وأماكن الشراء، هذا بالإضافة إلى ترتيب أولويات الشراء، والتركيز عليها، أما الإستراتيجية الثانية فهي تتعلق بزيادة وتعظيم الإيرادات، وهذه تتطلب السير في أحد المسارين التاليين:-
أولاً: استكشاف القدرات الشخصية، وبلورتها بطريقة جاذبة (الترويج لها) كي تساهم في زيادة الدخل، هناك العديد من التجارب لمن اكتشفوا في ذاتهم المقدرة مثلاً على الترجمة، التدريب، التخطيط الاستراتيجي، عمل الاستشارات، الرسم، التصميم وغير ذلك من المهارات المتعددة، ويشترط هنا أن تكون تلك الخبرات ذات جودة عالية يتوجب أن تنعكس في الخدمة المقدمة، ويفضل هنا أن يتم العمل وبشكل مستمر على تطوير هذه المنظومة من الكفايات وصقلها باستمرار، هذا بالإضافة إلى البحث عن فرص جديدة ونوعية لبناء القدرات الذاتية، يفترض أن يمتلك هؤلاء الأشخاص شبكة علاقات نوعية تساهم في نشر خبراتهم والترويج لها، لقد نجح الكثيرون في هذا المجال ولم يتوقفوا عند معضلة الدخل المحدود من الوظيفة أو شبح البطالة، واستطاع الكثير منهم التعمق في احتياجات السوق فيما هذه الخبرات، ووضعوا الخطط والموازنات لاكتساب خبرات نوعية ومتطورة من أجل ايجاد قدم لهم في السوق.

ثانياً: الاستثمار في فرص نوعية والتي لا تحتاج إلى رأس مال كبير، فهذه الفكرة ستؤدي إلى تعظيم الإيرادات والتي يمكن الاستفادة منها في تنمية ذات الاستثمار أو الدخول في مجالات مختلفة، هناك نماذج لأشخاص قاموا بشراء قطع أراضي في أماكن بعيدة عن مركز القرية وبأسعار مغرية جداً، وقاموا باستصلاحها وزراعتها ومن ثم بيعها بأضعاف مضاعفة، وهذا يتطلب تنظيماً فيما يخص الادخار وتوفير بعض المبالغ، هذا بالإضافة إلى البحث عن فرص استثمارية من السهل تمويلها.

لا ننكر أن متطلبات الحياة كثيرة ومتزايدة، ولكن يفترض أن نمتلك الكثير من المهارات فيما يخص الإدارة للمالية للأسرة، فهناك فرق جوهري ما بين البخل وما بين الإدارة المالية، وهذا يقودنا إلى أن هناك ثلاثة تصنيفات من الناس في هذا المجال وهي.

التصنيف الأول C : وهم الأشخاص الذين يستهلكون، لا أحد ينكر أن الاستهلاك مهم، فهو جزء من حياتنا ولكن عندما نقع ضحية النمط الاستهلاك سنبقى في هذا المربع، والمصيبة الكبرى أن الاستهلاك يزداد بوتيرة عالية بالمقارنة مع الزيادة في الدخل، وهذا يتطلب مراجعة ذاتية وواقعية لنمطنا الاستهلاكي والعمل على تغيير ذلك قدر الإمكان.

التصنيف الثاني S : هؤلاء الأشخاص الذين يهتمون بالادخار، وهذا شيء جيد، ولكن نرى أن بعضهم يدخر ليستهلك بعد فترة، فيقعوا أيضا في مطب الاستهلاك وتستمر هذه العملية وتتكرر باستمرار.

التصنيف الثالث I : وهؤلاء هم الذين يمتلكون فكر استثماري وريادي, ويخلقون الفرص، فهم يستهلكون الأشياء المهمة والضرورية، ويدخرون ومن ثم يستثمرون، ويعودون يستهلكون ولكن ليس من رأس المال بل من الأرباح، ويوسعون قاعدة الاستثمار.

الكثير منا هم بحاجة إلى مراجعة جذرية في هذا المجال كي يستمتعوا بحياتهم، ولا يقضوا معظم العمر بجانب الصراف الآلي ليجدوا الفتات به بعد خصم القروض، أو أن يعيشوا في الظلام مختبئين من الدائنين، الحياة هي أجمل من ذلك، ونستطيع أن نبدأ من اليوم بمراجعة حساباتنا والتفكير بشكل جدي في التغيير حتى نستمتع بالحياة، فلنجرب ذلك.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير